وكان( سيدي  رمضان ) يأتينا ونحن تلميذات مدرسةٍ,نتسارع ليوم دراسي ,نجهر  حقيبتنا والأجمل  هو  وجبةافطارنا ماالذي  يجعل ل(الشربة )  ذاك الطعم يتحلب ريقنا  , والأيادي الصغيرة تتلقف لقم خبز مغموسة , وأفواهنا تستعجل سريان ذاك الطعم ,, أيّ رائحة تصّاعد إلى أنوفنا , معدنوس وحبق, ورائحة المحبة التي تلّمنا وتجعل الضحك رفيقا مشاغبا , ننهض ليوم المدرسة الجديد , نركض بهجة لنلحق بالطابور , والطابور لن ينتظر المتأخرات , عادة هو محط صراع البنات القويات , أقف بعيدا , لا أهتم بذاك الصراع ,غارقة في تفاصيل الساحة الكبيرة ,ترابها المشتعل بلهيب الشمس , وشجرتا توت كبيرتان تظللان أمكنة تحيط بطابورنا المدرسي , وقبل أن يبدأ النشيد الوطني , أسمع صوتا ينادي باسمي ,هي معلمتي ( أبلة نوارة ) تشيّر إلى لأجيء وأكون الواقفة الأولى في طابور فصلنا,

الصف الرابع الإبتدائي , يركض الوقت , ونركض للإستراحة , إلى ظل شجرتّي توت كبيرتان ومليئتان بفيوض التوت الناضج الذي يسيل في أفواهنا وأيادينا وعلى ( القرنبيول ) الأكحل الطويل , ولكن ثمة كنز آخر , ( نص بالكفتة ) وأشياء أخرى , نتحلق في دائرة قرب حوض التوتة ونلّتم على بعضنا , لنكتشف كنز كل واحدة ونتذوق ونثرثر , تخبر كل واحدة صاحباتها ماتعلمت أمس  وهل شاركت في تجهيز ( سفرة الفطور ) وكم من الوقت صامت , وكم عقدت من (سعفة ) , تتباهي من أكملت يومان وأكثر , وأصمت , فتضحك البنات , يعرفن أبي ( القمودي ) وكيف يلّح علي لأشرب ماءً وأتغذى , لكنّي أصرّ على صيام بقية اليوم ،

(كولي يابنيتي ) ,عادة هو من يغلبني , يقسم فأستجيب ضاحكة,لكن الحكاية أن بنات السانية سيثأرن منيّ بتعليقاتهن القاسية / حيّه على فطارة رمضان / ياجيعانة / لكنّي أواصل ركضي ولعبي معهن حتى نشعر أن الوقت قد اقترب , خاصة أصوات النداء التي تأخذنا من تحت الزيتونة الكبيرة ,هكذا يكون (وسط الحوش ) في أزهى حلّة, تفترشه الحصيرة الملونة ,على جانبيها حصيرة عادية بلونها الترابي , يكون ( الكانون ) مشتعلا عبقا برائحة (البياض ) ويتربع فوقه (براد الشاهي ),هل ثمة أجمل من تلك العشية , و"حناي " تنتظر بشغف أذان المغرب ,  لأن بازين الفول " تفوح رائحته ,حتى أنها تضارع روعة رائحة الشاهي , الراديو يتربع وسط الحصيرة , وتلفزيون هناك على عتبة الدار الغربية ,وأبي  قبل أذان المغرب ,هو عاشق السيبجارة تتوفز أعصابه  , فينطلق

الأذان ,   يتلقف ثمرة ويشعل سيجارة فتفوح .

 كلّ شيء يفوح ويتعطر, جدتي تنفرد  بقصعة البازين والضحك وسماء صيفيه تظلّنا ليبدأ ليل , ليلك ياسيدي رمضان