شكل ارتفاع الأسعار حملا جديدا أثقل كاهل المواطن الليبي في مواجهة التحديات خاصة بعد أزمة أوكرانيا، التي أثرت على العالم أجمع.

وتسببت الأزمة الروسية الأوكرانية في زيادة التضخم الليبي الذي انعكست عواقبه الوخيمة على حياة المواطن الليبي في مختلف أنحاء البلاد.

ويقبل سكان ليبيا على شراء الدقيق والسميد مع ارتفاع أسعارهما، بالتزامن مع شهر رمضان الذي يزيد خلاله الاستهلاك على الرغم من تأكيد السلطات توافر كميات تكفي.

واشتكى المواطن الليبيي من ارتفاع الأسعار في السلع الأساسية والحياتية الذي قصر في توفيرها أصحاب الدخل المحدود في البلاد.

ويواجه الليبيون موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار بينما اقترح وزير الاقتصاد والتجارة، محمد الحويج، تخصيص مبلغ 60 ديناراً ( 12,80 دولار) كدعم فردي للفرد وفقا للرقم الوطني في كل أسرة لمواجهة غلاء المعيشة.

وأعلن الوزير مباشرة الوزارة اتخاذ جملة من التدابير لتنظيم عمليات التوريد من خلال أسواق خارجية متعددة بتقديم تسهيلات مالية لرجال الأعمال بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي، مجددا التأكيد على مواصلة مواجهة طفرة الغلاء وضبط السوق المحلي مع الجهات المختصة للسيطرة على الأسعار وضمان توافر السلع. وانتشرت فرق الرقابة والحرس البلدي في الأسواق للتضييق على المحتكرين والمضاربين والتجار المتورطين في الرفع المجحف من الأسعار، إلا أن الوضع لا يزال صعبا بالنسبة للغالبية الساحقة من الليبيين التي تعاني من الفقر والحاجة وتأخر الرواتب وغياب السيولة.

وسجلت أسعار اللحوم وبعض السلع الأساسية مثل الدقيق والزيت ومعجون الطماطم، قفزات غير عادية، وبلغ سعر اللتر الواحد من زيت الطهي 15 دينارا    ( 3,20 دولار) بعد أن كانت لا تتعدى خمسة دنانير في العام الماضي.

وكانت سعر الكلغ الواحد من الفلفل الأخضر بلغ في أول أيام رمضان 20 دينار ( 4,27 دولار) وكلغ الطماطم الطازجة 8 دينارات، وهو ما لن تعرفه البلاد سابقاً.ويبلغ معدل الراتب الشهري لموظف في ليبيا هو 2,290 دينار ( 488,36 دولار ) في الشهر، حيث تتراوح الرواتب ما بين 580 دينار (المعدل الأدنى) و10,200 دينار (الحد الأعلى).

وبحسب مركز "أويا" للدراسات والبحوث الاقتصادية فإن الحكومة مطالبة بتوفير خمسة آلاف دينار، أي نحو 1100 دولار، شهرياً لكلّ أسرة، لتبقى على مستوى خطّ الفقر الغذائي. ولمحاولة التقليص من الظاهرة، انطلقت الأسبوع الماضي الحملة الوطنية المشتركة لحماية المستهلك في كافة المدن والمناطق الليبية والتي يقوم بها جهازا الحرس البلدي والأمن الداخلي ومركز الرقابة على الأغذية والأدوية، لكن مراقبين محليين أكدوا أن الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد انعكست على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن الليبي.

وكانت ليبيا تعتمد على صندوق موازنة الأسعار، وهو مؤسسة عامة تأسست من أجل تحقيق استقرار في أسعار السلع والخدمات، وتوفيرها بتكلفة مناسبة لجميع المواطنين، إلا أن الصندوق تعرض لأزمة مالية أوقفت نشاطه عام 2016.

وكانت ليبيا تنفق ملياري دولار سنوياً لدعم الدقيق والأرز والسكر والشاي وبعض السلع الأخرى، ولكنها رفعت الدعم السلعي منذ عام 2015 دون توفير دعم نقدي للمواطنين. ويتوقع صندوق النقد الدولي وصول معدل التضخم في البلاد إلى 15% بنهاية العام الجاري 2022.

ووفق تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن الأسعار العالمية للأغذية والأعلاف قد ترتفع بما يتراوح بين 8% و20% نتيجة الحرب الدائرة في أوكرانيا، مما سيؤدي إلى قفزة في عدد المصابين بسوء التغذية على مستوى العالم.

وكانت كارمن راينهارت، كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي، قد قالت إنّ ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وأفريقيا، اللذين يعانيان بالفعل من انعدام الأمن الغذائي، وقد يؤدي الأمر إلى تنامي الاضطرابات الاجتماعية.

وأضافت راينهارت، في مقابلة مع "رويترز" نهاية الأسبوع الماضي: "من المعروف أنّ انعدام الأمن الغذائي وأحداث الشغب كانت جزءاً من قصة الربيع العربي".

إلى ذلك، يرى مراقبون أنه ما يحدث من صراع دولي في مناطق اوكرانيا و روسيا عاملين أساسيين الأول ارتفاع أسعار النفط الذي سوف يرفع معه سعر النقل وأيضا رسوم العبور الدولية، قضلا عن انخفاض تدفق السلع الأساسية من الدول المصنعة أيضا، كل ذلك سوف يؤثر على مستوى الأسعار التي لن تتوقف بل ترتفع مع صبيحة كل يوم ومع غياب أدوات الدولة الرقابية فيكون التاجر والمورد أمام حل وحيد وهو تحميل هذا الارتفاع إلى المستهلك مباشرة.