ليبيا تخرج من الأزمة. بعد أكثر من عام من الحوار، لدينا الآن حكومة شرعية معترف بها دوليا، شكلت بموجب شروط الاتفاق السياسي الليبي المؤرخ في 17 كانون الأول 2015. نحن على الطريق الصحيح ونسير في الاتجاه الصحيح. نعمل على إعادة الحكومة وإعادة توحيد مؤسساتنا المنقسمة ، من مؤسسة النفط الوطنية الى البنك المركزي وهيئة الاستثمار الليبية. ونحن نعمل على حل الأزمة النقدية وإعادة السيولة للنظام المصرفي لتخفيف المصاعب التي يواجهها شعبنا.

الليبيون لديهم الآن حكومة تتلمس طريقها. لدينا برنامج واضح يمنح الأولوية للأمن والمصالحة الوطنية والانتعاش الاقتصادي والتنمية، والعدالة الاجتماعية، وإصلاح المؤسسات والتعاون الدولي. الليبيون يطلبون بإلحاح الخدمات العامة الأساسية، ونحن ملتزمون بتقديمها لهم.

سنبدأ بملف الأمن، والحفاظ على سيادة ووحدة ليبيا – و هذا سيكون حجر الأساس لتحقيق لتقدم السياسي والاقتصادي. لقد أطلقنا إعادة هيكلة قواتنا المسلحة مع إنشاء الحرس الرئاسي، الأساس لتأمين الحكومة والمؤسسات الحيوية. أنشأنا غرفة عمليات خاصة بين مصراتة وسرت، وسوف نتبعها قريبا بمرفق القيادة المركزية للعمليات. هذه هي المسامير الأولى في نعش أعدائنا المشتركين، الإرهابيين. وكما سيكتشف شركاؤنا في فيينا، بات للمجتمع الدولي الآن حليف موثوق به، يحظى بالدعم على الصعيد الوطني، ويمكنه القيام بمهامه.

لكن على الليبيين والمجتمع الدولي معا أن يكونا واقعيين حول ما نحن فيه. سوف يستغرق الأمر وقتا للتعافي من حالة من الفوضى والانقسام.

للمجتمع الدولي مسؤوليات تجاه ليبيا . بعد عام 2011، تُركت الأمور ببساطة هكذا. ما سمح للعديد من البلدان بالتدخل وأدى بنا إلى ما نحن فيه اليوم. لكننا كليبيين علينا أيضا أن نلقي نظرة فاحصة على أنفسنا وإصلاح سلوكنا. بدلا من التصرف بمسؤولية كرجال دولة، دخل السياسيون في مشاحنات بينما ليبيا تنفجر. لقد ترنحنا من خطوات نحو الديمقراطية في عام 2011 إلى العنف والفوضى اليوم بسبب الانهيار الكامل للوحدة الوطنية.

داعش ليست عدونا الأكبر . الانقسام الوطني هو عدونا. الدرس الصارخ من السنوات الخمس الماضية من الاضطراب هو أنه عندما يفشل الليبيون في العمل معا ، فإنهم يُمَكِّنون أولئك الذين من شأنهم أن يدمروا بلدنا. الوحدة الوطنية هي السلاح الأكثر فعالية ضد المروجيين العدميين للكراهية وسفك الدماء. سيتم هزم الإرهابيين على أيدي قواتنا المسلحة الموحدة تحت قيادة مدنيين وليس ميليشيات متناحرة تتهافت على المكاسب السياسية.

عندما يتعلق الأمر بهزيمة داعش، أود أن أذكِّر أصدقاءنا أن هذا سيتحقق من خلال جهود ليبية ودون تدخل عسكري أجنبي. نحن لا نطالب بقوات برية أجنبية على الأرض، ولكننا نطالب بالمساعدة في التدريب، ورفع حظر الأسلحة المفروض على ليبيا. لا معنى لإفشال جهودنا للإقبال على هذه المعركة الحاسمة ضد عدو لا يرحم ولكنه ضعيف. أدعو إلى وضع حد فوري لعقوبات الامم المتحدة التي تنص على تجميد الأصول الليبية الحيوية في الخارج . نحن بحاجة لهذه الموارد لهزيمة الإرهابيين.

أتفهم أنه بالنسبة للعديد في أوروبا ، تعد مسألة الهجرة و تهريب البشر من ليبيا هي مصدر قلق بالغ، وسنعمل بلا كلل لوضع حد لذلك. ولكن أفضل طريقة للقضاء على مهربي البشر هو التأكد من أن ليبيا مستقرة وآمنة، ومزدهرة من خلال الإصلاح الاقتصادي. هذا هو الحل الوحيد والقابل للتطبيق على المدى الطويل. القوات البرية الأجنبية والقوارب الأجنبية ليست هي الحل.

 وأنتهز هذه الفرصة لأؤكد على أن أن جميع الدول يجب أن تعمل فقط مع المؤسسات الشرعية وفقا لاتفاق الوحدة الوطنية. بعض الأنشطة تقوض جهودنا ولن تؤدي إلا إلى تكثيف الصراع.

إنتاج النفط انهار، وارتفع النشاط الإرهابي بشكل مرعب واقتصادنا في خطر كبير. البطالة بين الشباب وصلت مستويات غير مقبولة. إن حجم التحديات التي تواجهنا هو هائل. وأنا أعلم أننا سننجح، ولكن هذا لن يحدث إلا باتحاد الليبيين والعمل معا.
استشرافا للمستقبل، أقول لجميع الليبيين إن أي جماعة أو منطقة واحدة يمكن أن تتوقع أن تسود. يجب علينا أن نتعلم بسرعة فن التسوية السياسية في عهد جديد من حكومة تمثيلية. إنها مسألة توازن ومساواة واعتدال. هذا هو ما قاتلنا من أجله خلال الثورة، وهذا هو ما ضحى الكثير من الليبيين من أجله. الطريقة الوحيدة لتكريم تضحيات الشهداء هو بناء ليبيا أفضل ، ليبيا لجميع الليبيين. في فيينا سوف أجدد تعهد والتزام حكومتي الثابت للقيام بذلك بالضبط مع أصدقائنا في المجتمع الدولي.

*فايز السراج ، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية