وأخيرا أنصف الفوز المترشح سيحمدي حمداوي، بمقعد نيابي في المجلس الشعبي الوطني تمثيلا لولاية سطيف الواقعة شرق الجزائر، بعد ثلاث إقصاءات رغم الفوز جاءت الرابعة محمودة، بعد نضال و صبر طويل

الرجل ذو 68 عاما،شغل منصب رئيس بلدية صالح باي بولاية سطيف، أين يتمركز القطاع الأكبر من وعائه الانتخابي بالجهة الجنوبة للولاية، و سبق له أن ترشح للانتخابات التشريعية ثلاث مرات متتالية سنوات 2007، 2012 و 2017. وفي كل مرة كان من الفائزين، لكن دون أن يصل إلى البرلمان، وهنا تأتي الغرابة في الحكاية.

 مع كل فوز كان يحصده المترشح قابله إقصاء بطريقة أو بأخرى، ففي الانتخابات التشريعية سنة 2007 ترشح في قائمة الحزب الوطني للتضامن والتنمية، ورتب يومها في المركز الثاني، وأدار حملته بصفة عادية مكتسحا المنطقة التي ينحدر منها، وبعد الفرز تم إعلان أن حزبه فاز بمقعدين بولاية سطيف، وهو العدد الذين حصده حزب التضامن والتنمية على المستوى الوطني، والنتيجة أعلنها وزير الداخلية آنذاك يزيد زرهوني.

وبعد وصول خبر الفوز، أقام سيحمدي الأفراح واحتفل بالنجاح الباهر بدعوة أهل المنطقة وإكرامهم بوليمة، حضرها المدعوون بأعداد هائلة من مناطق مختلفة، وباتت مواكب السيارات تجوب الأحياء احتفالا بهذا الفوز، لكن في اليوم الموالي حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث أعلنت مديرية التنظيم والشؤون العامة لولاية سطيف أن هناك خطأ في صب الأصوات، فعوض أن تذهب بحسبها إلى حزب التجمع الديمقراطي، تم صبها لصالح حزب التضامن والتنمية، وجرى الحديث يومها عن 5700 صوت يقال بحسب مصالح الولاية إنها ذهبت خطأ إلى قائمة الحزب المذكور، وبالتالي تم استدراك الأمر وأقصي سيحمدي وزميله.

لم يكن من السهل تحمل الإقصاء الذي كان قويا على الحزب و المترشحين، و لم يهضمه حتى أنصار الرجل، ولكنه رغم ذلك لم ييأس وقرر إعادة الكرة في الانتخابات التشريعية سنة 2012، فترشح في المرتبة الثالثة في قائمة حزب التجمع الديمقراطي، الذي كان سببا في إقصائه ولعلها تكون الورقة الرابحة.

و هو ما كان بالفعل، حيث حقق نتيجة جيدة و فاز الحزب بثلاثة مقاعد وسيحمدي هو الثالث في الترتيب، إذن هو الفوز لا محال، و استقبل الرجل التهاني التي بدأت تتهاطل عليه، من دون ولائم ولا أعراس هذه المرة في انتظار التأكيد، لكن قانون الحزمة النسوية أقصاه وصعدت مكانه سيدة مدرجة في القائمة، ليكون الرجل قد أقصي للمرة الثانية.

أمام الخبر لم يجد سيحمدي سوى الرضوخ للأمر الواقع وقبول ما أقرته الإدارة، لكنه لم ييأس ولم يستسلم، فضرب للناس موعدا في الانتخابات التشريعية التي نظمت في 4 ماي/أيار 2017، التي كان فيها مرشحا للمرة الثالثة، وهذه المرة في قائمة حزب الحركة الشعبية الجزائرية، أين رُتب في المرتبة الثانية، وكانت النتيجة وفق ما أراده سيحمدي وأنصاره، حيث فاز حزب عمارة بن يونس يومها بمقعدين بولاية سطيف، ونظريا كان الفائز الثاني في القائمة هو سيحمدي، لكن قانون الحزمة عاد مرة أخرى ليضرب رأس سيحمدي من جديد، فأقصي وتأهلت السيدة التي تليه في الترتيب. مع العلم أن غالبية الأصوات التي آلت إلى قائمة الحركة الشعبية، تعود إلى مؤيدي سيحمدي.

وبهذه النتيجة يكون حمداوي سيحمدي أغرب مترشح في الجزائر، لم ينصفه الحظ و القانون معا، فهو الرجل الذي نجح ثلاث مرات وأقصي ثلاث مرات، وهو المترشح الذي يؤهل غيره ويقصي نفسه.


وما كان على الرجل المثابر، الا انتظار سنة 2021 وتشريعيات 12 جوان/ يونيو، التي سارت بنظام القائمة المفتوحة، وفق ما أقره قانون الانتخابات الجديد الذي يلغي رأس القائمة ويدعو إلى اختيار الشخص، وهذه المرة فاز سيحمدي بمقعد في البرلمان بعدما تحصل حزب التجمع الديمقراطي على 4 مقاعد بولاية سطيف دون تسجيل أي تحفظ لحد الساعة، و تحصل على 3000 صوت داعم له، وكأن الحق عاد إلى صاحبه بعد 20 سنة أي بعد أربعة انتخابات تشريعية فاز بثلاثة منها وأقصي وربح الرابعة دون إشكال، ولكن بتحفظ لأنه أجّل الاحتفال بالفوز، إلى غاية إعلان النتائج النهائية المصادق عليها من قبل المجلس الدستوري، فقد كان المستفيد الأول من قانون الانتخابات الجديد الذي أنصفه هذه المرة.