"طرح الأحمال"، و"الإظلام التام"، مصطلحات أصبحت تشكل جزء من حياة اليومية للمواطن الليبي، وذلك بعدما سيطرة أزمة الكهرباء على الحياة المعيشية لتضيف معاناة جديدة على عاتق المواطن الليبي، ولمزيد من التفاصيل حول أزمة الكهرباء في ليبيا، أسبابها، ودوافعها، وسبل حلها، وآليات استخدام الطاقات المتجددة لحل الأزمة في ليبيا، كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، هذا الحوار مع الباحث الاقتصادي والخبير في الطاقات المتجددة د. عمر علي الصيد... وإلى نص الحوار

 بداية.. كيف تابعتم أزمة انقطاع التيار الكهربائي.. وبرأيك ما هي أسبابها ودوافعها؟

*أزمة انقطاع التيار الكهربائي في ليبيا، أصبحت مزمنة منذ عام 2012 ، وتسببت في أضرار اقتصادية ومادية للقطاعين الخاص والعام، نتيجة طول فترة أو ساعات الانقطاع التي تصل إلى 12 ساعة في بعض المناطق، لاسيما الجنوب الليبي الذي تتجاوز أحيانا فيه الـ 24 ساعة، وفي بعض الأحيان يصل الأمر بما يعرف ببلاك أوت أو الانقطاع الكامل على ليبيا.  

**أما عن أسبابها فهي بالدرجة الأولى تعود لأسباب أمنية، تتوقف عليها أسباب أخرى ففقدان الأمن وما يحدث من عبث وسيطرة المسلحين جعل مشروعات انتاج الطاقة الكهربايية عرضة للنهب والتخريب والتدخل في إدارتها أحيانا بالضغط على موظفيها خاصة فيما يتعلق بتنظيم طرح الأحمال.  
وهذا الفراغ الأمني في الدولة أحدث سوء إدارة في قطاعات عديدة منها الكهرباء، حيث غياب الرقابة بما يسمح بالاهمال واستشراء الفساد وضمان الافلات من العقاب. كما أن المشكلة الأمنية حالت دون استمرار شركة الكهرباء في جباية قيمة الاستهلاك من المستفيدين بها منذ عام 2012 وهو ما يشكل عبئ كبير على شركة الكهرباء.

***اما عن الدوافع فجلها تندرج تحت تبعات الصراع على المناصب والنفوذ ومنها ماهو تحت تحقيق صفقات مربحة من خلال  توريد الالاف من الموالدات الصينية والتركية، التي أجبر المواطن على شرائها لتعويض تذبذب وانقطاع الكهرباء، وبذلك يكون المورد الذي وجد سوق رائج أو بالأحرى خلق له سوق يكون قد حقق أرباحا طائلة على حساب المواطن الكادح، ناهيك عن زيادة تخصيص ميزانيات بالمليارات لحل مشكلة تذبذب وانقطاع التيار الكهربائي،  والتي لم تضف شيئا ملموسا أو تحسن على الشبكة ولايوجد لها أثر  بل زادت من تفاقم الأزمة.

 
حدثنا عن وضع الشبكة الكهربائية في ليبيا.. ومدى قدرتها على القيام بدورها؟

شبكة الكهرباء في ليبيا تعتمد بشكل عام على إنتاج الطاقة الكهربائية من محطات توليد اما غازية أو بخارية موزعة مابين غرب البلاد وشرقها منها محطة غرب طرابلس، جنوب طرابلس، الزاوية، الجبل الغربي، ومحطة الخمس، مصراتة الحديد، سرت، الزويتينة،  شمال بنغازي، طبرق، درنه، ومحطة أوباري في الجنوب الليبي لازالت قيد التشغيل التجريبي وتعاني من معوقات أمنية ومادية وفنية.

ويبلغ إنتاج الطاقة الكهربائية المركبة من محطات التوليد 5500 ميجاوات في حال تشغيلها بكامل طاقتها، الا أنها حتى الآن لم يتجاوز انتاجها 4900 ميغاوات في ظل الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية الذي بلغ أكثر من 7000 ميجاوات، بنسبة عجز تقدر بـ 2100 ميجاوات، وفي ظل هذه الظروف فأن محطات توليد الطاقة غير قادرة على تغطية الطلب المتزايد على الطاقة لأسباب أمنية بالدرجة الأولى ولنقص الامكانيات المتعلقة بالصيانة، وفي بعض الأحيان نقص الوقود ويبقى عامل الفساد الإداري والمالي عائق أخر مهم يعرقل الشركة العامة للكهرباء في تغطية الطلب من الطاقة، ويجب البحث عن بدائل أفضل تساهم في مزيد من انتاج الطاقة الكهربائية.

 
ما هي أبرز المشاكل أو العيوب بالشبكة الكهربائية الليبية؟

شبكة الكهرباء الليبية تعاني من مشاكل عديدة، يتوقف بعضها على بعض أهمها نقص الخبرات الفنية في مجال التشغيل والصيانة، ومغادرة أغلب الأطقم الفنية الأجنبية لسوء الأوضاع الأمنية، وقدم بعض محطات التوليد التي أصبح استهلاكها مكلف جدا في مجال الصيانة مع تآكل في شبكة توصيل التيار عبر خطوط الجهد العالي وتعرض الكثير منها لأعمال نهب وتخريب.

 ما هي مقترحات الحلول والبدائل المتاحة؟

يبقى الاستقرار الأمني أهم أرضية لوضع حلول تلك المشاكل المتفاقمة ومن الناحية الفنية فأن بعض المحطات أصبحت قديمة جدا، ويجب العمل على تجديدها أو استبدالها بمحطات توليد حديثة، كما يجب إعادة النظر في أسلوب الإدارة المتبع في الكثير من المؤسسات ومنها الشركة العامة للكهرباء والذي يشوبة الفساد.
ويبقى البديل المهم الذي يجب الاتجاه له في تحسين وضع إنتاج الطاقة الكهربائية هي الطاقة المتجددة، أي طاقة الشمس والرياح.

 
فيما يتعلق بالطاقة المتجددة.. ما هي أنواعها والمتوفر منها في ليبيا، وكيف يمكن استخدامها لمعالجة النقص؟

*الطاقة المتجددة هي الطاقة التي تنتج نفسها من الطبيعة دون تدخل الإنسان، وهي طاقة غير ناضبة تتجدد تلقائي.

** أما عن أنواعها فهي الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية وطاقة الكتلة الحيوية، وتعتبر ليبيا من الدول الغنية بمصادر الطاقة المتجددة (الرياح، والطاقة الشمسية)، حيث يصل متوسط سرعة الرياح 5.5-7 متر/ثانية في بعض مناطق الشريط الساحلي، ويتراوح المتوسط السنوي للإشعاع الشمسي على المتر المربع للسطح الأفقي ما بين 5.5 كيلووات ساعة يومياً بالشريط الساحلي إلى 7 كيلووات ساعة يومياً بالمناطق الجنوبية،  وتصل مدة سطوع الشمس خلال السنة 3100-3900 ساعة، إلا أن استهلاك هذه الطاقات محدود مقارنة باستهلاك الوقود الأحفوري.

***اما عن كيفية استخدامها فيمكن أن تكون على شكل استخدامات خاصة للمنازل أو المؤسسات أو إنارة الشوارع، أو ضخ المياه من الآبار وغيرها، تكون عبارة عن منظومات توليد صغيرة حسب الجهد المطلوب، أو عن طريق مشروعات رئيسة تضم حقول من الألواح الزجاجية تستقطب أشعة الشمس وتحولها لطاقة كهربائية، تقوم برفعها على الشبكة العامة مباشرة حسب الطلب وتخزن الفائض في بطاريات خاصة تستخدم عند الحاجة لها.

لقد أصبح العالم يعمل بوتيرة متسارعة للاعتماد على الطاقة المتجددة بدلا من الطاقة التقليدية كون الأولى طاقة نظيفة صديقة للبيئة وغير ناضبة.

 
ما مقترحاتكم بشأن آلية إنتاج الطاقة المتجددة في ليبيا؟

يعتبر القرن العشرين "قرن الطاقة الأحفورية" النفط والغاز، والقرن الحادي والعشرين قرن "الطاقة المتجددة" حيث تنامى في العقد الأخير نمو قطاع الطاقة المتجددة، حتى شكلت حوالي 31٪  من مزيج الطاقة الكهربائية عالميا، وبدخول السوق الاسيوية على تلك الصناعة انخفضت تكاليف إنتاج الطاقة الكهروضوئية والحرارية بحوالي 40٪ هذا الانخفاض المستمر يشجع المستثمرين والمستخدمين على حد سواء في التوجه لاستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما أنها تساهم بشكل فاعل في التنمية المستدامة والتحول إلى اقتصاد أخضر غير ملوث للبيئة.
ومن المفيد والمجدي في بلد تتوفر فيه موارد الطاقة المتجددة، أن يعمل على تشجيع الاستثمار في هذا المجال ودعم القطاع الخاص والمستثمرين لإقامة مشروعات الطاقة البديلة،  وتقديم كافة التسهيلات التشريعية والمادية لهم وتوجيه البنوك لتمويل تلك المشروعات وتحفيز مستخدمي الطاقة البديلة ودعمهم بكافة السبل.
مشروعات الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية ممكن أن تكون عبارة عن منظومات من  الألواح الشمسية تركب على أسطح المنازل تنتج الطاقة الكهروضوئية، أو الحرارية لتسخين المياه، وتكلفتها ليست بالمرتفعة  في حال تقرر لها دعم حكومي لتساهم في تغطية الطلب على الطاقة، كما أنها لا تحتاج لتكاليف صيانة وتعتبر سلعة معمرة وبربطها على الشبكة العامة للكهرباء وفق نظام حساب الاستهلاك والاستفادة من الفائض عن حاجة المستهلك بشرائها من قبل شركة توزيع الكهرباء تكون أكثر جدوى وأعم فائدة للطرفين.
كما أن تشجيع الاستثمار في إقامة محطات توليد الكهرباء الرئيسية من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، يجب أن يكون أولية لدى الحكومة الليبية،  فالكثير من المستثمرين يبحثون عن سوق وبيئة مشجعة للعمل في هذا المجال، ويتم ذلك عن طريق طرح الخطط والمشروعات من قبل الوزارة المختصة، وإقامة المعارض والمؤتمرات الخاصة بدعم الاستثمار في الطاقة المتجددة والمساهمة من خلال الشركات الحكومية والشركات الخاصة المحلية في الاستثمار في تلك المشروعات خاصة، حيث أن العجز يشكل حوالي 2100 ناهيك عن الطلب المتزايد مستقبلا ويعد هذا حافزا للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة لتغطية طلب السوق المحلي.