لم ترفع بعد من قائمة اليونسكو للتراث اسماء خمس مدن اثرية ليبية مدرجة ضمن هذه القائمة الثقافية العالمية .. وذلك في ورقة تحذيرية اعادت اصدارها اكثر من مرة للتحذير، واشارت فيها إلى أن هذه المدن تعد من المدن المعرضة للخطر بالتالي عدم مقدرة الجهة الوحيدة بالعالم التي تعني بمثل هذا الارث العالمي بحماية المدن ومتابعة رعايتها والاهتمام بها. 

وتسعى كل دول العالم خلف هذه المنظمة، لكي توضع اسماء معالمها الاثرية والتاريخية ضمن هذه المؤسسة، للعديد من الاسباب ومنها أن القيمة السياحية والمادية والثقافية للاماكن التي تضاف لهذه القائمة تتضاعف عشرات المرات، ومنها ايضا أن وجودها بالقائمة يجعلها تحت رعاية خبراء وعلماء وجيولوجيين ومهتمين من نخبة المهتمين بالإرث العالمي، اضافة لحرص ومتابعة هذه المنظمة لمثل هذه الارث الانساني بشكل مستمر ودائم.

هذه المنظمة والتي تعد الرافد الثقافي لهيئة الامم المتحدة ..والتي تعد الجهة الاكثر علمية في هذه المجالات، في حين احتاجت الدول أو المدن المدرجة بالقائمة الذهبية لها للاستشارات او للخبراء في مجال الترميم والرعاية والمتابعة وفي زيادة البحث والتنقيب والكشف عن مثل هذه المناجم الإنسانية الاثرية، والتي تروي للعالم تاريخ البشرية وتطورها وحركتها وايضا ما نتج عن هذه الحضارات القديمة من ابداعات ثقافية كانت تعد معجزة بزمنها.

وقد حظيت خمس مدن ليبية من فترة بشرف دمجها بقوائم اليونسكو، لكن هذه المنظمة وبعد الاحداث التي مرت بها ليبيا بعد 2011 والتي عرضت العديد من المواقع الاثرية في ليبيا والتي لا تعد ارثا ليبيا فقط لكنها ونتيجة اهميتها تعد ارثا انسانيا عالميا، لأعمال التخريب والعبث بها وبمقدراتها التاريخية والعلمية دفعت هذه المنظمة لإصدار اكثر من تحدير اشارت فيه إلى أنه لو استمرت اعمال التخريب بهذه المواقع فان اليونسكو ستضعها تحت الحالة القاهرة، وانها لا تملك أي سلطة للاهتمام بها ومتابعتها علميا أو انسانيا وانها لا تملك الا ان تقف مكتوفة اليد امام ما يجري من عبث وتخريب واعمال صبيانية لذا لا مفر لهذه المنظمة الا اخراج هذه المدن من دائرة اهتمامها وهذا ما اكده تكرار ادراج اسماء هذه المدن ضمن قوائمها التحذيرية المتكررة والتي كان اخرها بيانها الذي اصدرته سنة 2017 .. وهذه المدن هي 

1ــ (لؤلوة الصحراء) هذا ما اتفق عليه ان يكون اسمها المدينة القديمة (غدامس) هذه المدينة لا تملك الا أن تسرق دهشتك من فرط سحرها، وهي تعد من اقدم المدن الليبية وتقع بالطريق المؤدي لدول افريقيا جنوب ليبيا، وهي منارة ثقافية اسلامية قديمة اسهمت في نشر الاسلام بكل تلك الربوع، كما كان يقصدها الكثير من طلبة العلم لغرض التحصيل العلمي الديني وتعد بنيتها المعمارية القديمة والتي شيدت بالخام المحلي لمنطقة صحراوية بحد ذاتها معجزة زمنها وبدلالة صمودها رغم القرون والظروف الصحراوية المحيطة وتقلباتها ليومنا هذا. 

2ــ الموقع الأثري في مدينة سوسة شرق ليبيا هو مدينة وميناء بحري وموقع متوسطي تحيط به عدة مدن اغريقية (التي سميت المدن الخمس) وهي مدن متراصة شيدها اليونانيون من العالم الإغريقي القديم وتعد من اجمل المدن اليونانية على ضفاف المتوسط الجنوبية وكانت حاضرة مدنية تجارية ازدهرت بها التجارة بين ضفتي المتوسط ولكون اليونان اهل علم وفلسفة وفكر فكانت سوسة والمدن الاغريقية حولها منارة للعلم في العالم القديم. 

3ــ المواقع الصخرية الفنية في جبال أكاكوس على الحدود مع الجزائر التي تتميز باحتوائها ومحافظتها داخل الكهوف والمغارات على العديد من اللوحات يعود تاريخها إلى ما بين 12 ألف عام قبل الميلاد إلى 100بعد الميلاد وتعد من اكبر الدلائل في العالم على وجود اكبر التجمعات الانسانية القديمة بليبيا.

4 ـ مدينة لبدة ..الواقعة على البحر المتوسط وبقلب مدينة الخمس غرب مدينة طرابلس حاليا وهي موقع اثري يعود انشاؤه لزمن الفينيقيين بليبيا, لكن في الزمن الروماني صارت من اكبر المدن الرومانية خارج العاصمة روما (خاصة بعد التوسعة التي قام بها امبراطور روما سبتموس سيفروس القب بالليبي كونها مسقط راسه) لذا عدت عاصمة روما على ضفتها الجنوبية كونها تملك مقومات المدينة الحقيقية، وهذا ما دلت عليها مساحتها الشاسعة وكثرة المرافق المدنية بها، وهذا فقط المستكشف منها فكل خبراء الاثار اجمعوا أن ما هو ظاهر منها على الارض ما هو الا جزء يسير جدا من المستكشف منها. 

5ــ مدينة صبراته والتي هي الاخرى تقع على ساحل المتوسط وللشرق من مدينة طرابلس وهي من ضمن ثلاثي المدن الفينيقية (طرابلس لبدة صبراتة) ومن اوائل المدن التي شيدت على شاطي المتوسط زمن الهجرات الاولى وبعد ان ورثها الرومان بعد هزيمة الفينيقيين زادت اهميتها البحرية والتجارية، وهي ميناء بحري روماني مهم به العديد من الإنشاءات الرومانية التي لاتزال شواهدها قائمة الى يومنا هذا، مما دل على رفاه ساكنيها بذاك الزمن البعيد بتلك الفترة، ومنها مسرحها الروماني الشهير والحمامات والقصور والطرق وغيرها من المرافق ولازالت شواهد عظمتها قائمة الى اليوم ..ومن غير العصر الروماني ..تعتبر مدينتا الخمس وصبراتة موقعين تجاريين هامين على البحر الأبيض المتوسط، كانتا ذات يوم جزءًا من المملكة النوميدية الزائلة في ماسينيسا قبل الاكتساح الروماني.

وترجع المنظمة الأممية سبب تواصل وضعها المواقع الليبية الخمسة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المهدّد، إلى عدم الاستقرار الذي يؤثر على البلاد، والخطر الذي تمثّله الجماعات المسلحة وأمراء الحرب على هذه المواقع، بالإضافة إلى عدم تقديم السلطات الليبية معلومات علمية موكدة وبصفة مستمرة مواعيد ثابتة عن وضع المواقع الخمسة.