حل يوم الأحد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالجزائر في زيارة رسمية ستدوم 3 أيام، يلتقي خلالها برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.وكشف وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها منذ تولي تبون رئاسة البلاد تهدف إلى التنسيق بين البلدين، من أجل إعطاء القضية الفلسطينية الأولوية على جدول أعمال القمة العربية المزمع عقدها شهر مارس المقبل بالجزائر.وأوضح المسؤول الفلسطيني في تصريح إعلامي أن محمود عباس سيتباحث مع القيادة الجزائرية حول العديد من القضايا وكل ما يخص العلاقات الثنائية بين الجزائر وفلسطين.

لا شك أن هذه الزيارة ستتطرق إلى التحضيرات للقمة العربية القادمة، بالإضافة إلى الدور الذي تؤديه الجزائر في الأمم المتحدة وفي المنظمات الأممية والإقليمية.

تأتي الزيارة في سياق التحول الذي عاشته/وتعيشه جزائر ما بعد الحراك، وعلى خلفية العلاقة المغربية الإسرائيلية المستأنفة، وعقب زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمغرب.


على مستوى الداخل الجزائري، جاءت الزيارة مباشرة عقب آخر انتخابات تعرفها الجزائر في عهدة الرئيس تبون وعلى مستوى الداخل الفلسطيني تصنيف بريطانيا لحركة حماس كمنظمة إرهابية، أما على مستوى بلدان الجامعة العربية كما هو ظاهر للعيان، سيرورة هيكلة الحقل السياسي في العراق، سوريا، لبنان واليمن تفاعلا مع هيكلة بعض بلدان شمال أفريقيا: ليبيا، تونس والسودان. وهذا التحول الذي ترتب عن ثورات 2011، وانشطر الصف العربي إلى محورين: أحدهما يرى مصلحة العرب في ضم إسرائيل إلى العائلة الناطقة باللسان العربي والآخر يرى مصلحة العرب في تعزيز جبهة المقاومة ومناهضة التطبيع، ويخشى المناهضون على ضياع الجزائر من يدهم بوصفها آخر قلعة "للثوار وحركات التحرر"، حتى أن ناشطين بارزين من أصل يهودي يعملون باستماتة على إبقاء الجزائر دولة معادية لإسرائيل وللمغرب فضلا عن ناشطين مغاربة وعرب ومن جنسيات من مختلف أرجاء العالم.

المثقفون اليهود الذين يدعمون الجزائر لأسباب غامضة من ضمنهم جاكوب كوهين المغربي اليهودي المقيم بفرنسا، وألين مختفي المقيمة بأمريكا والتي زارت الجزائر في غمار الحراك الشعبي وقدمت عددا من المحاضرات حول ثورة التحرير الجزائرية، وقد كانت من أبرز المناصرين للقضية الجزائرية في حرب التحرير.

يمكن القول أن حتى الجزائر لها يهودها الذين يتفقون معها في سياستها، ويبدو أن القمة العربية ستكون قمة للتفاوض بين المحورين: محور الإمارات السعودية والمغرب ومن والاهما، ومحور قطر والجزائر ومن يدور في فلكهما. عدد أعضاء الجامعة العربية 22 بلدا، من ضمنها ست بلدان طبعت بشكل رسمي  مع إسرائيل وهناك ثماني بلدان بعضها يقيم علاقات غير نظامية مع إسرائيل أو ضمن المرشحين للتطبيع، وتبقى ثمانية بلدان تمثل بشكل كلي أو جزئي محور الممانعة، على رأس هذا المحور الجزائر بوصفها بلدا مازال يتوفر على القوة إلى جانب الكويت أما بقية بلدان هذا المحور كلها دول فاشلة وتعيش مرحلة تحول شديدة الحرج.

تبدو وضعية الجزائر في عهد عبد المجيد تبون الآن، شبيهة بوضعية جزائر زروال عام 1997، ووضعية القضية الفلسطينية اليوم شبيهة بوضعيتها ما بعد اتفاقيات أوسو، غير أن عراق اليوم ومعه سوريا ولبنان واليمن يختلف جذريا عن عراق التسعينيات، والشبكات ذات النزعة العروبية والإخوانية والخمينية اليوم تفقد قلاعها (تركيا وإيران)، وبالتالي فإن القمة العربية ستخرج بخارطة طريق تضمن الحد الأدنى من التوافق بين المحورين. كيف ذلك؟ هذا ما ستتضح معالمه بعد شهر أو أكثر