"قال تقرير تركي لافت إن ليبيا بعدد سكانها المحدود، تملك احتياطات هامة من معادن وخامات بعضها نادر، وهي في حاجة إلى استثمارات كبيرة وتقنيات متطورة للاستفادة منها." تتفاقم التساؤلات يوما بعد يوم حول هذا الاهتمام الخارجي الكبير واللافت بالشأن الليبي بلغ حد التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد و التخطيط عوضا عن شعبها لاستغلال ثرواتها و تسيير دواليبها. حيث تتهافت القوى الخارجية بكل ثقلها لحل الأزمة الليبية لكن التقارير الكثيرة و المتعددة كشفت أهدافا أخرى لعل أهمها "كنز ليبيا الإستراتيجي" و "الكنز الليبي المدفون" الذي يجعل من البلاد فرصة ثمينة للمصالح الخارجية المتدخلة بعمق في الشأن الليبي.

كنز ليبيا الإستراتيجي

تعد ليبيا رابع أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة بعد الجزائر والكونغو الديمقراطية والسودان، حيث تتربع على مساحة تقارب 1.760 مليون كلم مربع، شمالي القارة الإفرقية، و تتمتع ليبيا بشريط ساحلي طويل مطل على البحر الأبيض المتوسط يبلغ 1770 كلم، ويوفر لها ثروة سمكية هامة غير مستغلة على الوجه الأكمل، لكن هذه السواحل الهامة تحوي ماهو أغلى و أثمن من الثروة السمكية" ذهبا أسودا" يمثل أكبر إحتياطي بالقارة الإفريقية بمنطقة الهلال النفطي التي تضم 80% من نفط ليبيا.

و يقدر احتياطي النفط المؤكد بنهاية 2018 بنحو48.36  مليار برميل وفقا لإحصائية المنظمة العالمية للنفط أوبك ما يجعل حصة ليبيا من المدخرات العالمية تبلغ 4.1  % و تحتل بذلك المرتبة الأولى إفريقيا و السابعة عالميا. ويقول معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنه بإمكان ليبيا إنتاج حوالي 1.3 مليون برميل من النفط يومياً للسوق العالمية وكانت ليبيا تنتج 1.6 مليون برميل يوميًا في عهد معمر القذافي.

تعتبر منطقة الهلال النفطي من أهم المناطق التي تضم حقول نفط ليبية و تقع في حوض سرت في موقع استراتيجي ،شرق ليبيا، ويضم 16 حقلًا منتجًا منها حقل السرير أكبر حقول ليبيا إنتاجًا على الإطلاق. كما تضم المنطقة  4 موانئ رئيسية هي ميناء الزويتينة والبريقة ورأس لانوف والسدرة، وجميعهم يطلق عليهم الهلال النفطي، نظرًا لأن شكل المنطقة يشبه الهلال على الخريطة. و على غرار الهلال النفطي نجد أحواضا عديدة ممتدة هنا وهناك على كامل التراب الليبي وينتشر النفط الليبي منها حوض غدامس ويقع في الشمال الغربي من ليبيا، وتمتد أجزاء منه داخل حدود تونس والجزائر، وحوض مرزق في الجنوب الغربي وحوض تريبوليتانيا البحري الذي يقع في المياه الليبية إلى الشمال الغربي باتجاه مدينة صبراتة. مخزون هائل من الذهب الأسود يضع ليبيا تحت مجهر الأطماع الخارجية.

إضافة إلى النفط  أكدت وكالة الطاقة الأمريكية، أن مخزونات النفط الصخري الليبي "رفعت احتياطات البلاد من 48 مليار برميل إلى 74 مليار برميل مما يجعلها الأولى عربيا من حيث احتياطات النفط الصخري والخامسة عالميا، بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين". كما يبلغ احتياطي ليبيا المؤكد من الغاز الطبيعي أكثر من 55 تريليون قدم مكعب حيث تحتل ليبيا المرتبة الثانية إفريقيا بالنسبة للغاز الطبيعي بنحو 8 تريليون متر مكعب، بعد جنوب إفريقيا بـ 13 تريليون متر مكعب، وقبل الجزائر المقدرة ثروتها الغازية بـ 6.5 تريليون متر مكعب، إضافة إلى ذلك تتمتع ليبيا باحتياطات ضخمة من خام الحديد  تصل إلى 3.5 مليار طن.

الجنوب الليبي..كنوز ليبيا المدفونة

نبش التقرير التركي الذي نشر في شهر يوليو الماضي "الكنوز المدفونة " بالجنوب الليبي مبينا أن ثروات ليبيا ليست فقط نفطها الهائل و لا مخزون غازها الهام و لا حتى أطنان حديدها بل ثروات أخرى و خوازن لا متناهية للمعادن نادرة على غرار اليورانيوم و المنغنيز و الذهب و كثير من المعادن النادرة. تقرير مفصل كشف أهمية ليبيا و ثرواتها بقدر ما كشف الأطماع التركية الحقيقية فيما تملكه هاته البلاد من ثروات لا تنضب و لا تقدر بثمن. كما أكد التقرير أن ليبيا تملك ثروات معدنية هامة وهو ما جعلها منذ القدم محل الأطماع الدولية حيث قال التقر" ليبيا ليست مجرد صحراء شاسعة جنوب البحر المتوسط لا تنتج سوى النفط وقليل من الغاز كما يعتقد البعض، بل تملك ثروات معدنية هامة لكنها في أغلبها غير مستغلة، على غرار الذهب واليورانيوم والحديد الخام وغيرها من المعادن، لذلك كانت منذ القدم محل أطماع دولية".

وارتكز التقرير على بيانات المجلس الليبي للنفط والغاز ليؤكد وجود مناجم اليورانيوم بالجنوب الغربي للبلاد، وبالتحديد بمنطقة العوينات الغربية بالقرب من مدينة غات عند الحدود الجزائرية جنوب غربي البلاد. إلى جانب وجود شواهد لخامات الذهب في منطقة العوينات الشرقية عند مثلث الحدود الليبية مع مصر والسودان، وشواهد لخامات الذهب والمنغنيز في جبال تيبستي عند الجانب الليبي من الحدود مع تشاد. وأكد التقرير التركي حول ثروات ليبيا الطبيعية الضائعة، وجود معادن نادرة  في نفس المنطقة أطلق عليه ما يسمى "بالأتربة النادرة أو العناصر النادرة، والتي تدخل في صناعة التقنية النووية والالكترونية المتطورة مثل الهواتف الذكية ومكبرات الصوت الخلايا الضوئية المستخدم في صناعة الألواح الشمسية، حسب التقرير.

"كنوز مدفونة" و خامات مستغلة و معادن نادر و احتياطي هائل من النفط و الغاز و إنتاج هائل من الحديد يجعل من ليبيا بلدا غنيا قادرا على إعادة بناء و إعمار بلاده فقط لو عادت "آمنة" و انتهت الحروب و النزاعات الداخلية لتضع حدا لكل تدخل خارجي في شؤونه و تنظف أراضيها من المرتزقة والإرهابيين والمليشيات فثروات ليبيا لا تقف فقط عند المعادن و النفط و الحديد بل تتجاوزه لثروات أخرى هامة من شأنها أن تحقق الإكتفاء الذاتي للشعب الليبي الذي رغم كل ذلك يفتقر اليوم إلى أبسط ضرورات الحياة من ماء و كهرباء و مأوى ملائم.