بدأ المغرب الخميس الماضي في اعتماد جواز التلقيح لشرط كشرط للتنقل عبر وسائل النقل الخاصة أو العمومية داخل التراب المغربي، وخارج المغرب ، ولدخول الموظفين والمستخدمين الإدارات العمومية وشبه العمومية والخاصة، وكذلك للدخول إلى المؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والأماكن المغلقة والمحلات التجارية وقاعات الرياضة والحمامات.

وتشهد البلاد ، جدلا واسعا حول القرار الحكومي بإجبارية الاستظهار بالجواز ، حيث ، وتحت يافطة “ائتلاف مواطنين”، أطلق عدد من القادة والنشطاء السياسيون لائحة إلكترونية يطالبون من خلالها الحكومة بالتراجع عن خطوتها الأخيرة المتمثلة في فرض الإدلاء بجواز التلقيح قبل دخول الفضاءات العامة، داعين جميع المغاربة، ملقحين وغير ملقحين، للتعبير من خلال هذه العريضة عن عدم فهمنا لقرار فرض “جواز التلقيح” دون أي إشعار مسبق أو آجال معقولة، ودون نقاش وطني حول هذه القضية، مؤكدين على أن من حق المغاربة غير الملقحين ضد كوفيد-19 إبلاغهم بالقرارات التي تعنيهم في أوقات ومواعيد مناسبة.

وقالت اللائحة إن هذه المقاربة من شأنها أن تعرض ملايين المغاربة للقلق والإزعاج، أو لخطر عدم الالتحاق بوظائفهم، أو أن يجدوا أنفسهم غير قادرين على ولوج الإدارة للضرورات، أو ولوج وسائل النقل العمومي أو التمتع بحقوق أساسية أخرى. وبالمثل، فإن خطر التدافع الذي قد سيكون لا محالة أمام مراكز التلقيح اعتبارًا من يوم الخميس، قد يؤدي إلى تأثير عكسي، أو حتى إلى مخاطر صحية.

وتولى التوقيع على اللائحة عدد من الشخصيات العامة من بينها نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ، ونبيلة منيب عضو مجلس النواب والأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد ، وأمينة ماء العينين وهي نائبة سابقة وعضو حزب العدالة والتنمية ، ومنى هاشم وهي كاتبة وروائية وباحثة في التاريخ، وجعفر هيكل وهو أستاذ اختصاصي في الأوبئة والأمراض

وفي الأثناء ،اعتبر الحزب الاشتراكي الموحد بزعامة نبيلة منيب في بيان له ، أن قرار الحكومة تم اتخاذه "خارج مقتضيات الدستور"، و"ينتهك" مبادئ الحقوق والحريات ، داعيا الحكومة الى التراجع عن هذا القرار الذي نعته ب "المجحف"، وكشف عن نيته اللجوء للمحكمة الدستورية لمعرفة مدى دستورية وقانونية هذا القرار، والسعي وراء إلغائه.

وقال المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد عقب اجتماعه الاستثنائي، الذي انعقد مباشرةً بعد إصدار القرار، إن هذا "القرار المستند على "المقتضيات القانونية المتعلقة بتدبير حالة الطوارئ الصحية" تم اتخاذه خارج مقتضيات الدستور، مع انتهاكه لمبادئ الحقوق والحريات، وفق نص البيان

وبدوره ، قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن الأمر يثير إشكالات علمية وإجرائية وكذلك دستورية، مشيرا إلى أنه على المستوى العلمي لم تطرح أي دراسة تفيد بأن الملقح لن يصاب أو لن يكون ناقلا للعدوى ، وتابع أن “الجواز علميا لا معنى له، أما عن الاختلالات الدستورية في القرار فلا يمكن على الإطلاق وفق الفصل السادس تطبيق القانون بأثر رجعي، بعد أن قالت الحكومة في وقت سابق إن التلقيح اختياري”.

كما أطلق عدد من رواد منصات التواصل المغاربة، حملة لرفض إجبارية التلقيح،  معلنين عن اصطفافهم إلى جانب أي مبادرة رافضة لهذه الإجبارية،  حيث وبمجرد إعلان الحزب الاشتراكي الموحد، رفضه للقرار ولجوئه للمحكمة الدستورية، حتى أطلق النشطاء هاشتاغ «نبيلة منيب تمثلني »

وتساءل مراقبون محليون عما إذا كانت منيب ستقاطع جلسات البرلمان ، وهي المنتخب حديثا لعضويته ، وترفض إلزامها بالتلقيح وبالاستظهار بجواز خاص لدخول مجلس النواب

الى ذلك،  طالب أرباب المقاهي حكومة عزيز أخنوش، بالتراجع عن هذا القرار ، وإعتبرت الفيدرالية الوطنية لجمعيات المقاهي والمطاعم بالمغرب القرار "مجحفا في حق قطاع كان ينتظر الدعم والمواكبة لإخراجه من غرفة الإنعاش وليس الإجهاز على ما تبقى من جدرانه في وقت قل فيه الزبائن وقلة المردودية والمداخيل".

ودعت الفيديرالية الحكومة إلى "التراجع عن هذا القرار الغير محسوب النتائج والذي يستحيل تنزيله"، مشيرة إلى أن "القرار قد يكون آخر مسمار في نعش قطاع المقاهي والمطاعم الميت أصلا"، وأكدت على أن "الوصول إلى المناعة الجماعية لا يجب أن تكون على حساب المهنيين وأرزاقهم وعموم المواطنين، وأن فرض جواز التلقيح على مرتفقي المقاهي والمطاعم سيكرس التفرقة والمشاحنات واستفزاز الزبائن من دون سند قانوني أو أخلاقي أو منطقي أو علمي".

وأكد المكتب التنفيذي لنقابة المحامين بالمغرب على « أن الظرفية الاستثنائية التي تعيشها بلادنا بسبب حالة الطوارئ الصحية، وإن كانت تقتضي تكاثف وتضافر جهود الأفراد والمؤسسات، فلا يجب أن تكون مبررا لتمرير قرارات تتضمن تراجعات عن مكتسبات حقوقية ، ومقتضيات مخالفة للدستور لمساسها بحقوق دستورية ، ومنافية لما أقرته المواثيق والإعلانات والعهود الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، فضلا عن كونها لا تكتسي أية صبغة استعجالية بالنظر لتحسن الحالة الوبائية »

ونبّه « إلى غياب الأساس القانوني المؤطر لمنع المواطنات والمواطنين من الاستفادة من خدمات المرافق العمومية الحيوية ، ومنعهم من ممارسة حقوقهم الدستورية ، علما أن المادة الثالثة من مرسوم إعلان حالة ا لطوارئ الصحية صريحة في التنصيص على أن جميع التدابير الحكومية المعلن عنها بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات، لا يمكنها أن تحول دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين »

كما دعا « إلى التراجع عن هذا القرار الفجائي، المنافي لمبدأ عدم إجبارية التلقيح،و لإعلان لجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية معارضتها طلب شهادات تلقيح ضدّ فيروس كورونا المستجد كشرط للسفر»

وأبدى المكتب التنفيذي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب استغرابه الكبير من القرارات المستعجلة والارتجالية للحكومة، وفق بيان له أصدره امس السبت. مضيفا، أن اتخاذها لهذه القرارات تحت ذريعة حالة الطوارئ لضرب ما تبقى من حريات عامة وخاصة، والاستمرار في سياسة النكوص والردة على المكتسبات والحقوق التي تحققت بنضالات الشرفاء والحرائر في هذا الوطن الذي بات يعرف هيمنة قطبية للدولة التي تضرب في الصميم مصالح المواطنين بشكل علم والفئات المتوسطة والهشة خصوصا.

واعتبرت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان أن القرار الأخير للحكومة القاضي بفرض "جواز التلقيح" كوثيقة رسمية للتنقل والدخول إلى المرافق العامة، ضربة جديدة لمبدأ حرية العلاج قصد تكبيل المواطنين والحد من حريتهم في التنقل وولوج الأماكن العمومية والوصول إلى أماكن العمل ضدا على كل المواثيق والعهود الدولية التي تلتزم بها الدولة المغربية. متسائلة في الوقت نفسه، كيف لحكومة تقر بحرية أخذ اللقاح أن تصدر قرارا يفرض على المواطنين التوفر على جواز التلقيح؟

وطالبت الجمعية الحقوقية الحكومة بالتراجع على القرار الارتجالي الذي يضرب حريات العامة والشخصية للمواطنين.وكذا احترام مبدأ حرية العلاج وترك الاختيار للمواطنين الذين يرفضون تلقي تلقيح كورونا على غرار الدول الديموقراطية. معتبرة قرار الحكومة قد تكون له عواقب وخيمة ونتائج عكسية نظرا لما تسبب فيه من ازدحام وخرق للتدابير الاحترازية.

وحملت الحكومة أيضا تبعات الاحتقان الذي خلفه القرار المتسرع والذي حرم المواطنين من حقهم في العلاج والتنقل والعمل و……ووجهت الجهة ذاتها دعوة لها للتعاطي مع الوضع الاجتماعي المتدهور على مختلف المجالات بدءا من غلاء الأسعار بنفس الحزم والجدية.

وطالبت، أيضا وزارة الصحة إلى تقديم نتائج تتبع وحصيلة الوفيات الحقيقة جراء تلقي الجرعات المضادة لكورونا عوض إصدار بلاغات تكذيبية في غياب دراسات علمية.

وفي الأخير نبهت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب لمخاطر قرار فرض "جواز التلقيح" وتبعاته. داعية إلى تشكيل جبهة موحدة لمناهضته وضمان حرية المواطنات والمواطنين.

وكان المغرب قرر اعتماد "جواز التلقيح" ضد فيروس كورونا كوثيقة رسمية للتنقل والدخول إلى الأماكن العامة، وذلك ابتداء من أمس الخميس 21 أكتوبر الحالي.

وقال بيان للحكومة المغربية إنه "تعزيزا للتطور الإيجابي الذي تعرفه الحملة الوطنية للتلقيح، وأخذا بعين الاعتبار التراجع التدريجي في منحى الإصابة بفيروس كورونا، فقد قررت الحكومة ابتداء من يوم الخميس 21 أكتوبر 2021 اعتماد مقاربة احترازية جديدة قوامها جواز التلقيح" ، وأضافت أن هذه التدابير تشمل السماح للأشخاص بالتنقل عبر وسائل النقل الخاصة أو العمومية داخل التراب المغربي، وخارج المغرب.

وقررت الحكومة أن يستخدم الجواز لدخول الموظفين والمستخدمين الإدارات العمومية وشبه العمومية والخاصة، وكذلك للدخول إلى المؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والأماكن المغلقة والمحلات التجارية وقاعات الرياضة والحمامات ، داعية الأشخاص غير الحاصلين على التطعيمات إلى "الإسراع بأخذ جرعتهم الأولى والثانية والثالثة لمن مر على تلقيحهم أزيد من ستة أشهر".

ويستهدف المغرب تطعيم 80 في المئة من السكان، وجرى حتى الآن تطعيم أكثر من 23 مليونا بالجرعة الأولى، وأكثر من 21 مليونا بالجرعة الثانية.