على الرغم من وصفه بأنه "أعجوبة العالم الثامنة"، كونه أضخم مشروع لنقل المياه في العالم، ما يزال مشروع النهر الصناعي العظيم" يعاني الاعتداءات والتخريب من قبل الخارجين عن القانون.

مدير مكتب الشؤون الإعلامية بجهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي المهندس صلاح الساعدي، في حواره مع «بوابة إفريقيا الإخبارية»، قال إنه "ولكي نقيم الوضع الحالي لمنظومات النهر الصناعي لابد أن نرجع بالذاكرة قليلاً لعشر سنوات مضت، حيث كان الوضع العام للمشروع قبل أحداث 17 فبراير عام 2011 مختلفاً نهائياً عن الوضع بعد هذا التاريخ"، وتابع، "حتى عام 2010 كانت الإنتاجية المائية قد وصلت لقرابة 2 مليون متر مكعب في اليوم، وكانت الأعمال سارية في باقي المشروعات لوجود الشركات الأجنبية المتخصصة والمقاولين المحليين لتحقيق الهدف الإستراتيجي للمشروع وهو إنتاج ستة ملايين متر مكعب من المياه يومي".

وأضاف الساعدي، "لكن بعد أحداث 2011 تغير كل شيء، حيث خرجت الشركات العاملة بالمشروع بسبب الحرب، وتعرضت المنظومات لمختلف أنواع الاعتداءات والانتهاكات من أعمال سرقة ونهب وتدمير وتخريب وخطف، عليه حاولت إدارة الجهاز العمل بأقل الإمكانيات، وفي أصعب الظروف والحمد لله نجحنا في الخروج من عنق الزجاجة، واستمر التدفق المائي، ولكن انخفضت معدلات الإنتاج بشكل كبير وكادت أن تتوقف".

وأوضح الساعدي، أنه تم وضع خطة إستراتيجية 2019- 2023، وتتمثل في سياسة الثبات والاستقرار، بالمحافظة على الوضع المائي في تلك الفترة ومحاولة العودة لما كان عليه الوضع قبل الأحداث، مشيرا إلى أن الجهاز نجح في تحقيق ذلك إلى حد كبير، واستمرت معدلات الإنتاج في النمو تدريجياً حسب الإمكانيات المتاحة حتى وصلت معدلات الإنتاج إلى اثنين مليون و150 ألف متر مكعب يومياً.

مخاوف من التغيرات المناخية

وفي وقت تعالت فيه المخاوف من آثار التغير المناخي على مصادر المياه، أكد الساعدي، أن التغيرات المناخية سيكون لها تأثير سلبي، ولكن ليس بالشكل الذي قد يوقف الإمداد المائي للبلاد.

وطمأن الساعدي، الشعب الليبي بأن المخزون الجوفي في البلاد كبير ويكفي لآلاف السنين، لافتا إلى أن ليبيا تتمتع بشريط ساحلي طويل يمكن استثماره لو توفرت الإدارة المائية الرشيدة. 

مسلسل الاعتداءات

وفي حواره مع «بوابة إفريقيا الإخبارية»، حذر مدير مكتب الشؤون الإعلامية بجهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي المهندس صلاح الساعدي، من النتائج وخيمة لاستمرار مسلسل الاعتداءات على منظومة النهر الصناعي. 

وقال الساعدي، "تعرضت منظومات النهر الصناعي، للعديد من الاعتداءات وكلفت المشروع مئات الملايين من الدينارات، كما تسببت في الكثير من الأحيان في تخفيض معدلات الإنتاج، على سبيل المثال لا الحصر- الاعتداءات التي وقعت على حقول آبار الحساونة وسرقة النحاس من المحولات الكهربائية ما تسبب في خروج أكثر من 175 بئر من الخدمة، هذه الآبار كان من المفترض أن تنتج قرابة النصف مليون متر مكعب/ يومياً، مثال آخر الوصلات غير الشرعية والتي تسبب في عدم وصول المياه للمناطق المستهدفة وإحداث أضرار جسيمة بمكونات المنظومة وهدر كميات كبير من المياه، حيث خلال العام الماضي تم إزالة أكثر من 4000 وصلة غير شرعية وتم توفير أكثر 300 ألف متر مكعب من المياه يومياً.  

إشكاليات وحلول

وعن المشاكل والعراقيل التي تواجه عمليات التطوير داخل منظومة النهر الصناعي، قال الساعدي، إنه من الممكن تصنيف المشاكل إلى محورين أساسيين:

الأول المشكل الأمني، فمن دون أمن لا يمكن تحقيق المستهدف والحق يقال إنه مع نهاية العام 2021 أصدر سيادة النائب العام تعليماته الصارمة بضرورة حماية المشروع وباشرت العديد من القوات الأمنية عملها بشكل جيد، مما جعل بيئة مريحة وآمنة الذي ساهم في ارتفاع معدلات الانتاج المائي.

والثاني مشكلة التمويل، حيث يعلم الجميع أن الجهاز يمول بحكم القانون وهو قانون رقم 10/1983 وهو يحدد نسبة من الإيرادات لبعض الجهات تحال لصالح الجهاز لتنفيذ مشاريعه، بعض هذه الجهات توقفت عن دفع مستحقات الجهاز من عام 2011 ما تسبب في عدم القدرة على استكمال المشاريع المتوقفة أو إجراء أعمال الصيانة الكبيرة، ناهيك عن ارتفاع معامل الصرف للنقد الأجنبي وغيرها من المشاكل التي يطول شرحها. 

وعن الحل، أوضح الساعدي، أنه جاري العمل حاليا داخل جهاز النهر الصناعي وفق الخطة الإستراتيجية المعتمدة، بإتباع سياسة الثبات والاستقرار لحين توفر الأمن بشكل يسمح للشركات العالمية القدوم إلى البلاد، مشددا على ضرورة أن تلتفت الحكومات في الدولة الليبية إلى أهمية المصدر الوحيد للمياه في ليبيا، ووضع سياسة خاصة ورؤى مستقبلية في كيفية إدارة المياه وتنوع مصادر المياه، فبدون الماء لا يمكن إقامة مشاريع استراتيجية صناعية أو زراعية.