بعد سنوات من الأزمة ومأساة الصراع المسلح بين الفرقاء الليبيين،مازالت الأمور تزيد تعقيدا وصعوبة يوما بعد يوم بتواصل الإقتتال وإنتشار الفوضى التى اسهمت بصفة كبيرة في توغل الإرهاب في مفاصل البلاد،في وقت عجزت فيه الأمم المتحدة من خلال مبعوثيها الى هناك،عن  تحديد أسباب استمرار الصراع في ليبيا والخروج بتسوية سياسية للازمة.

إلى ذلك،وفي إحاطة له في مجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا أكد مارتن ‏كوبلر، الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا ورئيس بعثة أونسميل،الأربعاء 19 أبريل 2017،على أهمية المضي في العمل على إقناع الأطراف الليبية على تنفيذ الاتفاق السياسي، مشيراً إلى إمكانية "تعديل الاتفاق" كسبيل لتجاوز الخلافات حوله.وقال كوبلر،إنه "لا يوجد بديل عن تعديل الاتفاق السياسي"، لافتاً إلى أن الاتفاق السياسي تؤيده أغلب دول المجتمع الدولي والغالبية الساحقة من الليبيين".

من جهة أخرى،أشار كوبلر إلى أنه لا يوجد ضامن يلزم الأطراف الليبية بتطبيقه بعد التعديل، قائلاً "لا يوجد أي سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن الليبيين سوف يلتزمون بتطبيق الاتفاق إذا تم تعديله ".محذرا الدول الأعضاء بمجلس الأمن من تنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة في ليبيا والسير في طريق انهيارالاقتصاد الليبي. وقال إن "الاقتتال والاضطرابات وتزايد أعمال عنف والجريمة أمر مستمر في البلاد"، مؤكداً أن الحل الوحيد أمام الليبيين هو الالتفاف حول الاتفاق السياسي.وأضاف "المجموعات المسلحة تزايدت سيطرتها في البلاد، واستشراء الفساد وتراجع قيمة الدينار وهو أمر ينبئ بالخطر ما لم يتفق الليبيون على إنهاء خلافاتهم".

وفي رد على تصريحات المبعوث الأممي،أصدر تحالف القوى الوطنية بيان تحصلت بوابة أفريقيا الإخبارية على نسخة منه،أكد فيه على ضرورة اتخاذ مواقف صارمة وواضحة تجاه مبعوث الأمم المتحـدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، وضد التجـاوزات غير المقبولة التي يقـوم بهـا مبعوث الأمين العـام إلى ليبيا بخصوص الهجرة غير الشرعية ومحـاولات توطـين المهاجرين في ليبيا، في تمـاه واضـح مع رغـبات بـعض المسـؤولـين في بـعض الـدول الأوروبيـة، الأمر الـذي يُعتير تجاوزاً لكل حدود صلاحياته ومهامه وأنه أصبح شخصا غير محايد، ويخدم مشروع توطين المهاجرين الأفارقة في البلاد.

وأبدي التحالف اعتراضه الكامل على ما جاء في إحــاطة مبـعوث الأمين العام إلى ليبيا، والتي انتقل فيها خطابه حول الهجرة غير الشرعية وتوطين المهاجرين من التلميح إلى التصريح.مشيرا الى إن حديث المبعوث الأممي عن الثروات التي تتمتع بها ليبيا، ثم ربطه بالزيادة السكانية الكبيرة لأفريقيا وسط انتشار الفقر والجوع وقلة فرص العمل فيها، ومنـاشدته المجتمع الـدولي أن ينظر من منظور استراتيجي لقضية الهجرة غير الشرعية، ماهو إلا توطـئة واضـحة لــمشـروع توطين المهاجرين في ليبيا. حسب البيان.

وفي السياق ذاته،دعا عضو لجنة الحوار السياسي الليبي المستقل، فضيل الامين،في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بشبكة فيسبوك،الخميس، المبعوث الاممي الى ليبيا، مارتن كوبلر، إلى "أن يتوقف عن الزج بنفسه في الملف الليبي مع غروب شمس فترته"، مشيرا الى أن "تحركاته في اللحظات الاخيرة من فترة مهمته لا تفيد ليبيا ولا تساعد في الدفع بالتسوية إلى الأمام".

 وتوجه الامين،إلى كوبلر بالقول "ليبيا ليست مكبا للهجرة غير الشرعية، وأفكارك حول التوطين من عدمه ليست ضمن مهامك المنصوص عليها في مهمتك كمبعوث اممي لليبيا"، مطالبا اياه بالاحتفاظ "بأجندته الخاصة التي لا علاقة لها بمهمته الأممية لنفسه"، مضيفا بالقول "أفكاره الخاصة يمكن أن تجد لها مكانا في كتاب ينشره لاحقاً كما فعل سلفه السيد متري".

وليست هذه المرة الأولى التي توجه فيها مثل هذه الانتقادات لمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر منذ توليه مهمته في نهاية شهر أكتوبر من العام 2015،حيث وجدت سياسته انتقادات واسعة من قبل مراقبين وحتى مسؤولين في الدولة الليبية.وسبق أن تصاعدت في عدة مناسبات الأصوات الليبية التي تُطالب باستبداله بسبب تصريحاته التي تُوصف بـ"الاستفزازية"، ومواقفه التي أثارت ومازالت تُثير غضب مختلف الفرقاء الليبيين.

وأثار تعيين كوبلر علامات استفهام وتساؤلات عديدة ارتباطا بالانتقادات التي وُجهت له أثناء رئاسته لبعثة الأمم المتحدة في العراق.حيث خضع أداء كوبلر أثناء عمله في العراق لانتقادات عديدة من الأوساط السياسية العراقية، وكذلك أيضا من أطراف أميركية وأوروبية لم تتردد في اتهامه بالتسبب في أزمات مُعقدة دفعت عددا من القادة العراقيين إلى المطالبة بعزله من مهمته.

يذكر أن مارتن كوبلر عين إثر فشل المبعوث السابق في إقناع الأطراف الليبية بجدية انخراطها في تنفيذ الاتفاق السياسي الذي حظي بترحيب دولي واسع، ليعايش إخفاقات كبيرة وعقبات أيضا سيما بعد تمكن حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج من دخول طرابلس في مارس من العام الماضي ومساعيها لمباشرة أعمالها رغم معارضة مجلس النواب لها وامتناعه عن منحها ثقته.

ومنذ تعيينه في ليبيا لم يخفي المبعوث الاممي انحيازه لحكومة الوفاق التي انبثقت عن الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة والتي تحولت فيما بعد الى طرف في النزاع مما حدا بالعديدين الى اتهامه بالتسبب في كل التعقيدات السياسية والعسكرية التي تغلف المشهد الليبي الحالي.

وكان رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح من أكثر من اتهم كوبلر والأمم المتحدة بعدم معرفتهما بطبيعة المشهد في ليبيا، داعيا في المقابل إلى سحب الملف الليبي من الأمم المتحدة لتتولاه الدول العربية لما لها من دراية وفهم بطبيعة المجتمع الليبي المشابه لمجتمعاتها على حد قوله. وخلال مؤتمر صحفي بالسفارة الليبية في ختام زيارة الوفد الليبي إلى مصر في يوليو 2016، كشف خليفة صالح الدغيري زعيم الأغلبية في مجلس النواب الليبى، ورئيس الوفد أن البرلمان الليبي يطلق على مارتن كوبلر أنه مبعوث الجماعات الإرهابية إلى ليبيا وليس مبعوثا أمميا.

كما سبق أن خرجت العديد من المظاهرات في شرق وغرب ليبيا،مطالبة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن بعدم التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، وبضرورة طرد المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، لأنه فاقم الأمر في ليبيا وزاد من الشقاق بين الليبيين،كان آخرها محاصرته داخل مطار طبرق، أقصى شرق البلاد الاشهر الماضية من قبل عشرات المحتجين عندما كان في طريقه للقاء مسؤولي مجلس النواب.

  ويرى متابعون،أن كوبلرلم يضف شيئا يُذكر لما استلمه من سلفه برناردينو ليون،الذي ترك منصبه بعد أن تمكن من صياغة الاتفاق السياسي "الصخيرات"،ولم يحقق النتائج المرجوة بسبب انحازه بشكل واضح ومكشوف إلى طرف دون آخر،وفشله في كسب ثقة الأطراف الليبية المختلفة في المشهد السياسي، الأمر الذي عقد مهمته في إيجاد تفاهمات تنهي الصراع السياسي والعسكري الذي تشهده ليبيا.