كشفت إحدى الورقات البحثية الصادرة عن إدارة مكافحة المخدرات، عن تصدر مخدر الترامادول السوق الليبي، متفوقًا على الحشيش والهيروين والكوكايين، وانتشار الأقراص المهلوسة التي وصفتها بـ«الطامة الكبرى» التي تفوق بقية أنواع المخدرات.

وبينت الورقة، التي عُرضت خلال فعاليات مؤتمر “ليبيا ما بين الأمن والجريمة.. الصعوبات والحلول” تحت شعار أمن المواطن أولا والمقام في فندق المهاري في العاصمة طرابلس، أن حبة الترامادول في ليبيا يصل سعرها إلى دينار ونصف الدينار، وظهرت في البلاد أنواع أخرى من الحبوب المهلوسة أشد خطورة من الحشيش والهيروين والكوكايين، تعرف شعبيًا بأسماء «مراد علمدار» نسبة إلى بطل مسلسل «وادي الذئاب» التركي، كذلك نوع «دورني بعد أسبوع". واللافت أن الأنواع السابقة من الحبوب ليست مدرجة ضمن المواد المخدرة التي يحرمها القانون الليبي.

وبينت الورقة أنه في عام 2010 تم ضبط حوالي 98 مليون لتر من الخمور، فيما تم ضبط 34641 قنطارًا من الحشيش عام 2017، ولوحظ أنه من 2010 حتى 2017 ارتفع انتشار مخدر الحشيش، مضيفة أنه في سنة 2000، تم ضبط 15 كيلوجراما من الهيروين، ليرتفع الرقم في 2010 إلى 141 كيلوجراما، ثم يتراجع الرقم في 2011 و2013، إلى 3 كيلوجرامات. كما كشفت أنه بالنسبة إلى مخدر الكوكايين فقد تم ضبط 20.8 كيلوجراما العام 2000، وفي 2007 تم ضبط 7.69 كيلوجراما، وتستمر النسبة في الارتفاع والانخفاض بأرقام مختلفة. وطبقًا لمركز علاج ورعاية وتأهيل المدمنين فإن أكبر نسبة لمتعاطي المخدرات والنزلاء كانت في سنة 2010 للحشيش والأقراص المهلوسة بجميع أنواعها.

وأظهرت دراسة أعدها المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي بالتعاون مع وزارة التخطيط واليونسكو وصندوق الأمم المتحدة أن نسبة الإصابة بالإيدز بين متعاطي المخدرات في ليبيا تبلغ 87%، وهي الأعلى بالمنطقة، وأضافت أن نسبة المدخنين للفئة العمرية ما بين (20–29)، تبلغ 11%، وتنخفض إلى 3.9% للفئة العمرية (15–19).

يذكر أن المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي انتهى من العمل على دراسة وطنية لحالة الشباب اعتمادًا مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2250 في ديسمبر 2015 بشأن دعم وتعزيز قدرات الشباب وتدعيم مشاركتهم المدنية والسياسية وتمكينهم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

وفي تحقيق لصحيفة « الشرق الأوسط » اللندنية أن ثمن الكيلوغرام من آخر شُحنة حشيش اسمه «المعجون الأفغاني»، وصلت إلى سواحل بلدة زوارة المجاورة، وصل إلى 25 ألف دينار (18 ألف دولار تقريبًا بالسعر الرسمي)، بينما بلغ سعر الكيلوجرام من الهيروين، ويطلق عليه التُّجار هُنا اسم «الغبرة البيضاء»، 100 ألف دينار. وانتشرت تجارة الدولارات المزيفة على نطاق واسع، وبلغ سعر الدولار المزيف من النوع الذي يطلق عليه «الصيني» دينارين ليبيين، بينما النوع الإسرائيلي الأقل جودة، وصل إلى نحو 1.3 دينار. وتكافح حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فايز السراج، للسيطرة على البلاد، لكنّ المُهمة تبدو صعبة.

ويبلغ السعر الرسمي للدولار الأميركي في المصارف الليبية 1.4 دينار، لكن من النادر الحصول عليه بسبب المصاعب الاقتصادية والسياسية. ويزيد سعر الدولار في السوق السوداء على 6 دنانير. ووفقًا لتقارير أمنية ليبية وخُبراء مصرفيين، لوحظ أن غالبية القيادات التي تدير تجارة المخدرات والدولارات المزيفة على علاقة بميليشيات مدججة بالأسلحة، بينها ميليشيات محسوبة على تنظيمات مثل «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان المسلمين». ويقول عمرو فركاش، الخبير الاقتصادي الليبي والمصرفي الإقليمي: «حين يكون هناك متطرفون، يزداد مثل هذا النشاط».

ويؤكد الرائد محمد حجازي، وهو خبير أمني وعسكري ليبي، وكان ناطقًا لبعض الوقت باسم «عملية الكرامة» التابعة للجيش، أن الوضع في بلاده أصبح مأساويًا، «لأنها مفتوحة على مصراعيها.. بالتأكيد هناك تهريب نفط وغيره عن طريق مافيات، لكن لا أستطيع أن أحدد أنواعها». وأضاف: «الخلاصة أن ليبيا تحولت إلى مرتع لكل هذه الكيانات، خصوصًا المافيات». وعزا ذلك إلى «الأوضاع الأمنية في عموم ليبيا، خصوصًا في المنطقة الجنوبية والغربية. أمَّا المنطقة الشرقية فتُعد أكثر أمانًا، نظرًا لوجود مؤسسة عسكرية فيها».

ونقلت الصحيفة عن المحلل الاقتصادي الأميركي من أصل مصري، شريف الحلوة، قوله عن التسريبات الخاصة بجمع إدارة ترمب معلومات عن قادة ميليشيات في ليبيا، إن الإدارة الأميركية الجديدة «تُحاول معرفة من هم الموجودون على الأرض. ومن يقف وراء الإرهاب والهجرة غير الشرعية، لأن معظم الميليشيات لها دور في تسهيل هذه العمليات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. إدارة ترمب تسعى إلى معرفة مَنْ يتحكم في ماذا داخل ليبيا، وماذا يفعل». وفي المقابل، يؤكد المصدر الأمني وجود مئات الطلبات من ميليشيات تريد صرف رواتب لمقاتليها، لكنها ما زالت معطلة منذ أكثر من شهرين، «لأنه، أولاً لا توجد أموال كافية، وثانيًا لم يعد استمرار اعتماد السلطة على الميليشيات مقبولاً، لا محليًا ولا دوليًا».

ومع هذا الشُّح في مصدر التمويل الرئيسي للميليشيات، اتجه كثير من زعمائها إلى البحث عن مكاسب مالية سريعة حتى لا ينفرط عقد القوات التي تحت أيديها. واستغلت عناصر متعطشة للأموال من المافيا الدولية، الحالة الليبية الجديدة. ويقول فركاش عن هذه «الخَلْطَة» التي أصبحت تتاجر في كل شيء، على سواحل يبلغ طولها نحو ألفي كيلومتر، إن «نشاط المافيا الإيطالية وسماسرة البحر المتوسط أمر متوقع، لأن الطرف المقابل في ليبيا، وأقصد به الميليشيات، اتجه بقوة إلى تجارة المخدرات والعملات المزيفة للحصول على أموال تغطي نفقات هذه الميليشيات، خصوصًا بعد التضييق عليها من جانب مصارف ليبية، وتراجع نشاط الهجرة غير الشرعية من سواحل غرب طرابلس».

الى ذلك ،  لنقلت صحيفة «الشروق»، الجزائرية عن مصادر وصفتها بالمتطابقة  أن التنظيم الإرهابي المسمى «داعش»، فرع ليبيا، يستثمر في الأموال التي يتحصل عليها من تهريب المخدرات وتجارة الأسلحة، ونهب الخيرات الليبية والبنوك، لتجنيد مقاتلين في صفوفه وإغرائهم بالمال، خاصة من ليبيا وتونس ودول إفريقية، مستغلا الظروف الاجتماعية المزرية والفقر والحاجة للتغرير بهم.

وفي مارس 2018 أشار تقرير أممي  إلى ظهور درب جديد لتهريب القنب الهندي  باستخدام ليبيا مركزا رئيسيا للعبور، ويزداد التهريب الناشئ في المغرب عبر البحر الأبيض المتوسط، وأساسا إلى إيطاليا، ومن هناك إلى وجهات أخرى مختلفة، بيد أن القنب الذي يغادر المغرب، ما زال يذهب إلى إسبانيا، مع ذهاب كميات صغيرة إلى إيطاليا، إما مباشرة أو عبر طريق ليبيا.

بينما باتت حبوب الهلوسة تجد طريقها بسهولة الى ليبيا عبر منافذ عبور تسيطر عليها الميلشيات المسلحة ، ويعتبر العقيد أبو بكر عطية، مدير بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات،أن»ما يتم ضبطه لا يمثل في أفضل الأحوال إلا 5 % من جملة ما يتم جلبه للبلد سواء لتهريبه إلى بلد آخر أو لبيعه أو لتعاطيه. 

وفي 28 مارس 2018 ألقى أعضاء التحريات بفرع مكافحة المخدرات بنغازي القبض على شخصين يقومان بجلب حبوب الهلوسة نوع “ترامادول” وبيعها للمواطنين، وقال رئيس الفرع عقيد طارق نجم إن عملية القبض على الجناة جاءت عقب ورود معلومات مصدرية مفادها قيامهما بالاتجار بالأقراص المخدرة .

وأوضح نجم – في تصريح خاص لوكالة الأنباء الليبية –  أن الجناة هم شخص يدعي “ع.س.أ” من سكان منطقة الوحيشي وهو من أصحاب السوابق وعليه العديد من القضايا، أبرزها أنه يقود تشكيلاً عصابيًا ينجز له مهام البيع بمنطقته، ويعاونه الثاني المدعو “ف.ع.أ” من سكن منطقة القوارشة، في نقل الأقراص وبيعها، وذكر أنه تم إعداد كمين محكم للجناة، والقبض عليهم متلبسين بالجرم المشهود وبحوزتهم كمية من الحبوب والمواد المخدرة. وأشار نجم إلى أن كمية المضبوطات مع الجناة بلغت “14,300” قرص، ويقدر ثمنها بـ “35,750” دينار تقريباً، منوهاً إلى أنه تم اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية حيالهم، وتمت إحالتهم إلى الجهات المختصة.

وعلى الصعيد ذاته، جاء في دراسة أجراها قسم البحوث والإحصاء بجهاز مكافحة المخدرات في مدارس التعليم الأساسي بطرابلس عام 2016، أن حجم العينة التي شملتها نحو 229 طالبا وطالبة تتراوح أعمارهم بين 12 سنة إلى 17 سنة،أثبتت أن نسبة من تناولوا الكحول 2% ومن يدخنون الحشيش 1% ومن يتعاطون الهيروين 0% والكوكايين 0% وحبوب الهلوسة (الترامادول) 1% .

وأوضحت الدراسة أن الفضول هو السبب الرئيسي في تورط التلاميذ بتعاطي المخدرات، حيث بلغت نسبة من جربوا المواد المخدرة 18% تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات إلى 16 سنة.

بينما توضح دراسة أخرى قامت بها إدارة مكافحة الإيدز بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض بمدينة طرابلس وضواحيها عام 2012 – 2013 شملت 113 مدرسة، أن نسبة المتعاطين من الذكور16% والإناث 1%، أعمارهم تتراوح بين 14 إلى 18 سنة، وأشارت الدراسة إلى أن أكثر أنواع المخدرات التي يتعاطاها الذكور والإناث هي الأقراص ومنها “حبة الفراولة” ومخدر “إكستافي” المعروف  بـ(إكس تي) بالإضافة إلى مخدر الحشيش للذكور.