في الوقت الذي تتقدم فيه قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر باتجاه وسط العاصمة الليبية طرابلس في مواصلة لعملية "طوفان الكرامة" العسكرية التي انطلقت منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي والرامية لانهاء نفوذ المليشيات المسلحة والقضاء على العناصر الارهابية المنتشرة في المدينة،اتجهت جماعة "الاخوان" الى سلاح الشائعات مجددا للتغطية على خسائرها واحداث بلبلة في صفوف الجيش الليبي.
ومنذ يومين،غصت وسائل اعلام "الاخوان" والصفحات الموالية لها على مواقع التواصل الاجتماعي بخبر مقتل اللواء عبدالسلام الحاسي بضواحي بنغازي.ويشغل اللواء الحاسي منصب آمر غرفة عمليات الكرامة منذُ معركة تحرير درنة، وكان قد كلّف من قبل القيادة العامة سابقًا بترؤس غرفة عمليات تحرير الجنوب وغرفة عمليات المنطقة الغربية.
وسرعان ما ظهر اللواء الحاسي مفندا شائعة مقتله،مؤكدا إنه يتمتع بصحة جيدة وإن الأخبار التي راجت حول اغتياله ليست سوى شائعات لا أساس لها من الصحة.وأكد مصدر مقرب من اللواء لمراسل بوابة إفريقيا الإخبارية، أنه بصحة جيدة وأن الأخبار المتداولة عارية عن الصحة وغرضها بث الفتن في مدينة بنغازي.
واللواء عبد السلام الحاسي من مواليد 1943 في مدينة شحات شرق ليبيا، تخرج من الكلية العسكرية برتبة ملازم ثاني، التحق بالقوات الخاصة في مطلع السبعينات، التحق بعملية الكرامة منذ بدايتها في مايو 2014 وكُلف من قبل القيادة العامة للجيش امرا لغرفة عمليات عمر المختار بالجبل الأخضر كما كُلف من قبل القيادة امرا لغرفة عمليات الكرامة بنغازي.
وتأتي شائعة مقتل الحاسي ضمن مسلسل الشائعات الذي أطلقته مؤخرا وسائل إعلام جماعة "الإخوان" والتي يبث أغلبها من تركيا،مستهدفة الجيش ‏الوطني الليبي،بسلسلة من الأكاذيب بهدف ادخال البلبلة في صفوفه وعرقلة تقدمه الميداني المتصاعد في محاور القتال على تخوم العاصمة الليبية طرابلس منذ أيام.
وآخر الأكاذيب،ما نسب الى اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم القوات المسلحة الليبية،حول حديثه عن انسحابات في صفوف الجيش الليبي حيث نقلت صفحات اخوانية عن المسماري قوله "الجيش ‏أكبر من أي مدينة وانسحابات بعض الأفراد لن يؤثر فى المعركة".وقامت جماعة الاخوان بنشر التصريح عبر صفحات مزورة باسم الجيش الليبي.
ونفي اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القوات المسلحة الليبية،عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ، هذه الأكاذيب قائلا :"هذا الكلام لم يصدر من الناطق الرسمي ونرجو من الجهات الإعلامية توخي الحذر في نقل الخبر".وأشار المسماري الى أنه لم يدلي بأي تصريح ميداني مؤكدًا أن الخبر مزور من قبل ما وصفه "الذباب الإلكتروني الإخواني".
ولم تكن هذه الأكاذيب هي الأولى، فقد اعتادت قنوات "الإخوان" وصفحاتها، على نشر الإشاعات والأكاذيب حول المعارك الدائرة بين القوات المسلحة الليبية والميليشيات.وتحدثت في أكثر من مناسبة عن انسحاب الجيش من بعض المواقع أو عن استهداف المليشيات لقوات الجيش وتكبيده خسائر وهو ما كان ينفيه المسؤولون العسكريون والوقائع على الأرض التي تشير الى خسائر مستمرة للمليشيات الاخوانية.
أكاذيب الاخوان وشائعاتهم وصلت الى حد تحريف تصريحات للمبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة،في سبتمبر الماضي،حين ادعت قناة "ليبيا بانوراما" الذراع الاعلامي لجماعة "الإخوان" عبر صفحتها على "تويتر"، أن "غسان سلامة قال إن المشير خليفة حفتر مستعد لانسحاب محتمل من طرابلس مقابل الحصول على مناصب متقدمة بالدولة".
وسارعت حينها البعثة الأممية،لنفي صحة ما جرى تداوله على لسان رئيسها غسان سلامة،منبهة إلى "التحريف المتكرر الذي يقدم عليه البعض لتصريحات سلامة"، في حين دعت الجميع إلى "مزيد من المهنية في نقل الوقائع والتصريحات".وقالت مصادر من داخل البعثة الأممية، لـ"بوابة افريقيا الإخبارية"، إن التصريحات التي أدلى بها المبعوث الأممي خلال مقابلة مع صحيفة ليبيراسون الفرنسية، تم اجتزاؤها وتحريفها من قبل بعض الوسائل الإعلامية، لافتة إلى أن النص الأصلي للمقابلة ليس به أي مشاكل.
واتهم الجيش الليبي جماعة "الاخوان" بالوقوف وراء التحريف المتعمد لتصريحات سلامة، حيث أكد المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، أن جماعة الاخوان الإرهابية تعمل على توظيف تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، لصحيفة ليبراسون الفرنسية. واعتبر المركز الإعلامي في بيان نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن هذا التوظيف لتصريحات سلامة يعد كارثة لهم.
وأوضح المركز الإعلامي، أن ‏حقيقة تصريحات غسان سلامة لصحيفة ليبراسيون الفرنسية والتي يعمل تنظيم الإخوان الإرهابي على توظيفها هي كارثة لهم، موضحًا أنها تُضيف لملفات كذبهم وتدليسهم نوعا آخر من الكذب حتى على المؤسسة الأممية. وأضاف المركز، أن سلامة قال بوضوح إن قائد الجيش خليفة حفتر، يشترط نهاية الميليشيات، ويشترط إعادة هيكلة سلطة الدولة، مُستدركًا: "ويقول سلامة إن المعسكر المقابل لحفتر لا يمتلك تصورًا واضحًا، وليس كما ادّعوا".
ومنذ انطلاق العمليات العسكرية في طرابلس تجندت وسائل الاعلام الموالية للاخوان في محاولة لتشويه الجيش الليبي.وكان الناطق الرسمي باسم قوات الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري، وجه في أبريل الماضي، نداء لليبيين لأخذ الحيطة والحذر من حملة تضليل إعلامي على وسائل إعلام معادية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة، تستهدف تشويه عملية طرابلس وقلب الحقائق على الأرض.
وقال المسماري في مؤتمر صحفي "على أبناء الشعب الليبي أن ينتبهوا لعمليات التضليل الإعلامي التي تمارس عبر وسائل الإعلام المعادية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة والانتباه بشكل كبير جدا لفايسبوك وتويتر وحتى الإذاعات مثل الجزيرة التي تمارس التضليل الإعلامي".
ويشير متابعون للشأن الليبي الى الاشاعات التي تطلقها جماعة "الاخوان" والمليشيات الموالية لها،نابعة بالأساس من مبادئ الجماعة التي تبيح الكذب والتلون والخداع للوصول الى أهدافها بأي ثمن.حيث تسعى الجماعة الى البقاء في السلطة لاستمرار نهب ثروات البلاد وخدمة أجندات الدول الداعمة لها وعلى رأسها تركيا وقطر.
وفي تدوينة له بموقع "فيسبوك"،تحدث أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية مصطفى الزائدى عن جماعة "الإخوان" قائلا:"تنظيم يعتمد الكذب والافتراء والتزوير وينتهج سياسة الغاية تبرر الوسيلة، وأعضائه لا يتورعون عن الغش والخداع والاستحواذ على أموال الغير، ولا يترددون في ممارسة الرذائل والمحرمات ويستبيحون دماء الناس وأعراضهم، لا يمكن أن يحسب على أي دين فما بالك الدين الإسلامي الحنيف".
وتعتبر جماعة "الاخوان" في ليبيا، الذراع التخريبي للمحور التركي-القطري،الذي تتهمه عدة أطراف ليبية بمحاولات نشر الفوضى في البلاد.وهو ما تؤكده شحنات السلاح المختلفة التي تتدفق إلى الجماعات الإرهابية في ليبيا قادمة من تركيا وبأموال قطرية بهدف استمرار الفوضى في ليبيا، وتمكين الجماعات الإرهابية وثيقة الصلة بالتنظيم الدولي لجماعة "الإخوان" من السيطرة على البلاد.
وتأتي هذه المحاولات الاخوانية للتشويش على الجيش الليبي في وقت تتواصل فيه تحركات الأخير وتقدمه الميداني الكبير حيث تمكنت قوات الجيش الليبي،الأحد، من إحكام سيطرتها على محور الرملة جنوب العاصمة طرابلس.وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "قواتنا تسحق الميليشيات وتدحرهم في محاولتهم التقدم نحو منطقة الرملة".
وفي وقت سابق أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي،في بيان لها، تحديد مناطق حظر جوي في طرابلس الكبرى وعدة مواقع بمناطق ليبيا الغربية. وأوضح البيان، أن "الحظر لا يشمل المنطقة الممتدة من كلية البنات وسط العاصمة في شارع عمر المختار شرقًا وحتى القربولي مرورًا بأجواء مطار معيتيقة دخولًا وخروجًا".
ويبدو أن المعارك في العاصمة الليبية قد تشهد تطورات كبيرة خلال الأيام القليلة القادمة وهو ما أكده  مصدر عسكري تابع للجيش الليبي، في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"،حيث قال المصدر:"إن الوحدات العسكرية التابعة للجيش الليبي نجحت في فرض سيطرتها على كل المواقع والتمركزات المتقدمة للعدو، كما أجبرته على التراجع إلى نقاط متأخرة، والأيام القليلة القادمة تحمل في طيتها الكثير من العمليات العسكرية البرية وهذا ما نستطيع البوح به الآن وذلك من أجل الحفاظ على السرية وضمان نجاح العمليات".
ويشير مراقبون الى أن اعتماد جماعة الاخوان في ليبيا،على نشر الشائعات يكشف المأزق الذي تعيشه في ظل خسائرها العسكرية وافتقادها لأي شرعية شعبية،فالليبيون لديهم حساسية بالغة إزاء التدخل الخارجي أو التبعية لأجندات خارجية وخاصة القطرية والتركية.وتؤكد هذه التطورات أن الجماعة باتت تتحسس نهايتها في ليبيا وهو ما يراه كثيرون سبيلا لاعادة الاستقرار في البلاد كون الجماعة تمثل عائقا أمام تحقيق المصالحة وبناء الدولة.