في مواجهات هي الأولى من نوعها قتل 6 مسلحين في اشتباكات بين وحدة تابعة لتنسيقية الحركات الأزوادية أبرز مجموعات الطوارق المسلحة شمالي مالي وعناصر من فصيل مسلّح موال لتنظيم الدولة الاسلامية.

ويأتي هذا التطور بينما يؤكد محللون ومتابعون لشؤون الجماعات الاسلامية المتطرفة أن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا بزعامة أبوبكر البغدادي يتحرك بشكل مكثف لترسيخ أقدامه في افريقيا من خلال الجماعات الارهابية التي بايعته، ما يعني عمليا محاولة لانتزاع الزعامة من تنظيم القاعدة المعروف تاريخيا بتغلغله في منطقة الساحل الافريقي والصحراء.

ونقلت صحيفة ميدان أيست أونلايد عن موسى أغ آشاراتمان عضو لجنة الاتصالات في تنسيقية الحركات الأزوادية الثلاثاء، أن "الاشتباكات بين مقاتلي التنسيقية والمنشقّين عن جماعة المرابطين (مجموعة مسلحة تنشط شمال البلاد) المقرّبين من داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) بقيادة أبووليد الصحراوي، اندلعت منذ 3 أيام في منطقة تنسالاتين قرب ميناكا" في شمال البلاد دون تقديم المزيد من الإيضاحات حول أسباب اندلاع المواجهات.

وأضاف المصدر نفسه أنّ المعارك انتهت فجر الثلاثاء وخلّفت 6 قتلى في صفوف العناصر المسلّحة التابعة للفصيل المقرّب من الدولة الاسلامية، فيما استولى مقاتلو تنسيقية الحركات الأزوادية على كميات هامة من الأسلحة والذخيرة وعدد من الدراجات النارية، لافتا أنّ مجموعته لم تسجل خسائر في الأرواح.

ولم يصدر أي تعقيب أو تأكيد حول الاشتباكات ونتائجها من قبل مصادر أخرى معنية كانت أو مستقلة.

واعتقلت السلطات في مالي الأحد، أحد المسؤولين في "جبهة تحرير ماكينا" وهي مجموعة ناشطة بمنطقة موبتي أنشأت مطلع 2015 بقيادة الداعية المتطرّف أمادو كوفا، بحسب مصدر أمني في مالي.

وتعيش مناطق الشمال منذ سنوات على وقع أزمة أمنية على خلفية الانقلاب العسكري الذي شهدته مالي في مارس/آذار 2012، حيث تنازعت الحركة الوطنية لتحرير أزواد مع كل من حركة التوحيد والجهاد وحليفتها حركة أنصار الدين (تتبنيان فكر القاعدة)، للسيطرة على الشمال قبل أن يشن الجيش المالي مدعوما بقوات فرنسية عملية عسكرية في يناير/كانون الثاني لاستعادة تلك المناطق.

و جماعة المرابطون جماعة مسلحة تتبنى الفكر السلفي الجهادي وتأسست عام 2013 على إثر اندماج فصيلين من أنشط الفصائل الإسلامية المسلحة بشمالي مالي والصحراء الكبرى هما 'الملثمون' الذي يتزعمه الجزائري مختار بلمختار الملق بـ 'خالد أبوالعباس' والشهير بكنيته 'الاعور' وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا التي يتزعمها أحمد ولد العامر الملقب بأحمد التلمسي (نسبة إلى منطقة تلمسي في شمال مالي) الذي قتل في غارة فرنسية في نهاية 2014، وخلفه في المنصب أبو الوليد الصحراوي إلى أخذ البيعة من أعضاء الشورى الموجودين معه في شمال مالي وأعلن نفسه أميرا للتنظيم، دون موافقة بقية اعضاء مجلس الشورى الذين كانوا برفقة بلمختار خارج منطقة ازواد حينها.

وهنا عادت حالة الاستقطاب الثنائي من جديد داخل صفوف الجماعة، بين فريقيْ "الملثمون" و"التوحيد والجهاد".

وادى ذلك إلى حالة استقطاب بين الفصيلين داخل صفوف 'الملثمون' بزعامة بملختار والتوحيد والجهاد بزعامة الصحراوي.

فقد رفض بلمختار ومن معه من عناصر جماعة "الملثمون" إمارة الصحراوي واعتبروها غير شرعية، بينما تمسك أبوالوليد الصحراوي ومن يؤيده من عناصر التوحيد والجهاد سابقا ببيعته أميرا للتنظيم.

وقد سارع أبو الوليد الصحراوي إلى القيام بخطوة اعتبرها قطعا نهائيا للطريق على محاولات بلمختار دمج الجماعتين مجددا، فأعلن الصحراوي بيعة جماعته لـتنظيم الدولة الإسلامية بزعامة أبوبكر البغدادي.

لكن بلمختار سارع خلال أيام إلى الطعن في شرعية بيعة الصحراوي للدولة الإسلامية، وأكد أنها "لا تلزم شورى المرابطين" لكونها "مخالفة صريحة للبيان التأسيسي الذي حدد منهج وسلوك التنظيم"، وعزل لاحقا الصحرواي من منصب امير زعامة 'المرابطون'.

والصراع بين الشق الموالي للقاعدة ممثلا في الفصيل الذي يقوده الجزائري بلمختار والشق الموالي للدولة الاسلامية الذي يقوده الصحراوي، يعكس في جانب كبير منه الصراع على زعامة أكبر التنظيمات الجهادية الارهابية بين ايمن الظواهري زعيم القاعدة وابوبكر البغدادي زعيم الدولة الاسلامية.

ويبدو أن التنظيم المتطرف في العراق وسوريا أوجد لنفسه موطأ قدم في افريقيا سواء بدافع الخلافات بين قادة الفصائل المتطرفة أو بسبب التمدد الفكري والذي يعد أخطر من التمدد التنظيمي حيث أنه عابر للحدود.