لا تزال أعمال العنف متواصلة بالعاصمة الليبية طرابلس مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى اشتباكات عنيفة شهدتها مناطق جنوبي المدينة.يث لقيت عائلة مكونة من 4 أشخاص مصرعها، عصر الأحد 23 سبتمبر 2018، جراء سقوط 4 قذائف على منزلها بطريق المطار جنوب العاصمة طرابلس.وأوضحت المصادر، أن "القذائف أسفر عن مقتل الأب على الطاهر بن زكرى، والطفل محمد، والطفلة رهام، والأم الدكتور سعاد دياب، وتدمير المنزل بالكامل".

وكانت "إدارة شؤون الجرحى" التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس قد كشفت عن ارتفاع أعداد ضحايا اشتباكات جنوبي طرابلس التي اندلعت بداية من 26 أغسطس، وحتى 22 من الشهر الجاري.وأوضح عضو المكتب الإعلامي بوزارة الصحة، طارق الهنشيري، في تصريح خاص لـ"بوابة أفريقيا الإخبارية"، أن 9 أشخاص قتلوا وجرح 18 آخرون جراء اشتباكات أمس السبت جنوبي طرابلس، مشيرا إلى أعداد القتلى ارتفعت لتكون حصيلة القتلى 115 شخصا و560 مصاب منذ بداية الاشتباكات.

على جانب آخر، أكدت مصادر ميدانية أن مئات الأسر تواصل نزوحها من العاصمة طرابلس باتجاه مدن أطراف المدينة بعيدا عن مناطق الاشتباكات، فيما نزحت بعض العائلات إلى مدن أخرى نظرا لسقوط القذائف والصواريخ على مناطق متفرقة من العاصمة.

إشتباكات وتصعيد

وتجددت الاشتباكات، مساء السبت 22 سبتمبر 2018، في منطقة "سيدي سليم" جنوبي العاصمة طرابلس، بين مليشيا قوة الردع والتدخل المشتركة "محور أبو سليم" التي يقودها غنيوة الككلي، ومليشيا "لواء الصمود" التي يقودها صلاح بادي.وتراجعت مليشيا قوة الردع والتدخل المشتركة أمام تقدم مليشيا لواء الصمود، التي شنت هجوماً معاكساً، وفقًا لما نقلته مواقع محلية عن شهود عيان.

واكد مصدر أمنـي ليبي،الأحد 23 سبتمبر 2018، على "عودة وتيرة الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة في محيط مقر خزانات شركة البريقة على طريق مطار طرابلس.ونقلت وكالة "سبوتنيك"،عن المصدر قوله  إن "الاشتباكات تزامنت مع سقوط عدد من الصواريخ نوع غراد على مواقع متفرقة من منطقة وادي الربيع جنوبي العاصمة طرابلس".

وفي تصعيد جديد،أعلن اللواء 22، الذي ينحدر من مدينة ترهونة الليبية، ويساند اللواء السابع، أنّ قوات البنيان المرصوص بمصراته انضمت لما اسمته عملية تحرير طرابلس من المليشيات، بالتزامن مع تجدد الاشتباكات في العاصمة لليبية.

ووفق بيان صادر عن اللواء، فإن "قيادات البنيان المرصوص المتمثلة في العميد بشير القاضي، آمر غرفة عمليات البنيان المرصوص، والعميد محمد الغصري، الناطق الرسمي للقوة، وكذلك، العميد سالم أبو راوي، والعميد إبراهيم بن رجب، أعلنوا في اتصالات مع قيادة اللواء مساندتهم لعملية تطهير مؤسسات الدولة".

ونشرت عدة صفحات تابعة لمدينة مصراته بيانًا مصورًا لمجموعة تطلق على نفسها "أهالي ثوار مصراته"، قالت خلاله إنّها ضد ما اسمته "المليشيات المارقة" المسيطرة على العاصمة.وأعلنت المجموعة حالة النفير القصوى، محذرة من التعرض لهذه القوات المتجهة لتحرير العاصمة، كما طالبت من اسمتهم بالثوار "بضرورة الالتحاق بإخوانهم في الجبهات".

وفي المقابل،وقال ناطق باسم قوة "حماية طرابلس"، التي دشنت أول من أمس عملية عسكرية حملت اسم "بدر" ضد الميليشيات التي تهاجم العاصمة، إن قوة الحماية تتكون من جميع التشكيلات الأمنية والعسكرية الموجودة في طرابلس، وتتبع وزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق الوطني، مشيرا إلى أن العملية تستهدف "دحر الغزاة عن العاصمة طرابلس، القوات التابعة لتحالف الإخوان والمقاتلة".

وكانت "التشكيلات المسلحة" بمدينة طرابلس، قد أصدرت، بيانًا لها، تُعلن فيهِ إطلاق عملية عسكرية تحت اسم "عملية بدر" لطرد من وصفوهم بـ"المجرمين والخوارج المارقين" من العاصمة طرابلس، وذلك في إشارة منهم للواء السابع مشاة ولواء الصمود.وأطلقت هذه التشكيلات المسلحة، على نفسها اسم "قوة حماية طرابلس".

وساطة

ومع تواصل عجزها عن إيقاف منسوب العنف الآخذ في الإرتفاع،إتجهت حكومة الوفاق الليبية لطلب الوساطة من عمداء البلديات والمشايخ والأعيان في كل مدن ليبيا،الذين دعتهم إلى بذل مزيد من الجهود لوضع "اتفاق الزاوية" القاضي بوقف إطلاق النار موضع التنفيذ، والضغط على جميع الأطراف للالتزام بما ورد في بنوده.

كما دعا المجلس الرئاسي، في بيان له، المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لاتخاذ إجراءات أكثر حزماً بشأن القتال في طرابلس وحماية المدنيين ووضع مجلس الأمن الدولي أمام حقيقة الأحداث الدامية في ليبيا، وتحمل مسؤوليته تجاهها.

وسبق بيان الرئاسي، تغريدة من المبعوث الأممي غسان سلامة أعلن فيها إلغاء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.فيما أبدى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، قلقه بشأن زيادة عدد انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار الموقع من الجماعات المسلحة في طرابلس، وحث في بيان وزعته البعثة كل أطراف الصراع على احترام وقف إطلاق النار، والامتناع عن أي أعمال قد تزيد من معاناة السكان المدنيين، مشددا على ضرورة محاسبة أي شخص مسؤول عن انتهاك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.

في سياق متصل، وصف الاتحاد الأوروبي،عمليات الاستهداف التي يتعرض لها المدنيون في طرابلس بأنها "انتهاك للقانون الدولي الإنساني"، ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا جميع الأطراف الفاعلة لاحترام وقف إطلاق النار المتفق عليه، وتنفيذ جميع التدابير الأمنية اللازمة لصالح الشعب الليبي، مشيرة إلى أن حل الأزمة الليبية يظل سياسيا وليس عسكريا.

كما هددت البعثة مجددا بمعاقبة قادة الميليشيات المسلحة المتورطة في خرق الهدنة بطرابلس، وقالت إن "كل من يخالف وقف إطلاق النار أو يؤجج العنف سيواجه عواقب".

تدخل خارجي

وفي المقابل،وصف رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في بيان متلفز،السبت،ما يحدث في طرابلس بأنه "مؤامرة من أجل التدخل الخارجي"، داعيا فيه إلى توحيد الصفوف والعمل من أجل الخروج من الأزمة التي تمر بها ليبيا، وأن ما يحدث مؤامرة مدبرة من أجل استمرار الفوضى وخلق ذريعة للتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي وانتهاك سيادة واستقلال الدولة.وأشار صالح إلى "أن الانقسام في مجلسي النواب الدولة وكذلك المجلس الرئاسي المقترح يحول دون  إلى أي اتفاق بسبب التدخلات الخارجية وتضارب المصالح".

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية،عن عادل كرموس عضو المجلس الأعلى للدولة،أن طلب رئيس المجلس الرئاسي من المجتمع الدولي حماية المدنيين، قد يؤدي إلى تدخل من بعض الدول، إلا أن التدخل قد لا يكون على الأرض، نظرا لعدم رغبة أي دولة في المغامرة بجنودها على الأرض، وأن عمليات التدخل يمكن أن تكون من خلال الطيران، خاصة أن الأيام الماضية شهدت مرور بعض الطائرات في سماء العاصمة، إلا أن المعلن حتى الآن هو استهداف عناصر داعش في بعض المناطق.

وتابع أن التدخل الدولي عبر الطائرات، باعتبار ليبيا تحت الفصل السابع، يمكن أن يكون مع طرف ضد الآخر، وأن عملية حسم المعركة على الأرض ستطول، نظرا للأماكن التي تدور فيها وهي مكتظة بالسكان بما يحول دون حسمها في وقت قريب.

وتشهد العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات منذ الأربعاء 19سبتمبر/أيلول، بعد هدنة لم تفلح في حل النزاع القائم بين اللواء السابع وكتائب داخل طرابلس، يقول كل منهم أنه تابع لحكومة الوفاق.ووسط أوضاع أمنية ومعيشية صعبة وآخذة في التدهور، نظم سكان العاصمة طرابلس مظاهرة احتجاجية أمام مقر بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في جنزور، وهتفوا مطالبين بوقف الاشتباكات بين أطراف النزاع في المناطق السكنية.

وتتصاعد الأصوات المطالبة بوضع حد للميليشيات العابثة بأمن العاصمة،وفي هذا السياق،أعلنت الناطق باسم البعثة الأممية لدى ليبيا سوسن غوشة،السبت، تأييد البعثة لإخراج المليشيات المسلحة من العاصمة طرابلس وكافة المدن.وقالت خلال لقائها عدداً من أعضاء حراك صوت الشعب، إن "البعثة تسعى لاستئناف وقف إطلاق النار من خلال التواصل مع الأطراف المحلية والدولية.

من جهتها، أعربت كل من المنظمة العربية لحقوق الإنسان فرع ليبيا، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن إدانتهما واستنكارهما الشديد لاستمرار خرق وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية طرابلس.ووجهت المنظمتان "نداءاً عاجلاً لمجلس الأمن الدولي بسرعة التدخل لوقف التصعيد الخطير للعنف، الذي تقوده الجماعات المسلحة، لما له من تداعيات خطيرة علي حياة المدنيين".