ليس هناك منطقة رمادية بعد اليوم ، فإما أن يكون الليبييون مع جيشهم الوطني في معركة الكرامة والعزة والشرف أو مع الإحتلال التركي وميلشيات العمالة وحكومة التبعية وجماعة الإخوان التي لا تؤمن بمفهوم الدولة ولا بقيمة الوطن فتتجاوزها الى مشروع الخلافة الذي بات أردوغان رمزا له في نظرهم
واليوم أصلح موضوع الوطنية على المحك ، ما جعل عددا من مسلحي الميلشيات يقررون ترك الجبهات والعودة الى مناطقهم ، وخاصة من مقاتلي الزنتان والمشاشية
ويرى المراقبون أن أداء ميلشيات السراج قد تراجع في الميدان رغم الدعم التركي بالخبراء والمرتزقة والسلاح ، مرجعين سبب ذلك الى تخلي أعداد مهمة من عناصرها عن السلاح ، فالمثل الشعبي يقول « العار أطول من العمر » ولا أحد يريد لنفسه أن يسجلّ إسمه في لائحة الخيانة ، مثل حدث في مراحل سابقة من التاريخ ، فالليبييون عموما لديهم حساسية بالغة من هذا الموضوع ، وذاكرتهم لا تنسى ، وهي تكرّم الأبطال الأوفياء وتلعن الخونة والعملاء

 وفي هذا السياق ، أعلنت الكتيبة 604 مشاة إحدى أكبر الكتائب المسلحة  بمدينة مصراتة أمس الخميس انضمامها للقوات المسلحة المرابطة على تخوم المدينة، وقالت أن ما نشر في بعض وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية من اتهامات للكتيبة بالغدر وخيانة العهد من قبل بعض قيادات مدينة مصراتة هو  مجرد كذب وتزوير  وقلب للحقائق وتبرير للهزيمة بمبررات واهية.
وقالت الكتيبة  في بيان لها أنها التزمت بالعهد الذي تم عقده مع قوة حماية وتأمين سرت بعد إنتهاء عملية البنيان المرصوص في عام 2016، حتى انسحاب آخر سيارة من قوة حماية وتأمين سرت من البوابة الغربية للمدينة بالرغم من خيانة العهد عدة مرات من بعض قيادات وأفراد قوة الحماية السيئين الذين وصفتهم بـ”أذناب الإخوان”

وكانت الكتيبة قد إنسحبت الإثنين الماضي من مدينة سرت بعد أن دخلها الجيش الوطني دون إطلاق للنار
ودعت  الكتيبة أهالي مصراتة إلى عدم تسليم مصير المدينة وأهلها إلى الذين الذين يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية تحت ستار العصبية القبلية، مشيرةً إلى أن مصراتة من أكثر المدن خسارة في الأرواح والتجارة والعلاقات بسبب استخدام من وصفتهم ب« العملاء لطاقات المدينة في تحقيق أهدافهم الوضيعة تحت الستار القبلي بحجه أنهم لا يريدون لأحد أن يحكم البلاد من غير أهل مصراتة وهم في الحقيقة يقودون المدينة لموت بطيء يوماً بعد يوم»

وأضافت”هم عملاء لدول أجنبية لن يرضوا أن يحكم البلاد أحد إلا من زمرتهم أو أن يجلبوا المستعمر إلى بلادهم ولهذا كل من وجدوا فيه الكفاءة والقوة لحكم البلاد همشوه أو حاربوه أو شوهوه أوقتلوه كما فعلوا بعميد بلدية مصراتة” وأكدت على « أنه لم يوجد أحد قد إكتشف مخططاتهم من أهل مصراتة وغيرها إلا وإتهموه بالخيانة للمدينة حتى جعلوا من هذه الجملة سلاحاً يرهبون به الناس ، ولا وجدوا أحدا  من عقلاء مصراتة يريد التفاوض والجلوس على الطاولة لإلا اتهمو بالعمالة لحفتر والخيانة للمدينة.
وقال  آمر كتيبة 604 مشاة عبدالحميد بن رجب: “من المعلوم لدى قيادات مدينة مصراتة أنه تم عقد عهد بين الكتيبة 604 وقوة حماية وتأمين سرت بعد انتهاء عملية البنيان المرصوص في العام 2016م، ومما جاء في هذا العهد الاتفاق على قيام الكتيبة 604 وقوة تأمين سرت بحماية المدنية من التنظيم الإرهابي داعش في حالة هجومهم على المدنية، وأنه في حالة هجوم قوات الجيش الليبي على مدينة سرت، فإن الكتيبة تلتزم الحياد ولا تقاتل مع أحد الأطراف، وفي المقابل إذا قامت ما يسمى بسرايا الدفاع بالدخول للمدنية، فإن قوة حماية وتأمين سرت ستقاتلهم إلى جانب الكتيبة 604 .

ويعتبر موقف الكتيبة 604 نموذجيا في تعاطيه مع قضية الوطن ، فالخلافات السياسية يمكن أن تكون ، وكذلك الصراعات الفكرية ، أو النزعات الإجتماعية والجهوية والقبلية ، لكن عندما يتعلق الأمر بالوطنية ، فإن ليبيا تبقى فوق الجميع ، والعالم كله بات يدرك أن النصر قادم ، وأن الجيش الوطني سيحرر بلاده ، لكن عار الخيانة سيبقى يلاحق أصحابه على الدوام ، فالمعركة اليوم ليست بين بين قوى داخلية ليبية ، ولكن بين الجيش الوطني والشعب الليبي من جهة وبين الغزاة الأجانب القادمين من وراء البحار وعملائهم في الداخل من جهة ثانية.