ينظر البرلمان التونسي اليوم  الاثنين 25 يونيو ،   في ملف الإشاعة  التي روجتها منصات إعلامية تابعة لنظام الدوحة وناشطون  على شبكة التواصل الإجتماعي مقربون من حركة النهضة  حول ما سمي بالإعداد لإنقلاب أمني في البلاد من قبل وزير الداخلية المقال لطفي براهم ، حيث تستمع لجنة الأمن والدفاع إلى كل من الوزير السابق ر وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي  والناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني، وذلك في محاولة للإجابة عن جملة من الأسئلة التي تم طرحها في الشارع التونسي حول حقيقة الإشاعة التي تم ترويجها على نطاق واسع من خلال أطراف مرتبطة بالتحالف القطري الإخواني بعد تسريبها عن طريق موقع ألكتروني فرنسي ، وتبنيها من قبل قناة « الجزيرة » 

وكان نواب اللجنة، قد أكدوا الأسبوع الماضي ،  على ضرورة أن تقدم الحكومة  إيضاحات للرأي العام التونسي بخصوص "كل الأقاويل التي تروج عن محاولة انقلاب وتوضيح أسباب النقل والتحويرات في صفوف المسؤولين الأمنيين في هذا الوقت بالذات

إذ شددت النائب سامية عبو على أن ما يروج من إشاعات عن محاولة انقلاب أمر خطير جدا ولا يستوجب مجرد الإقالة بل يستوجب تحقيقات جدية ومحاكمة، مشيرة إلى أن إدخال البلبلة والفوضى في الشارع التونسي أمر مقصود للإيهام بوجود "منقذ" من خطر داهم، مطالبة بالاستماع إلى الوزير المقال ووزير الداخلية بالنيابة.

وإعتبر النائب توفيق الجملي،  أن الحديث عن انقلاب في وسائل الإعلام أمر خطير حتى وإن كان مجرد إشاعة، مبرزا أن إقالة وزير الداخلية لطفي براهم ،ثم القيام بتحويرات هامة في الخطط الأمنية "أمر مثير للريبة ويدعو إلى التساؤل عن جدواها" خاصة وأن حركة نقل الأمنيين لا تتم في هذا الوقت، وفق تعبيره.

ولاحظ الجملي أنه من الغريب جدا نشر أسماء مسؤولين أمنيين كبار و خططهم الوظيفية للعلن، حيث من الممكن أن يشكل هذا الأمر خطرا على حياتهم، بحسب رأيه.

وبين النائب أحمد الصديق كذلك أن حركة النقل غير عادية ويجب فهمها خاصة وأن وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي قام بهذه التحويرات في وقت وجيز جدا "وكأنها كانت معدة مسبقا وقام هو بتنفيذها فقط"، على حد قوله.

وبينما إكتفت رئاسة الحكومة بالصمت ، أعلن وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي أن لا صحة لما راج حول شائعة الإنقلاب ، فيما  أكدالناطق الرسمي بإسم محكمة تونس سفيان السليطي أن النيابة العامة لم تفتح تحقيقا بخصوص هذا الموضوع ، مشيرا الى  أنها أحالت الشكوى التي تقدم بها لطفي براهم كمتضرر الى الادارة الفرعية للقضايا الاجرامية للتعهد والبحث في الموضوع وعلى ضوء ذلك  ستتخذ الاجراءات الازمة.

وإتهم الوزير المقال كلا من مكتب قناة « الجزيرة » بتونس والصحفي الفرنسي نيكولا بو وموقعه الألكتروني « موند أفريك »  ومن ستكشف عنه التحقيقات ، بالمس من سمعته ، وبثّ الفتنة عبر ترويج الإشاعات التي تكتسي خطورة على الوضع العام بالبلاد وتتضمن تشويهاً للعلاقات الدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة

وسبق أن أعلن لطفي براهم  أنه قدم قضية ضد كل من سيكشف عنه البحث في الترويج لاتهامه 'بمحاولة الانقلاب'، قائلا "قدمت قضية ضد رئيس مكتب الجزيرة في تونس وضد الصحفي الفرنسي نيكولا بو".

وقال  أن الصحفي الفرنسي “نيكولا بو” الذي روج لوجود فكرة انقلاب في تونس، تاريخه أسود وتسبّب في سفك عديد الدماء، وكان قد حلّ بتونس منذ شهر ونصف والتقى بإعلاميين ومدونين ثم غادر البلاد، مبينا أن واجب التحفظ كأمني لا يسمح له بالكشف عن مزيد من المعطيات، متابعا أن  «بو  يسوّق لعملية انقلاب بتونس  سبق وأن تم الحديث عنها منذ سنتين، وهناك شبكة من مدونين وصحفيين معروفة تقوم بهرسلتي شخصيا وتوجيه التهم ضدي”وفق تعبيره 

وتعرض براهم ، الذي جاء الى الحكومة من خلفية عسكرية ، حيث كان قد شغل وظيفة آمر لجهاز الحرس الوطني ، الى حملة شرسة شنته ضده قوى الإسلام السياسي وفي مقدمتها حركة النهضة ومنصات إعلامية وميلشيات ألكترونية تابعة لحركة النهضة ، بسبب زيارة أداها في إطار عمله الحكومي الى الرياض في مارس الماضي 

وقال مراقبون أن حياد الوزير ، ورفضه تسييس العمل الأمني ، وتصديه لمحاولات إختراق الوزارة ، ونجاحه في مكافحة الإرهاب والكشف عن خلاياه النائمة ، أدى الى الحملة الشرسة ضده ، والتي وصلت الى حد تسريب تقرير صحفي مفبرك الى الصحفي الفرنسي نيكولا بو ، تولى نشره بموقع « لوموند إفريك » لتتناقله في ما بعد قناة الجزيرة القطرية ومواقع إخبارية الكترونية وبعض صفحات الفايسبوك المرتبطجة بتنظيم الحمدين والتنظيم العالمي للإخوان 

ويشير المحللون الى أن قطر وحلفاءها لم يكونوا مرتاحين لدور الوزير براهم ، لذلك راهنوا على الإطاحة به عبر نشر الإشاعات والأخبار الزائفة ، ومنها الحديث عن تخطيطه للإنقلاب على النظام القائم على غرار إنقلاب الرئيس الأسبق زين العابدين بن على على سلفه الحبيب بورقيبة ، وهي كذبة سمجة لا يصدقها عاقل ، نظرا لأن بن علي كان وزيرا أول ، وقد أطاح ببورقيبة طبق مخرجات الدستور ، بينما يشغل براهم وظيفة وزير للداخلية ليس له أي سند دستوري أو قانوني أو لوجستي أو سياسي داخلي أو خارجي للإنقلاب على نظام منتخب في نظر العالم 

الى ذلك  أكّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، خلال اجتماعه بوزراء ونواب نداء تونس،  الاسبوع الماضي ، أنّ ما يُروج عن فشل محاولة انقلابية من قِبل وزير الداخلية السابق لطفي ابراهم في تونس ، لا أساس له من الصحة

وقال النائب  البرلماني عماد أولاد جبريل، أنّ الشاهد، نوه خلال الاِجتماع، بوطنية وزير الداخلية وكفاءته، مبيّنا أنّ مايُروج حول الانقلاب المزعوم يدخل في إطار الإشاعات المروجة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي ''يتمّ التعامل مع كل المعلومات التي يتم نشرها سواء في وسائل الإعلام أو غيرها بأسلوب مسؤول وجدي و يتم تحليلها والتعامل معها قضائيا إن لزم الأمر''.

من جانبه ، رحب المكلف بالشؤون السياسية في حزب نداء تونس برهان بسيس بوزير الداخلية المقال لطفي براهم في نداء تونس.، وقال أن « حملة مركزة ارتفعت وتيرتها ، تتبادل خلالها شبكة النهضة التواصلية التحاليل عن الانقلاب المجهض في تونس والذي خطط له كما تقول الجماعة وزير الداخلية السابق لطفي براهم ،تحاليل ومواقف تستند لمقالة في موقع الكتروني فرنسي اشتغل صاحبه المدعو نيكولابو منذ سنوات على الابتزاز والارتزاق من شعارات الربيع العربي هو وشريكته كاترين غراسييه التي وقع إيقافها في فرنسا بتهمة الابتزاز بعد أن طلبت مبلغ مليون يورو من السلطات المغربية نظير عدم نشر كتاب عن الملك محمد السادس ، نفس الأسلوب مارسه هؤلاء مع السلطات التونسية في عهد الرئيس السابق بن علي قبل أن يصدرا كتاب حاكمة قرطاج، و نفس الأسلوب لا يزال يمارسه المتحيل نيكولا بو هذه المدة بإعلانه البدء في تحرير كتاب عن عائلة الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي وفي الأثناء يلقي للجماعة مقالة مضحكة عن تفاصيل انقلاب كان يعده لطفي براهم »

وتابع بسيس « الذين يبررون لأنفسهم بطولات وهمية ومعارك متخيلة في التصدي للانقلابات تماما كتصدي دون كيشوت لطواحين الهواء عليهم أن يدركوا أن النظام الجمهوري في تونس محصن بإجماع سياسي واسع وليس بحماية النهضة أو غيرها ، وأن هذا النظام الجمهوري الديمقراطي ليس قصة بوليسية تتهددها مؤامرات  خارجية بل ما يهدده فعلا هو الفشل المعمم الذي أصبح الحقيقة الوحيدة في تونس منذ 7 سنوات لتزيده الحكومة الحالية ملحة الحكاية في الفشل والانعزالية وغياب اي إنجاز يذكر رغم أنها الحكومة الوحيدة التي توفر لها الإجماع والمساندة الحزبية والاجتماعية الأكبر كما لم تتوفر لأي حكومات سابقة »