تزايدت مضاعفات عدم الاستقرار في ليبيا، وبصفة خاصة خلال الثلث الأول من عام 2018، نتيجة انتشار السلاح وعودة العنف في البلاد.ويمتد تأثير هذه الأوضاع المتردية إلى دول الجوار في ظل الحدود اللينة التي تستغلها الجماعات الإجرامية لتهريب الأفراد والأسلحة والمخدرات،معتمدة على غياب الأمن وتفشى الفوضى.

آخر مؤشرات المخاطر الحدودية،جاء مع إعلان وزارة الدفاع الجزائرية ضبط أسلحة في مخبأ تابع للإرهابيين في منطقة طارات في إليزي الحدودية مع ليبيا.وأظهرت صور، نشرت عبر الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الجزائرية، صاروخي هيلكوبتر مضادين للدبابات، وبندقية رشاشة، وبندقيتي قناصة، ومسدسي رشاشة من نوع كلاشينكوف،وأعيرة نارية يتجاوز عددها الـ200، وفقا لصحيفة الشروق الجزائرية.

وذكرت الوزارة، في بيان لها، أن عملية ضبط الأسلحة تمت خلال التمشيط قرب الشريط الحدودي مع ليبيا شمال شرق عين مناس بمنطقة طارات في إليزي.كما ذكر البيان أن قوات الجيش دمرت مخبأ للإرهابيين يحوي قنبلة تقليدية الصنع وكميات من الذخيرة، بالإضافة إلى هواتف محمولة وأغراض مختلفة، إثر عملية بحث وتمشيط في باتنة.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة محاولات إختراق الحدود الجزائرية الليبية،حيث تعددت عمليات ضبط كميات هائلة من الأسلحة والإرهابيين.وكانت السلطات الجزائرية،قد أعلنت مؤخرا، عن عمليات اعتقال إرهابيين وضبط أسلحة ليبية في صحراء الجزائر،وأكدت الهيئة العسكرية في حصيلة عمليات الجيش الجزائري خلال مارس  الماضي، توقيف 4 عناصر مسلحة في مناطق مختلفة، فيما سلّم 7 آخرون أنفسهم، بينما أوقف 3 عناصر داعمة للجماعات، كما تم كشف وتدمير 41 مخبأ للإرهابيين.وكشف التقرير الشهري مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، كما تم كشف وتدمير 57 قنبلة و28 لغما و3 كلغ من المواد المتفجرة.

وتعتبر هذه العمليات مؤشر على اتساع كبير لمحاولات المجموعات المسلحة وتجار السلاح العاملين مع المجموعات الإرهابية، الممتدة حتى دول غرب أفريقيا، نقل السلاح من ليبيا عبر الصحراء الجزائرية لصالح التنظيمات الناشطة في الجزائر ومالي والنيجر وليبيا.ويشير أيضا إلى امتلاك هذه التنظيمات لكميات كبيرة من الأسلحة على خلفية النزاع في ليبيا،وهو ما يدفع إلى العمل على تأمين المناطق الحدودية.

وتثير محاولات اختراق الحدود الشرقية الجزائرية الليبية،مخاوف جدية ،قد تشكل تهديدات أمنية بالغة الخطورة.وخاصة بسبب حالة الاضطراب الأمني والاقتتال الداخلي الذي تعيشه ليبيا منذ سنوات.ودفعت هذه المخاوف بالسلطات الجزائرية إلى إيلاء مسألة حماية الحدود أولوية قصوى،حيث كشف الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، نور الدين عيادي، خلال اجتماع تشاوري لمنطقة الساحل، يوم 7 أبريل 2018،" أنَّ الجزائر اتخذت على المستوى الداخلي إجراءات عملية لتأمين حدودها، خاصة مع ليبيا، تطلبت جهوداً عسكرية وأمنية وبشرية ضخمة".

وفي ظل المخاوف التي تطرحها التنظيمات الإرهابية في المنطقة،تفرض الجزائر إجراءات أمنية صارمة، تعيق تنشيط السياحة الصحراوية "خشية خطف سياح غربيين"،وكان رئيس الحكومة أحمد أويحيى،أكد بأن السلطات الجزائرية تفضل الحفاظ على التشديد الأمني "لأن عملية خطف واحدة قد تلغي عمل 20عامًا من الاستقرار في الجنوب".

وأقرّ أويحيى بأن الأوضاع الأمنية التي تعيشها الولايات الجنوبية، تقف خلف عدم تقدم السياحة في المنطقة. وأضاف أن "ارتدادات الوضع الأمني في منطقة الساحل وليبيا، تؤثر مباشرة على الأمن في المنطقة وعدم تنشيط السياحة الصحراوية، يرجع إلى تفادي الوقوع في فخ عمليات خطف السواح الأجانب".

مخاوف الوزير الجزائري،سبق أن عبرت عنها وزارة الشؤون الخارجية البريطانية،في مارس 2018،حيث طلبت من المسافرين البريطانيين، عدم الاقتراب من حدود الجزائر مع تونس إلا للضرورة القصوى، خشية تعرضهم لحوادث اختطاف من قبل جماعات مسلحة وموالية لتنظيمات إرهابية خطيرة.ورأت السلطات البريطانية أن "الاقتراب مسافة 30 كلم من الحدود الجزائرية مع كل من ليبيا، موريتانيا، مالي والنيجر، يجعل خطر الاختطاف كبيرًا جدا".وجاءت هذه التحذيرات بالرغم من إشادتها بجهود الأمن الجزائري في التحكم بالوضع.

لكن الإجراءات الأمنية الصارمة التي تتبعها الجزائر،قوبلت بإنتقادات من وزارة الخارجية الأميركية،حيث نوه التقرير السنوي الجديد حول وضع حقوق الإنسان في العالم، إلى إبقاء الحكومة الجزائرية قيود السفر إلى المناطق الجنوبية من الوادي وإليزي بالقرب من الحدود الليبية لأسباب أمنية، مشيرًا إلى أن السلطات منعت سفر السياح برًّا بين مدينتي تمنراست وجانت الجنوبية، وقيدت تنقل الأجانب عبر مسارات في الطاسيلي والأهقار بسبب المخاوف الأمنية.

وتزامنت الانتقادات الأميركية واحتجاج برلمانيين جزائريين على تصريحات رئيس الحكومة، أحمد أويحيى،حيث طالبت المجموعة البرلمانية في رسالتها الى أويحيى بتصويب سياسة الحكومة بخصوص السياحة في الجنوب و فتح المجال أمام الوكالات السياحية لانعاش القطاع.واعتبرت المجموعة المكونة من ثمان نواب، تصريحات الوزير الأول،مناقضة لبرنامج الحكومة و توجيهات رئيس الجمهورية الذي يعول على قطاع السياحة كأحد البدائل الاقتصادية لتمويل الخزينة العمومية بالعملة الصعبة،وأكد النواب في ذات الرسالة على أهمية السياحة الصحراوية في امتصاص البطالة باعتبار ان السياحة هي الحل الأسرع والانجح لامتصاصها في الجنوب لانعدام المصانع.

وتثير حالة الفوضى وتمركز العناصر الارهابية في ليبيا،مخاوف لدى دول المنطقة  نظرا لما ينجر عن هذه الحالة المتردية من تزايد للتهديدات الارهابية لا فقط في الداخل الليبي وانما في المنطقة ككل.كما أن كل تشديد للخناق على الجماعات الإرهابية في ليبيا سيجعلها تفكر في حلول بديلة تتمثل بالأساس في الهروب نحو الدول المجاورة.

ومنذ بداية العام الحالي، كثّف الجيش الجزائري من وجوده العسكري على حدوده الشرقية مع تونس وليبيا، ودفع بآلاف الجنود والمزيد من المعدات العسكرية، بعد أن تحدث عن ورود معلومات استخباراتية تؤكد سعي تنظيمي داعش والقاعدة لاختراق الحدود الجزائرية، لتنفيذ عمليات إرهابية.

ودفعت الجزائر خلال السنوات الأخيرة بعشرات الآلاف من أفراد الجيش إلى حدودها الجنوبية مع مالي والنيجر وليبيا في الجنوب الشرقي لمواجهة خطرتسلل الإرهابيين وتهريب السلاح من هذه الدول التي تعيش فوضى أمنية.ومنذ عام 2014 نشرت القيادة العسكرية للجيش ألاف الجنود وتم توزيعهم على نقاط التماس الحدودية، وذلك لمراقبة الحدود ومحاربة التنظيمات الإرهابية التي تتخذ من الحدود والمناطق الصحراوية مرتعا لها.