الجيش المصرى لم يكن يوما دخيلا على مصر بل كان بإختصار شديد صاحب بلد الكنانة وحاميه وحامى العرب من الأخطار الخارجية والداخلية على السواء ، حيث يعد الجيش المصري أول وأقدم جيش نظامي في العالم تأسس قبل 7000 سنة ، فهو أحد أقدم الجيوش النظامية في العالم  ، 

وقد كان الجيش المصري وقتها أقوى جيش في العالم وبفضله  ظهرت أول إمبراطورية في العالم وهى الامبروطورية المصرية ، و كان ذلك هو العصر الذهبى للجيش المصري ، وتعتبر القوات المسلحة المصرية الأقوى عربيا وإفريقيا وهو ما يجعلها تحتل مكانة إستراتيجية في حماية الأمن القومي المصري أولا والعربي ثانيا وفي حل النزاعات الافريقية وحتى الدولية ثالثا..

لقد لعب العسكر منذأيام محمد علي باشا في بداية القرن 19 دورا رئيسيا في الرقي بمكانة مصر وإرساء مشروع قومي حداثي كما تمكنت مصر فى عهد محمد علي وببفضل قوة جيشهامن مزاحمة الدولة العثمانية بل وكانت على وشك افتكاك الخلافة لولا تدخل بريطانيا و فرنسا وخسارة محمد علي لمعظم أسطوله في مواجهة الثورة اليونانية وهو ما ادى إلى ضعف قوة ترسانة محمد علي العسكرية وتبخر حلمه بخلافة العثمانيين ، وفى العصر الحديث جاءت حركة الضباط الأحرار المصريين، وهي حركة تغيير سلمي أخذت شكل الانقلاب العسكري، قادها ضباط الجيش المصري بقيادة عبدالناصر في منتصف ليلة 23 يوليو عام  1952 .

، وأعلن الجيش القيام بحركة الضباط الأحرار لصالح الوطن كتبها جمال حماد وقرأها أنور السادات بالإذاعة المصرية. وتشكلت حركة الضباط الأحرار من مجموعة من الضباط ينتمون لعدة أسلحة بالجيش المصري وهم: "سلاح المشاة": جمال عبدالناصر ، عبدالحكيم عامر، يوسف صديق.
"سلاح الطيران": عبدالمنعم عبدالرؤوف ـ عبداللطيف البغدادي ـ حسن إبراهيم ، جمال سالم "سلاح المدفعية": كمال الدين حسين، صلاح سالم

 "سلاح الإشارة": محمد أنور السادات ـ أمين شاكر، "سلاح المدرعات": حسين الشافعي، خالد محيي الدين، "سلاح الإمداد": مجدي حسنين، أما الرعيل الثاني فهم أحمد شوقي، حمدي عبيد ـ جمال حماد ، وجيه أباظة
وقد أكد جمال حماد أن الحركة لم تكن لتنجح لولا انضمام اللواء محمد نجيب إليها لما كان له من سمعة طيبة في الجيش، ولما كان منصبه ذو أهمية إذ أن باقي الضباط الأحرار كانوا ذو رتب صغيرة وغير معروفين، وفي اليوم نفسه استقالت وزارة أحمد نجيب الهلالي وخلفتها وزارة يرأسها علي ماهر باشا، وفي 24 يوليو وافق الملك فاروق علي رغبات الجيش، وفي 25 يوليو انضم ضباط الأسطول إلي الحركة، وفي 26 يوليو طالب الجيش الملك بالنزول عن العرش، ما دفع الملك فاروق للذهاب إلي ايطاليا بعد كتابة وثيقة تنازله عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد الثاني، وبناء عليه ألف مجلس الوصاية ثم ألغي، حينما أصدر مجلس قيادة الثورة في 18 يونيو 1953 بيانا بإعلان الجمهورية وإلغاء النظام الملكي في مصر
وفي أعقاب الثورة، صدرت تشريعات هامة توضح الأهداف الرئيسية وأهمها إلغاء الرتب المدنية أغسطس 1952، تطهير الإدارة الحكومية أغسطس 1952، قانون الإصلاح الزراعي سبتمبر 1952، العفو الشامل.
وحققت الثورة عدة أعمال سياسية واجتماعية، أهمها: التأكيد علي عروبة مصر وإقامة الوحدة مع سوريا 1958، جلاء القوات البريطانية جلاء تاما 1956، وتأميم قناة السويس 1956، وتأميم البنوك ووسائل المواصلات وتنظيم الصحافة وتألف مجلس قيادة الثورة من الضباط: محمد نجيب، جمال عبدالناصر، أنور السادات، حسن إبراهيم، حسين الشافعي، جمال سالم، زكريا محيي الدين، صلاح سالم، عبدالحكيم عامر، عبداللطيف البغدادي، خالد محيي الدين، كمال الدين حسين، يوسف صديق، عبدالمنعم أمين، عبدالمنعم عبدالرؤوف.
وقد أبعد المجلس خالد محيي الدين ومحمد نجيب في سنة 1953 وألغي المجلس بانتهاء فترة الانتقال وصدور الدستور في يونيو 1956 حيث تولي عبدالناصر رئاسة الجمهورية.

وجاءت ثورة 25 يناير2011 لتعود القوات المسلحة لتولي مسؤولية الحكم وإدارة البلاد مباشرة وتنحية رئيس الجمهورية " محمد حسني مبارك " الذي استمر في منصبه ثلاثين عاماً متصلة 
لقد نزل الجيش في القاهرة والإسكندرية والسويس يوم الجمعة 28 يناير 2011 بعد اختفاء الشرطة ، وبدأت الأحداث في ساعة مبكرة فجر الجمعة باقتحام الشرطة لميدان التحرير واعتقال لعشرات من النشطاء السياسيين سواء من أطلق عليهم شباب الثورة أو أعضاء الأحزاب والحركات الاحتجاجية المتواجدين بميدان التحرير . وفي نفس الوقت أصدرت وزارة   الاتصالات أمراً بوقف خدمة الإنترنت والرسائل القصيرة

 في جميع أنحاء الجمهورية وفي كل الشبكات .وجاء رد الفعل الشعبي قوياً ومباشراً ، فبعد صلاة الجمعة انطلقت مظاهرات شعبية واسعة وغير مسبوقة في عديد من المدن المصرية ، شارك فيها أعضاء الأحزاب السياسية والعمال والموظفون ومواطنون عاديون ، رجالاً ونساءً ، شيوخاً وأطفالاً لتتحول انتفاضة 25 يناير إلى ثورة شعبية . ولجأت الشرطة في القاهرة والإسكندرية والسويس لإطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والرصاص الحي ، ورد المتظاهرون بتصعيد هتافاتهم ضد النظام والمطالبة بسقوطه وسقوط الرئيس محمد حسني مبارك . وتحول ميدان التحرير إلى كتلة صلبة من مئات الألوف من المتظاهرين ، وتم إحراق معظم مراكز الشرطة في الإسكندرية وانسحبت قوات الأمن من المدينة ، وسيطر المتظاهرون في السويس على قسم شرطة الأربعين ، وتم حرق مقر الحزب الوطني الرئيسي في القاهرة ودمرت مقرات الحزب في عدة مدن وحرقت صور مبارك . وفي حدود السادسة مساء انسحبت الشرطة بصورة مفاجئة ومريبة في كافة أنحاء مصر وتم فتح السجون وهروب عديد من المسجونين الجنائيين والمعتقلين السياسيين ، وسادت حالة من الفوضى والقلق والسلب والنهب في الشوارع . وفي السادسة والنصف تم إعلان حظر التجوال في القاهرة والإسكندرية والسويس ، ونزول القوات المسلحة إلى الشارع .
ومنذ اللحظة الأولى لنزولها حددت موقفها عبر تصريحات رئيس الأركان الفريق سامي عنان الذي أعلن أن الجيش يرى مطالب المتظاهرين شرعية وأنه لم ولن يلجأ إلى استخدام القوة ضد الشعب. وأكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة هذا الموقف في البيان الأول الذي أصدره في 10 فبراير 2011 ،وقال فيه " انطلاقا من مسؤولية القوات المسلحة والتزاماً بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه وحرصاً على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر العظيم وممتلكاته وتأكيدا وتأييداً لمطالب الشعب المشروعة

  وأصدر المجلس بيانين يوم 11 فبراير ، الأول قبل تنحي مبارك تعهد فيه بإنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية ، والفصل في الطعون الانتخابية وما يلي بشأنها من إجراءاتانتخابات 2010  وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة وإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية ، ورعاية مطالب الشعب المشروعة والسعي لتحقيقها من خلال متابعة تنفيذ هذه الإجراءات في التوقيتات المحددة بكل دقة وحزم ، وعدم الملاحقة الأمنية للشرفاء ، الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالإصلاح وتحذر من المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين .
وجاء في البيان الثاني بعد إزاحة مبارك عن السلطة وإعلان تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد ، ونحن نعلم جميعاً مدى جسامة هذا الأمر وخطورته أمام مطالب شعبنا العظيم في كل مكان لإحداث تغييرات جذرية فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتطلع مستعيناً بالله سبحانه وتعالى للوصول إلى تحقيق آمال شعبنا العظيم وسيصدر المجلس الأعلى بيانات تحدد الخطوات والإجراءات والتدابير التي ستتبع . إن المجلس في نفس الوقت ليس بديلاً عن الشرعية التي يرتضيها الشعب .." .
وتوالت البيانات في هذا الاتجاه إلى أن أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإعلان الدستوري الأول في 13 فبراير 2011 الذي تضمن
تعطيل العمل بأحكام دستور 1971
 ويتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة لمدة ستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى ورئيس جمهوريته .
ورحب كثيرون بتولي القوات المسلحة للسلطة بعد خلع رئيس الجمهورية ، واعتبروا نزول القوات المسلحة للشارع في 28 يناير وما تلاها من أحداث حتى خلع الرئيس في 2011 انحيازاً من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة .
بينما القراءة الدقيقة لما حدث تقول إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة جزء من النظام السياسي القائم في مصر في ظل دستور 1971 ، وأن قيامه بالضغط على حسني مبارك بعد أن طالبت القوى المشاركة في ثورة 25 يناير بإسقاط النظام ورحيل الرئيس ، كان بمثابة تضحية برأس النظام وبعض معاونيه للحفاظ على النظام . وهذا لا ينفي أن القوات المسلحة حمت المتظاهرين بعد نزولها للشارع ولم تستخدم القوة ضد ملايين المتظاهرين في ميدان التحرير وميادين مصر الأخرى ، وكما قالت صحف أجنبية "إن الجيش المصري برهن على أنه يعرف حدود القوة ، وأن أصبعه ليست خفيفة على الزناد مثل جيوش أخرى . وقد أثبت هذا الجيش الحكمة والتصميم والحساسية . ولجأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإصدار دستور مكمل فى 17 يونيو 2012 ينص على أن يؤدى رئيس الجمهورية المنتخب (الجديد) اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية قبل توليه لسلطاته، ثم استتب الأمر فتم إجراء انتخابات تشريعية لمجلسى الشعب والشورى وبعدهما تم إجراء انتخابات رئيسية نزيهة أشرفت عليها القوات المسلحة المصرية وقد فاز بها د . محمد مرسى المنتمى لجماعة الاخوان المسلمين

وقد راهنت قوى شعبية وأحزاب وقوى سياسية على القوات المسلحة وقيامها بالتحرك لإسقاط حكم جماعة الإخوان بعد أن قادت الجماعة ورئيس جمهوريتها «د. محمد مرسى» البلاد إلى حافة الهاوية، فى حين يدعو البعض إلى ذلك صراحة ويحرض عليه، وآخرون يتوقعون ذلك ويتمنونه دون إعلان أو تصريح. بينما يعارض سياسيون وأحزاب ديمقراطية عودة القوات المسلحة للمشهد السياسى وتولى المسئولية.

وقال الصحفي طارق حسن  ” أصبح الشعب الذي عايش فترات حكم مبارك ومن بعده إدارة المجلس الأعلي للقوات المسلحة ثم جماعة مرسي يري الآن بوضوح أن فترة ” حكم العسكر ” كانت أكثر عدلاً وأمناً وحكمة من هؤلاء ” الهواة ” لأن الجيش الذي حمي مصر في ثورة يوليو وثورة يناير كان يعبر بالبلاد وهو يحميها ويتلقي الطعنة تلو الطعنة من كل القوي السياسية بلا استثناء ،. واكتشف أبناء مصر الشرفاء – الآن فقط – أن ليس لديهم بعد المولي عز وجل إلا اللجوء إلي جيشهم ليحميهم مما يحيط بالبلاد من مخاطر داخلية وخارجية نعيشها ونراقبها ونراها ” .

 وبناء على ثورة شعب مصر فى 30 يونيه 2013 التى فجرها الشعب المصرى بخروجه المدوى ، قام الجيش بالتدخل في المشهد المصري فى 3 يوليو/ تموز 2013 ،  فقد قام بهذا التدخل قيادة القوات المسلحة وأعلنها القائد العام وزير الدفاع بعد اجتماع سياسي مع بعض القيادات السياسية والرموز الدينية التي اختارها لتقف معه وتؤيده، معلناً تعطيل الدستور المُستفتى عليه من الشعب المصري، وتعيين رئيس مؤقت للجمهورية.

وقد قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ردا على تدخل الجيش فى المشهد السياسى، إن الجيش المصري الذي قام بعزل الرئيس محمد مرسي، تدخل بناءً على طلب ملايين المصريين لحماية الديمقراطية، مؤكدًا أنه أعاد الديمقراطية إلى البلاد ، لقد طلب ملايين الناس من الجيش التدخل، لأنهم كانوا جميعًا خائفين من الدخول في حالة من الفوضى والعنف ، الجيش لم يستولِ على السلطة حتى الآن حسب علمنا، وهناك حكومة مدنية تدير البلاد، وفي الحقيقة فإنهم يعيدون الديمقراطية ، وأشار إلى أن «الولايات المتحدة تعمل مع الاتحاد الأوروبي وغيره من الدول للمساعدة في حل المشاكل في مصر بالطرق السلمية، لكن القصة في مصر لم تنتهِ بعد، ولذلك علينا أن نرى كيف تتطور خلال الأيام المقبلة».

لقد بدا واضحاً أن ما حدث ويحدث في مصر يندرج في إطار الأحداث التاريخية الكبرى التي يصعب استيعاب زمن حدوثها، غير أنه يمكن اعتبار عزل أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد مجرد حلقة في سلسلة أحداث تشهدها المنطقة العربية منذ تفجّر الثورة التونسية والمصرية في العام 2011، وهي أحداث كبرى أسست لمسار تاريخي وديناميات اجتماعية وسياسية عنوانها الأبرز استرداد الشعوب لسلطتها وكرامتها وتحررها من الديكتاتوريات انطلاقاً إلى مستقبل أفضل يحقق العدالة الاجتماعية والتنمية التي استعصت على النظام العربي عقوداً، وهو الوضع الذي أسسته الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المصرية عامي 2011 و2012. ويشار إلى أن المنطقة العربية افتقدت منذ العام 2011 إلى مركز توازن إقليمي، حيث تشهد دول الثورات العربية، وعلى رأسها مصر، مرحلة انتقالية يعترضها الكثير من التحديات وتتبادل فيها قوى الإصلاح وقوى الشد العكسي الأدوار وفق ظروف كل بلد. وهي بحاجة إلى عدة سنوات حتى تصل إلى حالة الاستقرار لتأخذ الأمة العربية دورها الطبيعي في الاستقلال والحرية والتنمية والمشاركة في دور إقليمي ودولي فاعل.

                                                                              

 

 

               
 

 

 

 

 

.