عاد الوضع الأمني بمناطق الجنوب ليلقي بظلاله على المشهد الليبي ، في ظل مخاوف إقليمية ودولية من تغلغل الجماعات الإرهابية من جديد وتحرك الخلايا النائمة لنسف جهود السلام في البلد الساعي الى طي صفحة عشرة أعوام من الصراع الدموي

وسيحتل الملف الأمني في جنوب ليبيا ، حيزا مهما من مؤتمر برلين 2 الذي سينعقد في الثالث والعشرين من يونيو الجاري ، نظرا لارتباطه بمصير خارطة الطريق للحل السياسي ومنها توحيد المؤسسة العسكرية وتنظيم الانتخابات وباستتباب الأمن في كافة أرجاء البلاد، وبالإستقرار في دول الجوار ، وكذلك بملف الهجرة غير الشرعية نحو الضفة الشمالية للمتوسط ،

وفيما عقد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد ، كلّا على حده ، اجتماعين أمنيين للبحث في التطورات الأخيرة، ولاسيما بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف مفرزة أمنية بمدينة سبها ، الأحد الماضي ، بحث عضو المجلس الرئاسي، عن إقليم فزان ،  موسى الكوني، مع قيادات الجيش من الجنوب الأوضاع العسكرية والأمنية في المنطقة الجنوبية، والعديد من الملفات المهمة.

وأوضح المجلس الرئاسي الذي يتولى مهمة القائد الأعلى للجيش الليبي في بيان الأربعاء ،أن الاجتماع الذي أنعقد مساء الثلاثاء ، بحث ضبط الحدود، ومكافحة الإرهاب ومساعي توحيد المؤسسة العسكرية، وتكاتف الجهود للتصدي للتطرف والإرهاب الذي يهدد المنطقة، بعد العملية الإرهابية الأخيرة، بالإضافة إلى مناقشة سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وبحسب البيان، قدم الضباط الذين يمثلون قيادات الجيش من الجنوب، توضيحاً عن الوضع العسكري الراهن، والأخطار التي تهدد البلاد عبر الحدود الجنوبية، مطالبين القائد الأعلى للجيش الليبي بوضع رؤية شاملة تضم كل الوحدات العسكرية لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب ومنع التهريب.

وأكد الكوني ضرورة وضع خطة أمنية وطنية موحدة لمواجهة الإرهاب، وتوحيد كتائب حماية الحدود ومنحهم كافة الإمكانيات اللوجستية، حتى يتمكنوا من أداء المهام الموكلة لهم، «في إشارة للجهود المتواصلة لتوحيد المؤسسة العسكرية والتي يبذلها المجلس الرئاسي مع جميع الأطراف والقيادات العسكرية في كل أنحاء البلاد»، وفق البيان ،مشددا على أن المجلس الرئاسي يمثل كافة الليبيين ويسابق الزمن من أجل توحيد كل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية التي تعد صمام الأمان للدولة، معتبراً أن تجاوز أزمة الثقة بين كل الأطراف سيفتح الطريق أمام توحيدها والمساهمة في استتباب الأمن وفرض سيادة الدولة.

كما أعلن الكوني، عن اعتزامه اتخاذ جملة من القرارات والإجراءات الهامة المتعقلة بمسائل الأمن القومي وخاصة في منطقة الجنوب الليبي ، ومن بينها تسمية معاون حرس الحدود للعمل من الجنوب، وتكليف معاون لقوة مكافحة الإرهاب في الجنوب، بالإضافة إلى القيام بزيارات لعدد من دول الجوار لدراسة قضايا الأمن والتعاون معها في تأمين الحدود المشتركة.

 وخلال لقاء بمكتب القائد الأعلى للجيش الليبي مع قائد البعثات المدنية للاتحاد الأوربي فرانسيسكو استبيان الذي وصل إلى طرابلس على رأس وفد رفيع المستوى لليبيا، وبحضور سفير الاتحاد الأوربي لدى ليبيا خوسيه سابادي ورئيسة بعثة الاتحاد الأوربي للمساعدة في الإدارة المتكاملة للحدود في ليبيا (يوبام) نتاليا سيا ، أكد الكوني أنه عقد اجتماعا مع عدد من القادة العسكريين الليبيين لدراسة الوضع الأمني على الحدود الليبية وإجراءات ومتطلبات تعزيز ودعم القوات العسكرية والأمنية في المناطق الحدودية ، معتبرا أن السيطرة الأمنية على الحدود الليبية ممكنة جداً في حالة الحصول على المساعدة والدعم الدولي والأوروبي خاصةً في المجالات اللوجستية والتقنية.

وبدوره ، أوضح قائد البعثات المدنية للاتحاد الأوربي أن  زيارته والوفد المرافق له لطرابلس تأتي في إطار تعزيز التعاون المشترك بين ليبيا والاتحاد الأوروبي خاصة فيما يتعلق بأمن وإدارة الحدود وإنفاذ القانون والعدالة الجنائية، والعمل على دعم وقف إطلاق النار واستمرار الهدنة، وكذلك التباحث معكم عن آليات الدعم التي سيكون لبرامج الاتحاد الأوربي توفيرها لليبيا، خاصة في مناطق الجنوب حيث تتمركز بعض من شراذم إرهابية من داعش أو من تنظيم القاعدة، وكذلك النظر فيما تتعرض له الحدود الجنوبية من تدفق لموجات الهجرة غير الشرعية وعمليات التهريب المختلفة.

الى ذلك ، أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، خلال مكالمة هاتفية مع نائب رئيس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية عن إقليم فزان رمضان أبو جناح، دعم الولايات المتحدة لجهود الحكومة الليبية المستمرة لتحسين الأمن في الجنوب، وتوحيد القوات العسكرية للبلاد.

وناقش نورلاند مع أبو جناح، الأمن وتوحيد القوات العسكرية والمصالحة الوطنية والتحضير للانتخابات في ليبيا، مؤكدا دعم الولايات المتحدة لزيادة السيطرة على الحدود بالمنطقة الجنوبية، وحماية السيادة الليبية ، ومشيرا إلى أن هذه الملفات ستطرح للنقاش في اجتماع برلين الوزاري المقبل