من المعروف لدى عامة الشعوب أن فصل الصيف، هو فصل الاجازات والرحلات، ولكن المعروف لدى الجزائرين وبخاصة أهالي القرى والمداشر والمناطق الصحراوية، أنه فصل الانقطا

عات في الكهرباء والماء، نظرا لارتفاع الاستهلاك وشح الموارد، حتى أصبح من البديهيات التي ينتظرها المواطن كل موسم.

ولكن هذه السنة انتقلت الأمور من السيء الى الأسوأ، حيث امتد التصحر والجفاف الى حنفيات المدن الكبرى، وعلى رأسهم العاصمة الجزائرية، التي عرفت مع دخول فصل الصيف أزمة لم يكن لسكانها عهد بها، ومع هذا الوضع المتعب ليوميات الجزائري، انتعشت بفعل هذه الحالة تجارة الصهاريج و البراميل البلاستيكية بشكل غير مسبوق، أين تحتم على المواطنين البحث عن سبل تخزين أكبر قدر من ممكن من المياه، وهذا ما قاد البعض الى حجز شرفاتهم وأسطح عماراتهم بصهاريج كبيرة قد تصل الى 3000 لتر، غير مبالين بعواقب ذلك.

وفي ظل هذا الوضع، عادت ظاهرة شاحنات بيع المياه غير المعدنية، الى كبريات المدن في وقت ظن البعض أنها انقرضت، وهذا ما تنطبق عليه مقولة ( مصائب قوم عند قوم فوائد) أو ( رب ضارة نافعة)، فتساوى أهل القرى المعزولة والمدن في الحجز لموعد ملئ الصهريج، أو السهر على أنغام أغنية "جا الماء نوض تعمر" (جاء الماء انهض لتملئ) للفنان الكوميدي صالح أوقروت، والتي يحفظها جيل التسعينات جيدا.

 

ولا يقتصر الأمر على مياه الشرب فقط، ولو كان كذلك لاقتنى الجزائريون قنينات المياه المعدنية، وقضي الأمر، ولكن كل الحاجيات اليومية و العائلية مرتبطة ارتباطا وثيقا بهذا العنصر المهم، من ساعة الاستيقاظ الى ساعة النوم، وفي كل مكان، وهذا ما قاد الكثير من العاصميين على غرار باقي المدن، الى اقتناء الصهاريج الكبيرة والبراميل البلاستيكية وتركيبها، في المنازل و الأقبية وأسطح العمارات حتى لا يقعوا في حاجة الى الماء.

وبما أن التجارة عرض وطلب، والطلب أصبح أكبر، استغل أصحاب صهاريج المياه الفرصة، و قننوا لأنفسهم سعر اللتر الواحد من الماء  الشروب، حتى أضحى بخمسة (05) دنانير وهذا ما لم يتقبله الكثير من الجزائريين وخاصة البسطاء منهم، الأمر الذي خلق تذمرا وسط الكثير ممن أعربوا عن استيائهم وتذمرهم عبر صفحاتهم في الفايسبوك، من أزمة انقطاع وندرة المياه من جهة ومن ارتفاع الأسعار من جهة ثانية وخاصة ما تعلق بالبراميل البلاستيكية وكذا الصهاريج، ومنهم من احتج بقطع الطرق و التظاهر.

 

إن أسعار البراميل البلاستيكية والصهاريج هي الأخرى عرفت زيادة بنسبة 50 من المائة، حيث تراوحت أسعار البراميل بين 1000 دينار إلى غاية 3000 دينار، أما أسعار الصهاريج فهي باهظة جدا مقارنة بالبراميل إذ تراوحت بين 17 ألف و40 ألف دينار جزائري، حيث يبلغ سعر صهريج ذو سعة 1000 لتر17ألف دينار، أما صهريج سعة 1500 لتر فسعره يبلغ 22 ألف دينار، أما صهريج سعة 3000 لتر فسعره يتراوح بين 40 ألف إلى 45 ألف دينار، ويعتبر من أكثر الصهاريج طلبا من قبل المواطنين، حيث يتم وضعه فوق أسطح العمارات بشكل كبير..

و على قول المثل اذا سقطت الذبيحة كثر السلاخون، فان كنت قد اجتهدت وتفاوضت واشتريت لنفسك صهريجا بسعر يقضي على نصف راتبك، فانتظر وحدد موعدا للسباك كي يتكرم عليك بوقته، لأنه محجوز من الفجر الى المغرب لكثرت الطلب، وعليك بالاجابة على قائمة استطلاعية من الأسئلة، كي يحدد لك سعرا مابين 5000 و8000 دينار جزائري، للتركيب فقط ، بعد أن كانت في وقت ليس ببعيد لا يتجاوز سعر خدمته 3000 دينار.

استياء المواطنين من الوضع الذي نغص عليهم حياتهم، دفع بالمنظمة الجزائرية لحماية المستهلك وإرشاده، الى الحديث عبر صفحتها الرسمية على الفايسبوك حول انتعاش تجارة البراميل البلاستيكية، وفيها تجاوب الكثير من المواطنين وأبدوا غضبهم من ظاهرة الاستغلال الموسمية، التي يغيب فيها دور وزارة التجارة أو يكاد منعدما، فمع كل بوادر أي أزمة أو إشاعة تلتهب بورصة الأسعار في سوق المواد المستهلكة أو حاجيات المواطنين، مما خلف ذلك أعباء و مصاريف أصبح تثقل كاهل العائلات الجزائرية.

فلا يعقل حسبهم، أن يتم استغلال جيوبهم بهذا الشكل القذر، وهناك من علق عن مخاطر وأضرار الصهاريج التي يتم تعليقها فوق أسطح العمارات، وقال " بالنسبة للصهاريج والبراميل البلاستيكية وبالأخص الصهاريج التي صارت توضع فوق العمارات من المحتمل أن تسبب كارثة في أي لحظة فقد تؤدي إلى انهيار البنايات ووقوعها على الأشخاص وحدوث وفيات"، وهناك من وجه أصابع الاتهام إلى شركة "سيال" المختصة في توزيع المياه وقال أنها تنعش تجارة البراميل البلاستيكية والصهاريج بقوة رهيبة وفي وقت وجيز.

 

 

وللاستفسار أكثر اتصلنا برئيس منظمة حماية المستهلك مصطفى زبدي الذي حذر من خلال حديثه معنا المواطنين من اقتناء البراميل والصهاريج البلاستيكية التي تكون غير مطابقة واستعمالها، إذ قال إن الأمر قد يسبب أضرارا مختلفة، ودعا في هذا الشأن المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر عند اقتنائها.
وبشأن ارتفاع الأسعار، ذكر زبدي أن أغلب العائلات ليست في حاجة لصهاريج كبيرة، واحتياجاتهم تكون للبراميل البلاستيكية والصهاريج الصغيرة والمتوسطة الحجم فقط وأسعارها مناسبة نوعا ما مقارنة بتلك الكبيرة.