تشير جميع المعطيات المتوفرة إلى قرب قيام قوات دولية بتدخل عسكري في ليبيا لدحر معاقل تنظيم داعش الارهابي الذي تمكن من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها.

ورغم تضارب التصريحات والمواقف بخصوص طبيعة التدخل والجهات التي تدفع باتجاهه إلا أن مؤشرات عديدة تفيد بأن ساعة الحسم العسكري اقتربت.

وبينما تسعى حكومة الوفاق الوطني الليبية لنيل ثقة برلمان طبرق حتى تتمكن من العمل ورفع التحديات القائمة في إطار مسار سياسي برعاية الأمم المتحدة، يؤكد خبراء أمنيون، بحسب صحيفة العرب اللندنية، أن الكفة بدأت تميل لصالح الحل العسكري خاصة مع إجماع القوى الدولية الكبرى المهتمة بالشأن الليبي (روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية) على ضرورة القضاء على تنظيم داعش في ليبيا.

وقد أعربت العديد من الدول في مناسبات عدّة عن قلقها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها، ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدل العراق وسوريا وهو ما يحصل بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة الإرهابية ومقاتلون في صفوف داعش.

وفتحت هذه المخاوف من تغلغل داعش في ليبيا وتمكنه من استقطاب آلاف المقاتلين من جنسيات مختلفة الباب أمام احتمال تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا. وفي هذا الصدد قال الناطق باسم الحكومة المؤقتة حاتم العريبي "إن الحكومة لم ولن تطلب أي تدخلات عسكرية برية في ليبيا".

وأكد نائب رئيس الوزراء بحكومة الوفاق الوطني، أحمد معيتيق، أن حكومة الوفاق لن ترحب أو توافق على وجود أي قوات بريطانية في ليبيا.

وأضاف في تصريحات إلى جريدة "ذا تلغراف" البريطانية أن "ليبيا ليست في حاجة لقبول العرض البريطاني بإرسال ألف جندي لتدريب قوات ليبية".

وأوضح معيتيق أن الحكومة ترحب بأي مساعدات لوجيستية وتقنية من دول غربية، لكن "الليبيين لن يقبلوا بوجود قوات أجنبية داخل أراضيهم، حتى وإن كانت لأغراض التدريب".

يشار إلى أن الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة أكد أن هناك حاجة للقيام بتحرك عسكري عاجل وحاسم لوقف انتشار تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، محذرا من أن التنظيم يريد أن يستخدم ليبيا كقاعدة إقليمية. وتفادى دانفورد ذكر أي تفاصيل بشأن أي توصيات قد يقدمها في واشنطن. وتضمنت أهدافه تحسين دعم الاستفادة من الحلفاء في المنطقة وبناء قوات محلية قادرة على الدفاع عن ليبيا وتعزيز جيرانها.

وقال دانفورد في تصريحات صحفية "لا بد أن تتخذ تحركا عسكريا حاسما للتصدي لتوسع الدولة الإسلامية وفي الوقت ذاته تريد أن تقوم بذلك بطريقة تدعم عملية سياسية طويلة المدى".

وأبدت إيطاليا بدورها منذ عدة أشهر استعدادها لتولي قيادة تدخل عسكري بري في ليبيا لدحر المتشددين، غير أنها تشترط من أجل ذلك الحصول على ضوء أخضر من الأمم المتحدة ومن السلطات الوطنية المعترف بها، كما ألمحت فرنسا في مناسبات عديدة إلى إمكانية التدخل عسكريا في ليبيا لضرب معاقل داعش في مدينة سرت والمناطق المحيطة بها.

ويستدعي الوضع في ليبيا تضافر جهود المجتمع الدولي، وخاصة رفع حظر السلاح عن قوات الجيش الوطني حتى تتمكن من دحر المجموعات الإسلامية وتفكيك الكتائب الإرهابية في مختلف مناطق البلاد. وتعالت الأصوات المنادية بضرورة دعم الجيش الليبي في حربه ضدّ التنظيمات الجهادية ورفع حظر الأسلحة عن ليبيا، وهو ما لم تستجب له الأمم المتحدة لاعتبارات عدّة أهمها أن قرارا مماثلا سيكثّف حالة الفوضى وسيحوّل ليبيا إلى خزّان للأسلحة التي من المرجح أن يستفيد منها المتشددون.