عقب مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي فى أكتوبر 2011 و انتشار الفوضى في كامل أرجاء التراب الليبي، قامت دول مختلفة بدعم كيانات داخل ليبيا لخدمة مصالحها التي تتماهى مع الفوضى و الخراب، من بينها قطر وتركيا اللتين لم تتوقفا عن تقديم الأسلحة والذخيرة للمجموعات المسلحة المنتشرة فى عدة مناطق وسط وغرب البلادتهديدا صريحا على الأمن القومي الليبي ويؤدى إلى زعزعة أمن واستقرار دول الجوار. إذ بلغ تمويل قطر للجماعات الإرهابية المسلحة بليبيا ودعمها للمليشيات المتطرفة بالمال والسلاح منذ اندلاع أحداث 17 فبراير عام 2011حوالى 750 مليون يورو، حسب تقارير دولية.

فوفقا لمصادر إعلامية، بدأ دعم الدوحة لهذه الجماعات والمليشيات عبر "المجلس العسكرى طرابلس"، بالسلاح والعتاد بالإضافة إلى إرسال جنود كانوا يرافقون زعيم "الجماعة الليبية المقاتلة" ورئيس "المجلس العسكرى طرابلس" عبدالحكيم بلحاج حتى دخل "باب العزيزية" تحت غطاء طائرات حلف الناتو.

وجاء الدعم القطري كذلك من خلال دعم شخصيات من أطياف مختلفة، مثل رجال دين، منهم على الصلابي، وعبدالحكيم بلحاج، وعبدالباسط جويلة، وعناصر إرهابية معروفة ورجال أعمال. كما قامت قطر، عقب تشكيل "مجلس شورى ثوار بنغازي" فى عام 2014، وعبر المؤتمر الوطنى ووكيل وزارة الدفاع عضو الجماعة الليبية المقاتلة خالد الشريف، بتمويل المجلس بالأسلحة والعتاد، الذى كان يصل فى نهاية المطاف إلى مسلحي المجلس فى بنغازى بواسطة قوارب بحرية.

أيضاً دعمت قطر أنصار "الجماعة الليبية المقاتلة" فى درنة، فكانت ترسل الجرافات من ميناء مصراته إلى مقاتلي "مجلس شورى مجاهدى درنة"، كما دعمت جماعات  أخرى مثل "أنصار الشريعة" المحظورة و"مجلس شورى ثوار بنغازي" و"مجاهدى درنة" و"سرايا الدفاع عن بنغازي"

وامتد الدعم القطرى للجماعات الإرهابية إلى كتيبة "أبو عبيدة الزاوي" فى مدينة الزاوية غربي ليبيا، التى يعتبر زعيمها الزاوي من أكبر حلفاء عبدالحكيم بلحاج، بل إنه يعتبر سنده الأكبر خارج طرابلس، فبعد حصول بلحاج على الدعم من دولة قطر قام بلحاج بتأسيس شركة الأجنحة الليبية للطيران، التى تفيد مصادر ليبية بأنها وسيلة الانتقال المستخدمة لنقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا.

لم يقتصر دعم الميليشيات والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط على  قطر وحدها، بل أكدت وقائع وأدلة التورط التركي في دعم الإرهاب أيضًا، وبالأخص في الحالة الليبية. وفي هذ الإطار أكد تقرير أعدته الصحافة اللبنانية أن تركيا توفر ملجأ لقيادات الجماعة الليبية المقاتلة، كبعد الحكيم بلحاج وخالد الشريف، اللذين يملكان استثمارات مالية وعقارية كبيرة في تركيا، إذ تقول تقارير ورسائل سربها موقع ويكيليكس أنهما قد نهبها من أموال مؤسسات الدولة الليبية في أعقاب سيطرتهم على العاصمة طرابلس بعد سقوط النظام في أغسطس 2011.

وأعلن الناطق باسم الجيش الليبي، العميد أحمد المسماري، أن قطر وتركيا خالفتا قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا، مشيرا إلى قيام الجيش الليبي بعملية جديدة في منطقة الكفرة الحدودية، جنوب شرقي البلاد. وأضاف المسماري، في مؤتمر صحفي، اليوم، الأربعاء، 4 يوليو/تموز، أن قطر وتركيا خالفتا قرارات مجلس الأمن، وجعلتا ليبيا ساحة لمعسكرات تدريب التنظيمات الإرهابية.

واستنكرت لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي بطبرق شرقي البلاد، تدخل دولة قطر في الشأن الليبي، مشيرة إلى أن دعمها للعصابات الإرهابية، وتبريرها الهجوم على الحقول والموانئ النفطية، محاولة سياسية رخيصة.

في السياق نفسه، كشف تقرير فرنسي مخاطر تدخل قطر وتركيا في الشأن الليبي الداخلي والقيام بأعمال تعزز الانقسام فيها، مشيرًا إلى أنهما تعملان علي تمزيق ليبيا، بحسب تقرير لمجلة "أورينت 21" الفرنسية. ولفت التقرير النظر الي النفوذ التركي القطري في العاصمة طرابلس، من خلال وجود جماعة الإخوان  الموالية للدوحة وأنقرة، فضلًا عن الميليشيات المنضوية تحت فجر ليبيا.

هذه التحركات القطرية التركية محكومة بدوافع و أهداف بعينها في هذا الإطار يقول الكاتب يحيى الأمير لجريدة عكاظ:" تركيا؛ فبالإضافة إلى البعد التوسعي الإمبراطوري الذي يمثل ذهنية النظام الحاكم هناك، كان يرى في تنظيم الإخوان المسلمين أبرز الأدوات التي ستمكنه من تحقيق هدفين مشتركين: إعادة بناء المجد العثماني وتعزيز قوة نظامه في الداخل ومحورية الدور التركي في بناء التنظيم والتحكم به.

أما النظام في قطر فلديه الكثير من العقد والتطلعات التي سخر من أجلها كل شيء واستثمرت بقية الأطراف وجوده في عمق الجسد الخليجي الذي تمثل دوله أبرز المستهدفين بذلك المشروع، ومثل الداعم الأبرز ماليا وإعلاميا، وقام بتأسيس ودعم ميليشيات واسعة بالمال والسلاح من ليبيا إلى العراق ومصر وغيرها".