بعد سنوات من جمود  اتحاد المغرب العربي، بدأت خلال الآونة الأخيرة تهيئة مناخ جديد في المنطقة المغاربية لإعادة إحيائه وتفعيله، خاصة من ليبيا التي حلحلت أزمتها السياسية الشائكة وتتطلع إلى دور رائد في المنطقة.

تأتي دعوة ليبيا لهذا الالتئام باعتبارها الرئيس الحالي للاتحاد، أملا في فرصة جديدة تجمعها مع الجزائر وتونس وموريتانيا وتونس، للعودة إلى المنظمة الإقليمية التي فشلت منذ تأسيسها عام 1989، في تحقيق أهدافها خاصة الاقتصادية، جراء خلافات بين بعضها، مما جعل الاتحاد مجرد هيكل بلا روح.

ففي 3 أبريل/نيسان 2021، دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إلى تفعيل اتحاد المغرب العربي وعودة اجتماعاته مجددا، كاشفا أن ليبيا "ستوجه قريبا دعوة لبدء التئام تلك الاجتماعات المتوقفة على مختلف المستويات".

وأكد المنفي، في بيان صادر عن المجلس الرئاسي، "أهمية تفعيل اتحاد المغرب العربي ودعم مؤسساته"، مؤكدا أن "ليبيا ستبذل ما في وسعها خلال الفترة الحالية لتحقيق هذا الهدف بالتعاون مع الأشقاء بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد".

جدير بالذكر أنه تبلغ مساحة دول هذا الاتحاد مجتمعة 6 ملايين و14 ألفا و261 كيلومترا مربعا، وهي تفوق مساحة الاتحاد الأوروبي.

ويبلغ عدد سكان اتحاد المغرب العربي حوالي 100 مليون نسمة، 80 بالمائة منهم في المغرب والجزائر كما أن البلدين يملكان أقوى اقتصاد في هذا الاتحاد، حيث إن مجموع اقتصاد البلدين يساوي 75 بالمائة من الاقتصاد الإجمالي لدول الاتحاد.

لكن الاتحاد واجه منذ تأسيسه عراقيل لتفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية، حيث لم تعقد أي قمة على مستوى قادة الاتحاد منذ قمة 1994 التي استضافتها تونس.

وقبل عام وتحديدا في 3 مارس 2020، قال الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب البكوش: إن "هناك إمكانية لعقد قمة تجمع رؤساء الدول المغاربية، خلال العام الجاري"، مشددا على "ضرورة تفعيل مؤسسات الاتحاد حتى لا تتعطل اجتماعاته وعمله الدوري".

وأشار البكوش إلى قبول عدة دول (لم يسمها) لعقد قمة مغاربية خلال 2020، لافتا إلى وجود بوادر إيجابية في هذا الشأن، لكن بعد عام وأكثر على هذه التصريحات التفاؤلية، لم تعقد أي قمة وظلت "البوادر الإيجابية" رهينة الانتظار.

في ذات الصدد، في 17 مارس/آذار 2021، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، في تصريحات خلال زيارته إلى ليبيا، إلى إعادة تفعيل اتحاد المغرب العربي.

وقال الرئيس التونسي: "سنعمل معا على أن يعود اتحاد المغرب العربي لسالف نشاطه باجتماع جديد للدول المكونة له على مستوى وزراء الخارجية، وعلى مستوى القمة".

وليبيا إحدى البلدان المهمة في سياسة تونس الخارجية، حيث تجاورها من الغرب، كما يعد التبادل التجاري أمرا مهما لاقتصاد البلدين، والذي بلغ 1.2 مليار دينار تونسي (373 مليون دولار) في 2018.

وكانت هذه الدولة المغاربية تشهد عدم استقرار لسنوات منذ اندلاع أحداث فيها عام 2011.

تطرح على طاولة الإتحاد تحدّيات حقيقية فباعتبار ليبيا الرئيس الحالي للاتحاد المغربي ترنو إلى بذل مجهودات بمعية الهيئات الدولية بهدف تحقيق تطلعات الاتحاد المستقبلية لمواجهة التطرف وتحقيق الوحدة الوطنية المغربية، وستوجه قريباً دعوة لبدء التئام اجتماعات اتحاد دول المغرب العربي المتوقفة على مختلف المستويات، والاتحاد يواجه عراقيل عديدة ولم تُعقد أي قمة على مستوى قادة الاتحاد منذ عام 1994 التي استضافتها تونس، والهدف اليوم يتجلى بضرورة تفعيل مؤسساته، وتنفيذ مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي ودعمها الكامل للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية في جميع المجالات المشتركة عربياً وأفريقياً.

من ذلك،يرى مراقبون أن المسألة الأمنية محدّد أساسي لضمان فعالية لدور المؤسسة فالأزمات التي تعصف بدول المغرب العربي تؤججها التنظيمات التكفيرية، ويتطلب من دول الاتحاد أن تقوى وتتلاحم مع بعضها لمواجهة التيارات المشبوهة في الشمال الأفريقي، والتنسيق الأمني الكامل للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتنفيذ الاتفاقيات التجارية بين وزراء خارجية دول الاتحاد، واستقرار دول الاتحاد يتوقف على مدى اندماج دول المغرب في المحيط العربي، وعدم الاندماج يُعقّد المواقف ويُضعف قدراته التفاوضية مع بقية التكتلات الاقتصادية والسياسية والأمنية الإقليمية والدولية.