أكد المحلل السياسي والخبير القانوني محمد صالح جبريل أن البعثة الأممية فشلت منذ بداية عملها في ليبيا وبين في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن البعثة لم تكن تنظر لاستقرار الدولة الليبية اقتصاديا أو أمنيا معتبرا أن المبعوث الأممي الجديد لن يختلف كثيرا عن سالفيه، حيث أن مجلس الأمن بحاجة لإعادة فلترة قراراته بشأن الملف الليبي.

 إلى نص الحوار:

مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة السابقة ستيفاني وليامز اتهمت القادة الليبيين بمغازلة الجهات الخارجية ثم إلقاء اللوم علنًا عليها بعد الإخفاقات.. في أي سياق قرأت هذا التصريح؟

بالفعل، أغلب المتحاورين كانوا يستعينون بدول أخرى في محاولة للاستمرار في السلطة بدعم من هذه الدول كي تعطيهم شرعية دولية وهو أمر أخرج البعثة الأممية عن سياق المهام المكلفة بها خاصة وأنها لم تبلغ المتحاورين بضرورة عدم التعامل إلا معها مباشرة لضمان جدية العمل والنجاح في حلحلة المشكلات السياسية.

برأيك لماذا قالت وليامز هذا التصريح عند مغادرة منصبها لماذا لم تقله خلال السنوات الطويلة التي قضتها في العمل بليبيا؟

عادة فإنه في الدول التي تمارس الديمقراطية لا يتم التصريح ببعض الأسرار إلا بعد انتهاء فترة عمل صاحب هذه الأسرار فربما رأت وليامز أن هذا التصريح يسبب إشكال في حل المشكلة السياسية. 

هل تصريح وليامز له أهداف محددة أم أنه مجرد شهادة للتاريخ أرادت وليامز أن ترد بها على منتقديها؟

لا أعتقد أن تصريح وليامز له هدف محدد وإنما من باب إثبات الوقائع وهذا ما قام به غالبية المبعوثين الأمميين إلى ليبيا بعد انتهاء مهامهم حيث يوثقون كل ما مر بهم حتى في مذكراتهم الشخصية ومدوناتهم التي تروي تفاصيل عملهم في أي مهمة تم تكليفهم بها 

وليامز قالت إنه ليس من اختصاصها التحقيق في مزاعم الرشوة المتعلقة بتولي عبد الحميد الدبيبة رئاسة الحكومة وأنه طُلب من الأمم المتحدة التحقيق في الأمر لكن التحقيقات لم تفضي لشئ.. هل ترى أن وليامز برأت ساحتها فعلا أم أنها قذفت الكرة بعيدا عنها فقط؟

بالفعل كان هناك لجنة خبراء مشكلة بموجب قرار من مجلس الأمن تعنى بفحص مثل هذه الأمور حيث أن البعثة الأممية لا تعمل بمفردها لكن هناك لجان داخلية وخبراء يقومون بالتحقيق والفرز والمعاينة إضافة إلى وجود مكتب النائب العام وهو السلطة القائمة على التحقيق في مثل هذه التجاوزات بليبيا وأنا أرى أنه يجب عدم تحميل وليامز مسؤولية الكشف عما حدث في التحقيقات لأنها مسؤولية تخصصية قانونية تقع على عاتق لجان الخبراء ومكتب النائب العام.

رئيس لجنة الخارجية بالبرلمان يوسف العقوري قال إن وليامز أضاعت فرصا كبيرة لدعم مجهودات القادة السياسيين لإنهاء الانقسام.. إلى أي مدى تتفق مع هذا الرأي؟

القادة السياسيين في ليبيا يحاولون تحميل الغير مسؤولية إخفاقاتهم السياسية مع أن الليبيين أنفسهم أصبحوا على قناعة تامة بأن مجلس النواب لا يمتلك الخبرة السياسية أو القانونية أو حتى النزاهة الكاملة، فأغلب أعضاء مجلس النواب يلهثون وراء مصالحهم إسوة بأعضاء مجلس الدولة كي يستمروا في السلطة بطرق تسهم في عرقلة أي حوار سياسي أو اتفاق سياسي فقد كان بإمكانهم إجراء الانتخابات دون الاستعانة بالبعثة الأممية، وخير دليل على ذلك انتخابات عام 2012 التي نجح فيها الليبيين لكن للإسف فإن الساسة الذين يتصدرون المشهد لم يقدموا شئ ولم يحاولو أن يضعوا حدا لاستمراهم في السلطة وتنفيذ إرادة الليبيين في إجراء انتخابات.

إلى أي مدى يمكن القول إن وليامز فشلت في مهمتها؟

البعثة الأممية فشلت في ليبيا منذ بداية عملها سواء كانت برئاسة ستيفاني وليامز أو مارتن كوبلر أو برناردينو ليون أو غيرهم، فالحالة الليبية تنعكس على هذا الإخفاق الدولي في إعادة العربة على السكة في السياسة أو الاقتصاد أو الأمن الليبي حيث أن البعثة الأممية لم تكن تنظر لاستقرار الدولة الليبية اقتصاديا أو أمنيا.

برأيك ما أهمية تعيين مبعوث أممي جديد في ليبيا؟

المبعوث الأممي الجديد لن يختلف كثيرا عن سالفيه، فمجلس الأمن بحاجة لإعادة فلترة قراراته بشأن الملف الليبي، فليبيا الآن تحت الفصل السادس الخاص بحل النزاعات سلميا لكن بالقليل من التدخل الدولي لمنع الدول التي تعرقل الاتفاق السياسي إضافة إلى التحقيق في ملفات الرشاوى والتخابر مع دول أجنبية بالتعاون مع مكتب النائب العام لكي تكون البعثة الأممية داعم حقيقي لليبيا بدعم المجلس الأعلى للقضاء والجيش.

بشكل عام ما تقييمك للموقف الدولي من الأزمة الليبية؟

الدول التي تتدخل لحل الأزمة الليبية لا تسعى لتحقيق مصالح الليبيين وإنما تسعى لدعم اقتصادها في ظل الركون الاقتصادي العالمي وما سبقه من جائحة كورونا فهذه الدول ترى في نفط ليبيا وثرواتها الطبيعية وسيلة للرفع من اقتصادها لذلك أرى أن الليبيين أنفسهم هم من يستطيع فرض كلمته على الساسة الذين أرهقوا سيادة الدولة الليبية ووضعوا ليبيا تحت الوصاية الدولية المبطنة فالحل في ليبيا يجب أن يكون من الداخل وليس الخارج.