يبدي مستثمرون صينيون رغبتهم في تحويل مدينة كيربي الكاميرونية إلى أضخم وأوسع ميناء في وسط أفريقيا، وتنهال الوعود الأولية بأن المنطقة ستتحول إلى بؤرة انتعاش اقتصادي نشطة، لكن المخاوف تملأ قلوب سكان محليين في المدينة بأن المشروع سيؤدي بهم إلى العيش في العراء بلا مأوى.

ويعد مشروع ميناء كيربي الذاتي الإدارة واحداً من أكبر المشروعات الاستثمارية الصينية في العالم، إذ إنه سيصنف بعد افتتاحه وبدء تشغيله كأكبر ميناء في المياه العميقة بوسط أفريقيا.

ويتولى بنك الصادرات والواردات الصيني "إكسيم بنك" تمويل 85 في المائة من المشروع الذي تقدر تكاليفه الإجمالية 1ر1 مليار يورو (بما يعادل 3ر1 مليار دولار)، فيما تتحمل حكومة الكاميرون تمويل النسبة المتبقية. وتشرف شركة التعاون البحري الصيني "CHEC"، المملوكة للدولة، الإشراف على عمليات التشييد للميناء الجديد.

وفي الوقت الذي تأمل فيه حكومة الكاميرون أن يسهم الميناء الجديد في تحفيز اقتصادها وإحياء ميناء مدينة دوالا، المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، فضلاً عن إتاحة أرصفة شحن واستقبال للسفن العملاقة، فإن الصين تتطلع إلى احتياطيات الحديد التي تقع على مقربة من الميناء والتي سترتبط بالميناء بطريق جديد وخط سكك حديدية ، ولكي يتم بناء الميناء يتعين إزالة قرية لولابي من على الخريطة، وهو الأمر الذي يمثل سوء طالع لأكثر من 300 من المقيمين في البلدة نظراً لأن قوانين الأراضي في الكاميرون يشوبها الكثير من الغموض والفساد.

ويقطن قرية لولابي مجموعات من قبائل الياسا الذين أسسوها في مطلع القرن العشرين دون أن تكون لديهم أي أوراق ملكية أو صكوك أو تصاريح إدارية، وكان القليل جداً من القرويين فقط لديهم أوراق ومستندات تثبت ملكيتهم لعقاراتهم. وقد منحوا أموالاً ضئيلة للغاية تعويضاً على الأضرار التي لحقت بأراضيهم ومبانيهم، كما أنهم أرغموا على مغادرة منازلهم لمصلحة شركةCHEC الصينية المشرفة على المشروع.

وتقول التقارير إنه بحلول عام 2013 كان حجم المدفوع من التعويضات بلغ 22 مليون يورو فقط من مبلغ الـ 36 مليون يورو التي أقرها رئيس الوزراء الكاميرون، فيليمون يانج، في عام 2010 تعويضاً للسكان المحليين. ويزعم أن الـ14 مليون يورو المتبقية تاهت في دهاليز فساد المسؤولين السياسيين.

ويعلق نائب رئيس قرية لولابي، تيودور إيفاها، على الأوضاع قائلاً "القرويون كانوا في منتهى التفاؤل عند سماعهم عن مشروع الميناء، وقد ملأنا الأمل بأنه سيجلب لنا وظائف ويحسن مستوى معيشتنا... لكن خلال العامين الماضيين بات الضجر رفيقنا لأننا لم نستفد منه على الإطلاق." ورغم أن أعمال التشييد للميناء خلقت وظائف، لكن كان من النادر توظيف السكان المحليين، وبدلاً من ذلك تم جلب عمالة من مناطق أخرى في الكاميرون، فمعظم سكان المنطقة، خصوصاً من القرية أو البلدات المحيطة بها، لا تتوافر لديهم المهارات اللازمة لشغل هذه الوظائف.

ويترقب القرويون قيادات الشركة الصينية المشرفة على مشروع الميناء أن يقوموا بزيارتهم والتخفيف من معاناتهم مثلما يفعل في العادة مسؤولو الشركات الفرنسية العاملة في الدولة، إلا أنهم يئسوا من الانتظار ، ويعلق محرر التحقيقات الصحفية الشهير في الكاميرون، كريستوفر بوبيوكونو على تلك الأوضاع قائلاً "يتعين على الحكومة التوسط بين السكان المحليين والشركات الأجنبية، وإحاطتهم برغبات المحليين واحتياجاتهم، وهو ما يساعد المنظمات والشركات الأجنبية على تعزيز التنمية" لكنه يستدرك بيأس قائلاً "لكن العديد من الحكومات في أفريقيا بمنتهى البساطة تفشل في تلك المهمة، لذا فإن الشركات لا تعتد بها."