رأى الكاتب والمحلّل السياسي التونسي فوزي النّوري، أن تيار الإسلام السياسي تلقّى ضربات موجعة ومتتالية في أكثر من دولة.

وقال النّوري، في حوار مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "الإسلام السياسي تلقى ضربات موجعة ومتتالية في مصر، وسوريا، والآن تونس، وفي ليبيا حيث افتكّت القوى الوطنيّة أغلب المساحات وهي الآن في طريقها لحسم المعركة لصالح القوى الوطنيّة"، مشيرا إلى أن كلّ هذه الانتكاسات ستدفع بالمراهنين على ورقة الإسلام السياسي المعولم إلى التخلّي عن هذا الحليف العبء والتفاوض مجدّدا مع الدولة الوطنيّة... وإلى نص الحوار:


-الحلف القطري التركي هوّ الطرف الوحيد الذي يقف بشكل واضح إلى جانب الإسلام السياسي.

-تأويل الرئيس للفصل 80 في محلّه تماما استنادا للمبادئ الفوق دستوريّة والدستورية ومن خلال الاستجابة للإرادة الشعبيّة مصدر الشرعيّة والسيادة.

-النهضة خسرت حاضنتها الشعبية وتحوّلت إلى حركة معزولة سياسيا وشعبيّا.

-الإسلام السياسي تلقّى ضربات موجعة ومتتالية في أكثر من دولة.

-أعتقد أنّنا بعد أشهر سنتّجه مجدّدا لصناديق الاقتراع.

-بعد التخلّص من الإسلام السياسي سنتمكّن من استعادة السلم الاجتماعي وتحسين الوضع الاقتصادي وتوفير مناخات الاستثمار.


-في البداية.. تابعنا قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الأخيرة فما هي خلفيات وأسباب هذه القرارات؟

بعد وصول الإسلام السياسي لسدّة الحكم بدأ تدمير الدولة الوطنيّة ويتأكّد ذلك باختيار نظام سياسي يفتّت السلطة ويقود إلى تعويم المسؤوليّة السياسية وبتحويل تونس إلى ساحة مفتوحة للمافيات والعصابات وتعطيل مؤسّسات الدولة وتخريب النسيج الاقتصادي والاجتماعي.

عندما تأكّدت مؤسّسة الرئاسة من أنّ الأداء الكارثي للنهضة ليس مجرّد أخطاء في الحكم أو عجز عن رفع التحدّيات بل أنّ هدف الإسلام السياسي هوّ القضاء على الدولة الوطنيّة ووصل الأمر إلى محاولة اختراق وتفكيك الأجهزة السياديّة للدولة واستعمال أزمة الكوفيد لربح الوقت وإعادة ترتيب الأوضاع عن طريق رئيس الحكومة المنقلب على مؤسّسة الرئاسة وكلّ ذلك على حساب أرواح التونسيين وأمام حالة الاحتقان والقهر التي ظهرت في أحداث 25 جويلية/ يوليو انحاز الرئيس لشعبه وكان انحيازه متوقّعا وفاء منه لوطنه للإرادة الشعبية التي أوصلته لسدّة الحكم.


-كيف يمكن قراءة ردود الأفعال سواء المحلية أو الدولية حول هذه القرارات؟

فيما يتعلّق بردود الفعل المحليّة فالأهمّ هوّ استعادة الرئيس لشعبيّته الواسعة من خلال القرارات التي اتّخذها والتي كان يتلهّف المزاج العام لاتخاذها في مقابل موجة العداء والمطالبة بالمحاسبة لحركة النهضة وحلفائها قلب تونس وائتلاف الكرامة أساسا في المحصّلة أغلب القوى الوطنيّة اتّجهت لإسناد مؤسّسة الرئاسة وبالتالي عزل النهضة داخل المجتمع السياسي وبطبيعة الحال شعبيّا من خلال حرق مقرّات النهضة والمطالبة باعتقال قياداتها.

دوليّا يبدو أنّه لا وجود لموقف واضح من القوى الكبرى وهذا يعني أنّها لا تمانع فيما اتّخذ من إجراءات وقد تتّجه إلى تسويات تحفظ مصالحها بعد عجز أعوانها (الإسلام السياسي) عن إدارة الدولة والقيام بالمهمات المتفق رغم الدعم الأمريكي والبريطاني السخيّ.

فرنسا التي تجاوزتها الأحداث في تونس منذ 2011 تحاول استرجاع مجالها الحيوي الأكثر قربا بعد أن اقتلعها الأمريكان والإنجليز عبر ورقة الاسلام السياسي لا يمكن إلاّ أن ترحّب بهذه القرارات.

إقليميا هنالك دعم واضح للرئيس وقراراته.

الحلف القطري التركي هوّ الطرف الوحيد الذي يقف بشكل واضح إلى جانب الإسلام السياسي وهذا متوقّع فهذه القرارات تعتبر ضربة قاسمة للتمدّد التركي في المنطقة.


-لو توقفنا لتوضيح ماهية الجدل حول الفصل 80؟ 

لقد اختارت حركة النهضة وحلفائها وضع دستور (2014) غامض بفتح على عديد الاشكالات والفراغات الدستوريّة والغاية من ذلك هوّ تفتيت السلطة للحيلولة دون مركزتها خوفا من عودة النظام القديم ومنعت تركيز المحكمة الدستوريّة لاقتيادنا لمرحلة اللاّحكم تمهيدا لتقويض الدولة.

إنّ الحرفيّة الشكليّة القانونيّة التي يتحجّج بها دعاة الشرعيّة الانتخابيّة تحمل مغالطة واضحة لأنّ رئيس الجمهوريّة هوّ الضامن لاحترام الدستور بالدستور نفسه ولأنّ هذه الشرعية تحدّها الغاية التي وضع من أجلها الدستور (السيادة الوطنية، المصلحة العليا، السلم الاجتماعي) وبالتالي فإنّ تأويل الرئيس للفصل 80 في محلّه تماما استنادا للمبادئ الفوق دستوريّة والدستورية ومن خلال الاستجابة للإرادة الشعبيّة مصدر الشرعيّة والسيادة.


-لماذا تتخوف بعض الأطراف من القرارات الأخيرة؟ 

رئيس الدولة سيتّجه للمحاسبة وهو أمر مخيف للعديد من التنظيمات والشخصيات والجمعيات التي ارتبطت سرّا بالإسلام السياسي وبالمافيات الحاكمة.

المعارضة المفلسة التي فشلت في لعب دورها الوطني في العشريّة الأخيرة سحب رئيس الجمهوريّة البساط من أقدامها وأطلق عليها رصاصة الرحمة وبالتالي هيّ متخوّفة على مستقبل يبدو محسوما.

ما تبقّى من جحافل المتخوّفين من الحقوقيين سواء المأجورين أو النزهاء يبدو لي أنّ تخوّفهم في غير محلّه لمعرفتي بالشخص وبأطروحاته المتعلّقة بالحكم المحلّي وبالديمقراطيّة المباشرة.


-لكن هل هناك مخاوف من ردود فعل عنيفة لتيار الإسلام السياسي.. فكيف يمكن مواجهة هذه المخاطر؟

قد تظهر محاولات يائسة لزعزعة الاستقرار أو الدفع نحو حرب أهليّة للإفلات من العقاب لكن يبدو لي أنّه أمر صعب جدّا بعد أن خسرت النهضة حاضنتها الشعبية وتعاطف المزاج العام معها وتحوّلت إلى حركة معزولة سياسيا وشعبيّا في مستوى محلّي وحليفا عبئا في المستوى الدولي.


-إذا برأيك.. ما مستقبل تيار الإسلام السياسي في المنطقة العربية ككل بعد أحداث تونس؟

تلقّى الإسلام السياسي ضربات موجعة ومتتالية مصر، سوريا، والآن تونس، وفي ليبيا افتكّت القوى الوطنيّة أغلب المساحات وهي الآن في طريقها لحسم المعركة لصالح القوى الوطنيّة وكلّ هذه الانتكاسات ستدفع بالمراهنين على ورقة الإسلام السياسي المعولم إلى التخلّي عن هذا الحليف العبء والتفاوض مجدّدا مع الدولة الوطنيّة.


-ما الضمانات التي قدمها الرئيس التونسي؟

أكّد رئيس الدولة على أنّ هذه المرحلة انتقاليّة وقتيّة لتتعافى الأجهزة السياديّة للدولة ولتطهيرها من الخونة والمافيات التي تمتصّ دماء التونسيين وأعتقد أنّنا بعد أشهر سنتّجه مجدّدا لصناديق الاقتراع.


-من وجهة نظرك.. هل تنجح تونس في تجاوز أزمتها.. وماهي السيناريوهات المطروحة خلال الفترة المقبلة؟

بعد التخلّص من الإسلام السياسي سنتمكّن من استعادة السلم الاجتماعي ومن تحسين الوضع الاقتصادي وتوفير مناخات الاستثمار... أنا متفائل.