وافق البرلمان المصري على إرسال عناصر من قوات الجيش خارج البلاد للدفاع عن الأمن القومي للمصر في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ما يعني أنه أجاز التدخل العسكري في ليبيا بعدما فوضت القبائل الليبية مصر بالدخول لليبيا عندما تقتضي الضرورة.


** أمر واقع

مجلّة المرصد قامت بسبر آراء أعضاء من مجلس النواب المصري والليبي للوقوف على خلفيات ودلالات وأبعاد قرار البرلمان المصري حيث أكد أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري طارق الخولي أن "مصر أعطت الكثير من الفرص للمبادرات السياسية والحلول السلمية في ليبيا إلا أن بعض الأطراف استغلت المحاولات المصرية للحل السياسي كفرصة لفرض الأمر الواقع بشكل عسكري على الأرض وهو ما ترفضه الدولة المصرية وستتصدى له بحزم وقوة".

وأضاف الخولي في تصريح لمجلة المرصد أن "القرار المصري يعد قرارا رادعا للكثير من الأطراف التي تسعى للمساس بالأمن القومي المصري"، مردفا "أعتقد أن الكثير من الأطراف ستسعى لإعادة تقييم حساباتها لأنه لا يخفى على أحد أن الجيش المصري هو الأقوى في إفريقيا والمنطقة كما أنه قادر على تنفيذ المهام التي ستسند له من القيادة العليا للجيش".

** دعوة للسلام

واعتبر عضو مجلس النواب المصري محمود بدر أن "القرار يأتي في إطار الدعوة المصرية للسلام في ليبيا والتي بدأت بمشاركة مصر في كل الفاعليات والمؤتمرات الدولية التي تدعم الحل السياسي في ليبيا ومرورا بإعلان القاهرة الذي اطلقه الليبيين برعاية مصرية وآخرها كان تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن سرت الجفرة خط أحمر".

وأشار بدر في تصريح لمجلة المرصد إلى أن "قرار البرلمان خطوة لمنح الرخصة الدستورية للقوات المسلحة المصرية للتحرك في الوقت والمكان المناسبين لإحلال السلام في ليبيا ولمنع مزيد من الاقتتال الداخلي ومنع تقدم الميلشيات والمرتزقة الذين نقلهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى ليبيا لمحاربة الشعب الليبي وتهديد الحدود المصري".

وأضاف بدر أن "قرار البرلمان المصري يؤكد على موقف القاهرة الثابت الذي يرفض التدخل الاجنبي في ليبيا ويرفض إرسال المرتزقة والسلاح إلى الميلشيات". مؤكدا أن "مصر تريد حصر السلاح بيد الدولة الليبية وعودة جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات وإطلاق عملية سياسية يشارك فيها كافة أطياف الشعب الليبي ومنع تقسيم ليبيا فلم يكن من الممكن أن تصم مصر آذانها عن نداء البرلمان الليبي الممثل الشرعي والوحيد المنتخب للشعب الليبي ولا عن نداء القبائل اللبيبة التي ترتبط بعلاقات مصاهرة وروابط دم مع الشعب المصري".

** احترام القانون

وشدد عضو مجلس النواب المصري عبد الحميد كمال في تصريح لمجلة المرصد على أن "مصر دولة مؤسسات تحترم الدستور والقانون الدولي وتدافع عن أرضها ولم تكن يوما دولة غازية أو مؤجرة لمرتزقة أو لمليشيات أو داعمة للإرهاب والتطرف وهذا ما انعكس في إجماع البرلمان على إرسال عناصر من قوات الجيش خارج البلاد للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي".

وأكد عضو مجلس النواب المصري محمد العرابي أن "الوضع في ليبيا أضحى يستلزم قدرا كبيرا من الاستعداد السياسي والعسكري للحفاظ على الأمن القومي الليبي والمصري".

مبينا في تصريح لمجلة المرصد أن "الخطوة التي اتخذها البرلمان لا تعني الإرسال الفوري لقوات مصرية إلى ليبيا فهذا قرار القائد الأعلى للجيش المصري".

ولفت العرابي إلى أن "الموقف المصري سيحد من التدخلات التركية في ليبيا مشيرا إلى أننا يوميا نسمع عن استعداد قوات الوفاق لمعركة سرت لكننا لا نرى شيئا عمليا في هذا الشأن ما يعني أن البلاد تشهد حربا دعائية أكثر منها عملية خاصة وأن هناك توافق دولي على ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا".

** الهلال النفطي

البرلمانيون الليبيون رحبوا بقرار البرلمان المصري واعتبروه خطوة صحيحة على طريق حل الأزمة الليبية حيث أكد عضو لجنة الدفاع بمجلس النواب الليبي علي التكبالي أن "تركيا لا تريد السلام في ليبيا وترغب في السيطرة على الهلال النفطي". مضيفا لمجلة المرصد أن "البرلمان والجيش الليبي قبل المبادرة الليبية المصرية ومخرجات مؤتمر برلين وأعرب عن نيته الجلوس على مائدة المفاوضات لكن الطرف الآخر المتمثل في حكومة الوفاق والأتراك الذين يحكمون لازالوا يتملصون من إعلان رغبتهم في الجلوس معنا ولازالوا يأتون بالسلاح ولا زالت إيريني ترى هذا السلاح ولا تحرك ساكنا إلا الإدانة والكلام فحتى اليوم أتى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمجموعة من الدواعش وأسلحة جديدة وراجمات كبرى جرى تجربتها في مطار طرابلس لكن الليبيين تعلموا كيف يتفادوها"، مشيرا إلى أن "هذه الراجمات تزن أكثر من 2 طن ما يجعلها صعبة التحرك وبطيئة لذلك فإن قواتنا تستطيع التصرف معها".

وأضاف التكبالي أن "أردوغان لا يريد السلام ويريد أن يتخطى الخط الذي حدده الجيش الليبي كخط أحمر لكي لا يتم تجاوزه للهلال النفطي الذي يريد أردوغان الوصول إليه للحصول على المال لإنفاقه على الدواعش والمرتزقة من كل مكان طامعا في خيرات ليبيا وشمال إفريقيا أيضا ويظن أنه يستطيع الآن أن يخادع أوروبا ويصنع دولة تركية كبيرة".

** استجابة لطلب ليبيا

ورحب المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق بالقرار المصري مؤكدا أنه "جاء استجابةً لكلمة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أمام البرلمان المصري واستجابةً لما طالب به مجلس النواب الليبي الممثل الشرعي المنتخب من الشعب الليبي كما جاء استجابةً لنداء الليبيين وممثليهم من مشائخ وأعيان وعُمد القبائل الليبية خلال لقائهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأيام القليلة الماضية للتصدي لكافة الأخطار التي تُحدق بأمن ليبيا ومصر القومي المشترك وللتصدي للأطماع الخارجية في ليبيا من جانب تركيا الداعمة للإرهاب والتطرف والمليشيات الخارجة عن القانون التي لم تتوقف عن خرق قرارات مجلس الأمن الدولي والقرارات الدولية بحظر توريد الأسلحة عبر إرسالها المتواصل إلى يومنا هذا للسلاح والعتاد والمرتزقة لدعم المليشيات المسلحة".

وأضاف بليحق أن "قرار البرلمان المصري جاء دعما لليبيين من أجل المضي قدماً في الحفاظ على أمن ليبيا ومصر والمنطقة من الاطماع الاستعمارية التركية التي تهدف لنهب ثروات المنطقة وبث الفوضى والخراب وعدم الاستقرار معتبرا أن ذلك سيسهم في تحقيق الأمن والاستقرار وإفشال مشروع المليشيات والفوضى الذي تدعمه تركيا وغيرها من الدول الداعمة لهذا المشروع".

وأكد المحلل السياسي المصري المتخصص في الشأن الليبي عبد الستار حتيته في تصريح لمجلة المرصد أن "قرار البرلمان المصري إضافة مهمة لحزمة من الإجراءات التشريعية والقانونية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي تخول لمصر اتخاذ ما تراه مناسبا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وفي كل من مصر وليبيا، سواء بالحرب أو بالسلم".