بدأت ملابسات محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت اللواء الليبي خليفة حفتر الذي يقود عملية “كرامة ليبيا” تتضح إثر بروز خيوط تربطها بجهات قطرية. ولم يتردد اللواء خليفة حفتر في اتهام قطر بشكل مباشر بالتورط في هذه المحاولة الإرهابية الفاشلة التي تعرض لها الأسبوع الماضي، حيث قال إن”الرؤوس المدبرة لهذا العمل موجودة في قطر”.

وتابع في حديث بثته قناة النيل المصرية في برنامج “شؤون عربية”، أن “حكام قطر هم الذين شاركوا في المؤتمر الليبي المنتهية ولايته، وقاموا بالتخطيط الذي لا يتناسب مع مستوى كلمة مؤتمر”، لافتا في نفس الوقت إلى أن محاولة اغتياله “عبارة عن هجوم انتحاري يائس ناتج عن فشل ذريع في كل محاولات أنصار الشريعة”.

وتعرض اللواء خليفة حفتر في 4 يونيو الجاري لمحاولة اغتيال فاشلة بسيارة مفخخة استهدفت أحد مكاتبه بمدينة بنغازي. ويقول مراقبون إن هذا الاتهام الصريح والواضح لحكام قطر على لسان اللواء حفتر بالتورط في محاولة اغتياله، يأتي ليحسم الجدل الذي رافق الملابسات التي أحاطت بهذه العملية الانتحارية التي استهدفته من ناحية، ومن ناحية ثانية يسلط الأضواء من جديد على علاقة قطر بالمجموعات المتطرفة في ليبيا وفي غالبية دول “الربيع العربي”.

وتكاد دوائر التحليل السياسي، ومراكز المتابعات الأمنية والاستخباراتية تُجمع على أن علاقة قطر بالتطرف الإسلامي، وخاصة بجماعة الإخوان المسلمين، ومجموعات متشددة أخرى، علاقة ثابتة. وقد تجلت هذه العلاقة بشدة خلال السنوات الثلاث الماضية في تونس وصولا إلى شمال مالي، مرورا بليبيا، واليمن، وكذلك أيضا مصر وفلسطين، بحيث لم يعد بإمكان حكام قطر إنكار ذلك.

وهو ما اعترف به رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم، الذي أكد في حديث بثته قناة “بى بى أس” الأميركية في وقت سابق دعم قطر للإخوان وللإسلاميين. وقال بن جاسم “نحن ندعم الإسلاميين لأن لهم دورا مؤثرا في المنطقة من العراق إلى المغرب، وهم قيمة سياسية مهمة لا يمكن تجاهلها”، على حد تعبيره.

وتنظر غالبية الأوساط السياسية الليبية بنوع من الريبة التي ترتقي إلى القلق من هذا الدعم القطري لجماعة الإخوان المسلمين، بل إن الناشط السياسي الليبي سعد الدينيالي المقيم بمدينة بنغازي لم يتردد في القول إن “الشارع الليبي يرفض تدخل قطر في شؤون ليبيا الداخلية”.

وقال في اتصال هاتفي مع “العرب” إن الليبيين يوجهون أصابع الاتهام إلى قطر بأنها وراء تردي الأوضاع الأمنية في البلاد بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، وتدخلها المتكرر في الشؤون الداخلية الليبية”.

وأضاف “بصراحة لا أستبعد تورط قطر بشكل مباشر أو عبر الأطراف الليبية التي تدعمها في محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت حياة اللواء خليفة حفتر قبل أقل من أسبوع”.

وبحسب الدينيالي، فإن كأس الليبيين “فاض من تكرار التدخل القطري في شؤونهم”، ولفت إلى أن هدوء حذرا يُخيم منذ يومين على مدينة بنغازي، وذلك رغم القصف المدفعي الليلي الذي يستهدف مواقع المتشددين في أطراف المدينة، والذي ترافق مع عمليات تمشيط تقوم بها الطائرات الحربية الموالية للواء خليفة حفتر.

وكان اللواء خليفة حفتر قد وصف في حديثه لقناة النيل المصرية، عملية “كرامة ليبيا” التي يقودها بأنها “مرحلة من العمل الدؤوب تتخللها معارك متصلة حتى تُكلل بالنجاح”.

وأوضح قائلا “نحن على أبواب مراحل متقدمة من إنهاء هذا المسلسل، خاصة أننا نريد تصحيح مسار الثورة التي لم تكن نتائجها مرضية لشعب ضحى بفلذات أكباده من أجل إزاحة ظالم، وأننا لم نزح ظالما ليأتي ظالمون باسم الدين”.

يشار إلى أن اتهامات وجهت إلى قطر كونها مولت وسلحت مجموعات إسلامية متشددة خلال حرب الإطاحة بالقذافي بغية تنفيذ أجندتها في المرحلة التي تلت انتصار ثورة 17 فبراير.

وكشفت وسائل إعلام محلية عن أن الدوحة تخطط لاستنساخ تجربة حزب الله اللبناني المدعوم من طهران، وذلك بإيجاد ميليشيات مسلحة تابعة لها، متحدثة عن وصول أسلحة متطورة للميليشيات المقربة من القاعدة بينها أجهزة اتصالات ومناظير ليلية، فضلا عن ضباط عمليات قطريين لتوجيه وتدريب عناصر تلك الميليشيات.

ولم يكن الدور القطري في ليبيا خافيا عن الأعين، فقد سبق لشخصيات ليبية عديدة أن نبهت إليه ودعت إلى التصدي له.

 

*نقلا عن العرب اللندنية