في وقت تسعى فيه ليبيا لتأمين حدودها بالتنسيق مع دول المنطقة،تتواصل المخاطر المحدقة بالبلاد،في ظل إنتشار الجماعات المسلحة وعلى رأسها قوات المعارضة التشادية،التي تتخذ من الأراضي الليبية مسرحا لتنفيذ أنشطتها داخ ليبيا وخارجها، إندلعت إشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة التشادية والجيش التشادي النظامي شمالي تشاد على الحدود مع جنوب ليبيا.

وأكدت مصادر إعلامية، أن الاشتباكات تدور بيت قوات المعارضة بقيادة المعارض "تيمان أرديمي" والجيش التشادي فيما يعرف باسم محور كرٌي،مرجحة بأن القوات المهاجمة قد تمكنت من جمع قواها مجدداً في مناطق أقصى جنوب ليبيا فيما كانت أجزاء منها تتمركز في منطقتي سبها وأم الأرانب وجبل بن غنيمة.

وتأتي هذه الإشتباكات،بعد أيام قليلة من الاجتماع الوزاري الثالث لتأمين ومراقبة الحدود المشتركة التي تضم السودان، تشاد والنيجر وليبيا،والذي أسفر عن إنشاء مركز للعمليات في العاصمة التشادية لمحاربة الجماعات الإرهابية ومكافحة التهريب والاتجار بالبشر، واتفاق آخر للتعاون القضائي.

وقال وزير الداخلية التشادي أحمد محمد باشر إن اختيار تشاد لإنشاء مركز العمليات يهدف إلى السيطرة على الحدود الغربية والجنوبية بين ليبيا والسودان والنيجر حيث تنشط الجماعات الإرهابية هنالك.وأضاف أن "مكافحة الإرهاب تأتي أولا، ثم مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب السلاح ومحاربة الميليشيات المنتشرة بين ليبيا والنيجر والسودان.

 ** تحالفات ودعم

واتخذت بعض فصائل المعارضة التشادية المسلحة من الأراضي الليبية منطلقا لتحركاتها بدعم قطري،كما أتجهت تلك الفصائل للتحالف الميداني مع الميلشيات الليبية المسلحة.ويعد تيمان أرديمي وهو قائد لمليشيا متمردة تدعى "تجمع قوى التغيير" من أبرز المعارضين التشاديين ويقيم فى العاصمة القطرية الدوحة منذ حوالي 10 سنوات. 

وتتهم أنجامينا قطر بزعزعة أمنها وإستقرارها عبر دعم هذه المليشيات المتمردة إنطلاقاً من الاراضي الليبية التي تنشط فيها فصائل التمرد ضد الرئيس ديبي.وفى ابريل الماضي،كشفت صحيفة تشادية،أن حوالي 11 ألف عنصر من المعارضة التشادية منتشرون حاليًا في جنوب ليبيا،وموزعين على ستة حركات مسلحة من بينها قوات مليشيا اتحاد قوى المعارضة ، بقيادة تيمان أرديمي ، المقيم فى قطر وهي أحد اكثر المليشيات التشادية تسليحاً وعدداً.

وكانت المعارضة التشادية قد اعترفت بوجود قوات لها تقاتل في جنوب ليبيا، ضمن قوات "سرايا الدفاع عن بنغازي"، كاشفة أن قادة من مسلحيها وقعوا أسرى لدى القوات المسلحة الليبية، أثناء المعارك التي انسحبت على إثرها عناصر "السرايا"، والقوة الثالثة، من مناطق الجفرة وشمال سبها.

وقال  الناطق باسم القيادة العامة للجيش العقيد أحمد المسماري،في مارس 2017، إن قوات المعارضة التشادية شاركت في الهجوم على منطقة الهلال النفطي، كما  أكد آمر عمليات سلاح الجو التابع لقيادة الجيش العميد الطيار محمد منفور وجود تحالف بين القوات القادمة من مدينة مصراتة والمدعومة من قطر مع سرايا الدفاع عن بنغازي وقوات المعارضة في تشاد لإستهداف الأمن الوطني لليبيا.

وفي يونيو الماضي، استهدف سلاح الجو الليبي معسكراً يأوي عناصر تشادية فى منطقة أم الارانب جنوبي ليبيا.وجائت تلك الضربات عقب أقل من أسبوع عن هجوم شنته سرايا الدفاع عن بنغازي مدعومة بفصائل تشادية على قاعدة تمنهنت الجوية فى محاولة اعتبرت بأنها محاولة لتكرار مجزرة قاعدة براك الشاطئ فى مايو 2017.

كما تحالفت العصابات التشادية مع إبراهيم الجضران،أحد قادة الميليشيات الليبية، الذي كبد البلاد خسائر بمليارات الدولارات، بسبب سيطرته المتكررة على مرافئ النفط.وفي يونيو الماضي،هاجم هذا التحالف الموانئ النفطية  فى مينائي السدرة ورأس لانوف وهو الأمر الذي أكده رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فى طرابلس مصطفى صنع الله.

** الخطف

على صعيد آخر،تتهم ليبيا العصابات التشادية بالمشاركة في عمليات الخطف والابتزاز للمواطنين والأجانب التي تحدث بمنطقة بحر الرمال الشاسعة جنوب شرق الجغبوب مقابل الحصول على الفدية، وكذلك بتورطها في عمليات تهريب السلاح والمخدرات والمواد البترولية، مستغلة حالة الفراغ الأمني الموجودة على الحدود الليبية.

وكانت كتيبة سبل السلام بالكفرة،قد ألقت القبض،الجمعة 03 أغسطس 2018،على أحد قيادات الميليشيات الإرهابية، بمنطقة الحرابة،التي تمتهن الخطف والحرابة والقتل والابتزاز في الجنوب الليبي.وأفاد المكتب الإعلامي بكتيبة سبل السلام أن الإرهابي يحمل الجنسية الشادية، ويدعى "محمد عبد الله" والمكني بــ"أبو عبد الله" ويعيش في غرب ليبيا.

وأفادت الكتيبة، خلال مقطع مصور، نشرته عبر صفحتها الرسمية على "الفيس بوك" يظهر التحقيق الذي أجرته مع ذلك القيادي و الذي اعترف بوجود نحو 16 جماعة إرهابية تقوم باختطاف المدنيين و عدد من عناصر الجيش الليبي مدينتي الكفرة وجغبوب برئاسة القيادى "زكريا الجربوع" وهو تشادى الجنسية.

واعترف القيادي بامتلاكه 4 سيارات مسلحة، تضم 14 فردا تحت قيادة فحسب، هم من يقومون بممارسة عمليات الاختطاف في ليبيا.

وقال القيادي الإرهابي، أنهم يتلقون الدعم سواء من معدات او محروقات كالوقود أو حتى المال الذي يتم ارساله من منطقة اربيانا، مشيرا بأن المال الذي يتم التحصل عليه من أهالي الأسرى يتم ارساله عبر وسيط إلى السودان.

وفي يوليو الماضي،أعلن الجيش الليبي تحريره 3 مواطنين ليبيين تم اختطافهم من قبل عصابات تشادية،احتجزتهم في أحد مواقعها بجبل كلنجا الواقع في المناطق الحدودية مع دول جوار ليبيا.وقامت كتيبة سبل السلام بتنفيذ عملية نوعية مسلحة على موقع لميليشيا من المرتزقة التشادية،تمكنت خلالها من تحرير المخطوفين 3 و غنم سيارة مسلحه نوع تويوتا من تلك الميليشيا.

وتنشط عمليات الخطف التي تمثل مصدر تمويل للعصابات المسلحة في الجنوب الليبي،ففي يوليو الماضي،أكد مصدر محلي،لبوابة افريقيا الاخبارية، أن عناصر عصابات الخطف التي قال إنها تعود للمعارضة التشادية تحصلوا خلال أقل من شهرين على مبلغ 950 ألف دينار كفدية حيث قاموا بخطف 8 مواطنين بينهم طفل وقتلوا أحدهم واستلموا فدية 450 ألف دينار، وخطف 4 مواطنين وقتلوا أحدهم واستلموا فدية 500 ألف دينار.وأضاف المصدر أن عصابات الخطف تتخذ من إحدى القرى بمنطقة أم الأرانب مقرا لها، وتقوم بعمليات الخطف على الطريق العام سبها الجفرة، وبعض المناطق الأخرى، ومن ثم ابتزاز أهالي المخطوفين لإطلاق سراحهم.

** تحذيرات

ويمثل وجود هذه العناصر التشادية في مناطق الجنوب الليبي خطرًا حقيقيًا، لا سيما في ظلّ استغلال عناصر عصابات تهريب البشر للوضع في تنشيط وتوسيع شبكات تحركاتهم، علاوة على الارتباط المصلحي لهذه المجموعات، مع التنظيمات الإرهابية التي تسعى منذ سنوات إلى إقامة "إمارة إسلامية" في المنطقة، وفق مراقبين.

وكان آمر القوات الخاصة "الصاعقة" اللواء ونيس بوخمادة،قد دعا في وقت سابق الشعب الليبي إلى حمل السلاح والهرع إلى الجنوب لمقارعة وطرد العصابات التشادية والإرهابيين. وقال بوخمادة في كلمة مصورة نشرتها قناة "ليبيا الفضائية"،الأحد 05 أغسطس 2018،إن الوضع في المنطقة الجنوبية مزر للغاية، متوعدًا الإرهابيين في الجنوب بطردهم قريبًا كما فعل الجيش والقوات المساندة في كل من بنغازي، ودرنة، وسرت.

وأشار إلى أن الاختلاف الأيديولوجي والسياسي والجهوي لا يفيد أحدًا، ذلك أن ليبيا أصبحت مرتعًا للإرهاب والعصابات الإجرامية. وشدد على ضرورة الوحدة والاتفاق ونسيان الخلافات لإنقاذ الجنوب من العناصر الأجنبية، وتأمين ليبيا وطنًا للجميع، وأن نكون على قلب رجل واحد، حتى لا ندفع الثمن جميعًا.

وفي ظل الأزمة التي مزقتها،تحولت ليبيا إلى ساحة مفتوحة أمام نشاط عصابات الإجرام،والتنظيمات المسلحة الأجنبية.حيث اتخذت بعض فصائل المعارضة التشادية المسلحة من الأراضي الليبية منطلقا لتحركاتها وأنشطتها،والتحالف مع الميلشيات الليبية المسلحة في هجماتها ضد الجيش الوطني الليبي.

يشار إلى أن القيادة العامة للجيش الوطني الليبي أعلنت،في مارس الماضي، عن عملية عسكرية جوية وبرية في منطقة الجنوب الليبي، تحت اسم "فرض القانون" لإنهاء "حالة الانفلات الأمني في جميع مناطق الجنوب الليبي"، ويشارك في هذه العمليات سلاح الجو وبعض الوحدات العسكرية البرية الليبية.