أكد المحلل السياسي سعيد رشوان أن التدخل التركي في منطقة المغرب العربي تعمق بسبب انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة والفراغ الناتج عن ما عرف بالربيع العربي الذي أسقط أنظمة قوية كانت قادرة على حماية السيادة الوطنية لدولها مبينا في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن الاستراتيجية التركية تقوم على التواجد في المنطقة وعدم الخروج منها.

إلى نص الحوار:

إلى أي مدى يمكن القول إن النفوذ التركي تزايد في دول المغرب العربي ولماذا؟

لاحظنا أن الولايات المتحدة بدأت تنسحب من المنطقة ما يعني وجود فراغ كبير خاصة وأن الأوروبيين ليس لديهم الإمكانيات اللازمة للرجوع للمنطقة والثبات فيها بقوة إلا في الإطار التجاري الاقتصادي كما أن الربيع العربي أدى لاستبعاد حكام أقوياء يمتلكون إرادة واستراتيجية سواء في ليبيا أو تونس أو الجزائر حيث كان هناك قيادات سياسية قوية وكانت هناك سيادة وطنية اندثرت بعد الربيع العربي وأصبح هناك صراعات محلية وداخلية وعدم استقرار وتبعية للخارج وهو ما تنبهت له تركيا التي تحاول الآن أن تملأ هذا الفراغ بالاستناد لعدة عناصر منها خلفياتها التاريخية في هذه المناطق كما أنها تدين بالديانة الإسلامية بالإضافة لأن الاقتصاد التركي بحاجة لدماء جديدة كي ينتعش وقد وجد في دول المغرب العربي ضالته حيث أنها دول واعدة للاستثمار ومنتجة للنفط والغاز كما أنها أسواق مستهلكة وتحتاج لإعادة إعمار وإعادة بناء وتنمية 

هل من المنطقي القول إن حلم الخلافة لازال يراود تركيا؟

استراتيجية تركيا تقوم على التواجد في المنطقة وعدم الخروج منها مرة أخرى كما حدث في السابق وتريد أن تقوي اقتصادها وأساطيلها العسكرية لأن العقلية التركية عقلية توسعية وهذا ما أثبته التاريخ حيث أنها ترى أن لديها حق التواجد خارج أراضيها وهي حقيقة لا تخفيها أنقرة وإنما تحاول دائما الرجوع للمنطقة العربية.

برأيك ما ملامح الأطماع التركية الاقتصادية في دول المغرب العربي؟

هناك العديد من الملامح منها أن تركيا أبرمت اتفاقية مع الجزائر للاستثمار فيها واستغلالها كبوابة إلى إفريقيا حيث ترغب في الاستثمار في القارة الإفريقية التي تحوي مواد خام غير مستغلة إضافة إلى أنها سوق استهلاكية جيدة وتشهد ضعف اقتصادي يمكن لتركيا الاستفادة منه أما في ليبيا فإن أنقرة تتحجج بإبرام اتفاقية مع حكومة الوفاق الوطني السابقة برئاسة فائز السراج معتبرة أنها اتفاقية قانونية تعطيها رخصة للتواجد في ليبيا اقتصاديا وعسكريا أيضا لكن هذا الاتفاق مرفوض من الليبيين الذين يعتبرون أنه اتفاق من جانب حكومة لم تكن ممثلة لكل الليبيين وكانت موجودة في طرابلس فقط لذلك فإنها اتفاقية غير ملزمة 

ولابد من الاعتراف بأن تركيا كانت أكثر جرأة من دول البحر المتوسط الأخرى مثل إيطاليا وأسبانيا واليونان لأنها تدافع عما تعتبره حقها الاقتصادي في التواجد بالمنطقة.

وأعتقد أن أكثر الدول التي ستعاني من هذا التوسع التركي هي ليبيا وتونس وخاصة تونس التي ستفقد الحاجة للعمالة التونسية التي كانت تتحرك في ليبيا والجزائر ويمكن القول إننا العرب بشكل عام نعيش أسوأ ظروفنا فقبل أيام تم الإعلان عن قبول إسرائيل كمراقب بالاتحاد الإفريقي وهذه أحد المضاعفات الناتجة عن الربيع العربي. 

برأيك كيف يمكن لدول المنطقة مواجهة الأطماع التركية؟

أعتقد أن من يستطيع أن ينافس تركيا أو يحدث ربكة عسكرية لها الآن هي روسيا التي تحاول التواجد في المنطقة ولديها استراتيجية عسكرية قوية وإمكانيات تجعل من الممكن اتخاذها حليف ضد التواجد التركي لكن هذا لا يأتي بالعواطف وإنما بدراسة الحالة وكل ما يجري في المنطقة ووضع استراتيجية تقوم على المقاومة الإيجابية أي تعميق التبادل الاقتصادي بين دول المغرب العربي ورفع الجمارك وتسهيل حركة العمالة واتخاذ موقف سياسي موحد ضد التواجد التركي 

برأيك ما السيناريوهات المتوقعة بشأن موقف تركيا من دول المغرب العربي؟

التواجد التركي في المنطقة أصبح واقعا ملموسا يثير المخاوف ويشكل تهديدا على سيادة الدول والكثير من موادها بحجة التعاون الاقتصادي وستكون هذه الدول تابعة لتركيا بشكل أو بآخر ما لم يتفق قادة المنطقة على تفعيل الاتحاد المغاربي لمواجهة التواجد التركي الذي يستهدف المنطقة سياسيا واقتصاديا وأمنيا فالتواجد التركي ظاهره التعاون الاقتصادي لكن باطنه استعمار جديد للمنطقة بعد زوال الأنظمة القوية التي كانت تدافع عن دولها.