كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، في آخر تقرير له، عن ارتفاع عدد المرتزقة السوريين، الذين نقلتهم تركيا إلى ليبيا، ليبلغ العدد نحو 3660 فردا، في زيادة جديدة تشير إلى إصرار تركيا على استمرار التدخل العسكري في ليبيا، في وقت تتالت فيه التحذيرات الدولية من أن التدخل التركي العسكري في ليبيا سيقوض مساعي إرساء السلام في بلد يشهد اضطرابا منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي .

** محاولات تركية لتبريل التدخل العسكري في ليبيا

رغم محاولات السلطات التركية التقليل من ردود الأفعال الدولية الغاضبة من تدخلات أنقرة في الشأن الليبي بالحديث عن عدم رغبة تركيا ارسال مزيد من المستشارين هنالك وهو ما أكده وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو،  بقوله إن بلاده لا تعتزم إرسال المزيد من المستشارين العسكريين إلى ليبيا طالما كان وقف إطلاق النار ساريا.

وقال الوزير التركي :"لقد اتفقنا جميعا على عدم إرسال مستشارين إضافيين أو قوات أو مرتزقة من أي دول مجاورة، طالما تم احترام اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار، والجميع ملتزم بذلك"، و تابع "إن بلاده أرسلت إلى العاصمة الليبية طرابلس، عددا محدودا من المستشارين العسكريين وليس مئات الكتائب المقاتلة وذلك في اطار محاولات التبرير التركية للتدخل في الملف الليبي".

لكن في موقف يحمل الكثير من التناقض أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن بلاده تواصل تقديم الخدمات الاستشارية لليبيين في إشارة الى التدخل الواضح في الشأن الليبي وعدم التزامها بالقرارات والاتفاقيات الدولية، وقال أكار: " لدينا في ليبيا فريق للتدريب والاستشارات يقدم الدعم لأشقائنا الليبيين ونواصل خدماتنا الاستشارية هناك".

هذا و أكدت مصادر إعلامية سورية أن تركيا تواصل عمليات تسفير مئات المقاتلين السوريين لدعم الميليشيات المتطرفة في طرابلس وذلك بوصول دفعات جديدة من المرتزقة.

وأثبتت تقارير إعلامية وجود أسلحة تركية متنوعة في طرابلس، منها الطائرات المسيرة ومضادات الطائرات التي تظهر بأيدي المقاتلين الموالين لحكومة الوفاق، في حين أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بزيادة عدد المرتزقة السوريين الذين نقلوا طرابلس، حيث بلغ عددهم 3660 مقاتلا في ارتفاع جديد يعكس إصرار تركيا على المضي في تدخلها العسكري الذي أثار انتقادات واسعة.

**رحلة تسلّل المرتزقة إلى ليبيا ؟

تشير تقارير إلى أن أعمار المرتزقة الذين ترسلهم تركيا بعد إغرائهم بالجنسية التركية وألفي دولار شهريا، تتراوح بين 17 و30 سنة  في عمليات مشابهة تماما بتجارة الحرب التي اعتمدتها أنقرة في سوريا في السنوات الأخيرة.

وذكرت تقارير إعلامية بأن الطائرات تتوجه على شكل رحلات داخلية وهمية ولا يتم إدراجها في قائمة الرحلات، كما لا يتم العبور من الحدود الرسمية، كي لا يتم إثبات هويات المسفرين في حال أرادت المحكمة الدولية فتح تحقيق بالأمر.

و كشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، عن طريقة ومسارات نقل المرتزقة السوريين الموالين لأنقرة إلى ليبيا، وقال إن رحلة تسلل هؤلاء المرتزقة تبدأ بتجميعهم جنوب تركيا ونقلهم برحلات داخلية إلى مطاري أتاتورك وصبيحة بمدينة إسطنبول دون تفتيش ومنهما إلى طرابلس عن طريق طائرات ليبية.

كما أشار إلى أن تركيا افتتحت المزيد من مراكز التجنيد فضلاً عن المراكز الـ4 الموجودة في عفرين السورية، مؤكداً أن هذه المراكز التي وصل عددها حسب التقديرات الأولية إلى 7، تشهد إقبالاً كبيراً من قبل المقاتلين السوريين الراغبين في الحصول على المال مقابل الذهاب للقتال في ليبيا.

وكشف مدير المرصد السوري إلى دخول فيلق الشام الإسلامي على خط التجنيد في مراكز عفرين، والذي يُعد الجناح العسكري للإخوان المسلمين في سوريا والمقرب من المخابرات التركية.

ولفت إلى رصد معلومات تؤكد أن بعض هؤلاء المرتزقة سارعوا لتسجيل أسمائهم ليس لرغبتهم في القتال داخل ليبيا، بل تخطيطاً لاستغلال الرحلات التي تُسيّرها تركيا لنقل المقاتلين إلى هناك للوصول إلى ليبيا ومن ثم العبور منها إلى أوروبا.

وفتح هذا التطوّر الخطير المجال أمام قادة هؤلاء المرتزقة في سوريا للمتاجرة برحلتهم إلى ليبيا، عبر استلام الأموال المعروضة لهم بدلاً عنهم مُقابل ضمان وصولهم إلى طرابلس والتواصل مع مهربين هناك لنقلهم إلى أوروبا، بحسب مدير المرصد السوري.

وشدد رامي عبدالرحمن أن رواتب المرتزقة السوريين والتي تصل إلى 2000 دولار شهرياً لا يتكفل بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بل حكومة الوفاق ودُول أخرى داعمة لهذا التدخل.

**هروب المرتزقة من ليبيا إلى أوروبا

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، إن قسما من الإرهابيين المنضوين ضمن الفصائل الموالية لتركيا ممن توجهوا إلى ليبيا في إطار عملية نقل المرتزقة إلى طرابلس بدأوا رحلة الخروج من الأراضي الليبية باتجاه إيطاليا.

وأضاف أنه ما لا يقل عن 17 إرهابي وصلوا إلى إيطاليا بالفعل- بحسب ذويهم- حيث عمدوا منذ البداية إلى اتخاذ ليبيا كمحطة للعبور إلى إيطاليا، كما أن قسماً منهم توجه إلى الجزائر على أن تكون بوابة الخروج إلى أوروبا.

وأكد عبد الرحمن تواصل عملية تسجيل أسماء الراغبين بالذهاب إلى طرابلس بالتزامن مع وصول دفعات جديدة من المرتزقة إلى طرابلس، كما أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1700 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل كبير سواء في عفرين أو مناطق درع الفرات ومنطقة شمال شرق سورية.

وأكد عبد الرحمن أن تركيا تريد نحو 6000 مسلح سوري في ليبيا إذ ستعمد بعد ذلك إلى تعديل المغريات التي قدمتها عند وصول أعداد المجندين إلى ذلك الرقم، حيث ستقوم بتخفيض المخصصات المالية وستضع شروط معينة لعملية تطوع الإرهابيين حينها.

في حين رصد المرصد السوري وصول المزيد من الجثث التابعة للمرتزقة السوريين ممن قتلوا في طرابلس، وبذلك، يرتفع عددهم إلى 24 إرهابي.

من جهة أخرى نشرت وسائل إعلام تابعة للحكومة السورية، وأخرى للمعارضة، مقطع فيديو لبعض المرتزقة التابعين لميليشيات سورية موالية لتركيا، داخل طائرة ركاب، أثناء توجهها إلى العاصمة الليبية طرابلس.

وتظهر هذه اللقطات المرتزقة السوريين على متن إحدى الطائرات، قيل إنها للخطوط الإفريقية الليبية يتم نقلهم من تركيا للأراضي الليبية في التسجيل غير المعروف تاريخه.

لكن هؤلاء، إن صح التسجيل، وغيرهم غادروا سوريا بعد وعود وإغراءات تركية مادية وغير مادية، إذ وقع هؤلاء المرتزقة بحسب مصادر عقودا لمدة ستة أشهر مقابل ألفي دولار لكل مقاتل شهريا، وهو مبلغ يعادل 40 ضعفا من المقابل الذي كانوا يحصلون عليه في سوريا.