بينما تستعد تركيا، لمنح مزيد من السوريين الحق في العمل، فإن الآلاف من أرباب العمل الأتراك، يستفيدون بالفعل من الأيدي العاملة السورية الرخيصة وغير القانونية، في خطوة تثير مخاوف بشأن معاملة من لا حول لهم ولا قوة من أكبر مجموعة لاجئين في العالم.

وبينما أثار انخفاض الأجور، تلميحات باحتمال تعرض السوريين للاستغلال، فإن بعضهم يخشى الخروج من سوق العمل حالما تسن قوانين جديدة، وهي معضلة دفعت للسطح بتساؤلات عن محاولات لدمج السوريين في المجتمع التركي.

والأسبوع الماضي، وعدت تركيا التي تستضيف الآن 2.2 مليون لاجئ سوري، فروا من الحرب الأهلية ببلادهم بالمساعدة، في وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا، مقابل الحصول على 3.2 مليار دولار في صورة مساعدات، وإحياء المباحثات بشأن انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي. والمراد بالمال رفع مستويات المعيشة للسوريين وإقناع المزيد منهم بالبقاء في تركيا.

وأنفقت تركيا نحو 8.5 مليار دولار على إطعام لاجئين سوريين وإعاشتهم منذ بدأت الحرب الأهلية السورية قبل نحو خمس سنوات، لكنها لم تقر حتى الآن السياسة التي طال انتظارها بالسماح لهم بالعمل بشكل قانوني.

وفي تركيا اليوم نحو ربع مليون سوري، يعملون بشكل غير قانوني، وفقا لتقديرات مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية.

وقال ألطان (45 عاما)، وهو صاحب متجر في اسطنبول، “هم أرخص مقارنة بالعامل التركي. يوجد كثير من العمال السوريين هنا الآن.” ويدفع ألطان نحو 25 ليرة (8.70 دولار) لكل من العاملين السوريين لديه في اليوم، وهو أقل من نصف أجر العامل التركي.

وأكد ألطان؛ الذي يبدو أنه غير قلق من تهديد بغرامة قدرها 2900 دولار، على كل عامل غير قانوني “الكل يعرف، لكن لا أحد يريد وقف ذلك. الشرطة تعتقد أنه إن لم يحصل السوريون على عمل فسيبقون في الشارع”. ويعرفهم القانون التركي بأنهم “ضيوف”، لكن ليس كلاجئين ولا يتمتع السوريون الذين يعملون بشكل غير قانوني بأي حقوق وظيفية أو حماية قانونية ملائمة.

وتابع؛ من يعملون مع اللاجئين إن تغيير هذا الوضع صار ضروريا،اللا إذا كانت تركيا تريد أن تصبح مكانا يمكن للسوريين فيه بدء حياة جديدة وهو أمل يتمنى الاتحاد الأوروبي حدوثه.

وقالت إيدا بيكجي – وهي محامية ترأس إحدى منظمات المجتمع المدني، التي تقدم المساعدة للمهاجرين في الساحل الغربي لتركيا- “إذا حصلوا على وضع قانوني ونفضوا عنهم الخوف من المستقبل، فأعتقد أنهم سيتوقفون عن الفرار لأوروبا.”

وحتى الآن، تسببت مخاوف من أن يسرق السوريون الوظائف من الأتراك، في تأخير أي تقدم في خطة السماح للاجئين بالعمل.

وقال “فؤاد أوكتاي”، رئيس وكالة إدارة الأزمات بتركيا، “الأمر أوشك على الاكتمال. من الضروري تحقيق توازن بحيث لا يشعر المجتمع المحلي بأن اللاجئين يسرقون وظائفهم.”

ورفضت وزارة العمل، التعليق على خطط منح مزيد من اللاجئين تراخيص عمل، لذلك لا يعرف حتى الآن شكل التشريع الجديد أو توقيت صدوره.

وقالت المحامية “بيكجي”، إن عملية إصدار تراخيص عمل معقدة ووضعت للاحتفاظ بالأيدي العاملة المؤهلة، التي فر قطاع كبير منها بالفعل لأوروبا. وأضافت “على صاحب العمل أن يملأ نموذجا يصل إلى 50 صفحة، يجيب فيه عن الغرض من تعيين هذا الموظف.” وتابعت، إن هناك ستة آلاف عامل سوري فقط يعملون بشكل قانوني، كانت لديهم تأشيرات قبل الحرب، ولديهم الآن تراخيص عمل.

ووفقا للروايات، من الواضح أن الأيدي العاملة السورية محببة لدى أرباب العمل الأتراك، بوجود ما يصل لمئات الآلاف في سوق العمل غير الرسمي.

وفي ضاحية كاجيتاني باسطنبول، حيث يعمل “أطلان”، تسمع اللغة العربية من صفوف المتاجر والمحلات بوجود سوري يمثل غالبية القوة العاملة. والمسألة أضحت قضية سياسية أكبر في أقاليم أفقر قرب الحدود السورية.

وقال “أوكتاي أوزتورك”، عضو البرلمان عن حزب الحركة القومية اليميني، عن محافظة مرسين القريبة من الحدود السورية، “إننا نجلب عدم راحة لشعبنا. شعبنا يعتقد أنهم (السوريون) يسرقون الوظائف والكل قلق من المستقبل.”

وأضاف أوزتورك، حين سئل عن خطة تراخيص العمل، أن هذا أمر غريب أن توفر احتياجات شعب آخر ولا تفي باحتياجات الأتراك. وقال إن عليهم “العودة لبلادهم.”

ووسط مخاوف من حصول العمال السوريين على وظائف الأتراك، الذين يواجهون بالفعل نسبة بطالة تتجاوز عشرة بالمئة، يدافع “جمعة أسطى” البالغ من العمر 35 عاما، عن توظيف ثلاثة سوريين في مطعمه للوجبات السريعة بشكل غير قانوني، رغم أنه يدفع لهم أقل كثيرا من الحد الأدنى للأجور.

وقال، “لا يمكنني العثور على عمال أتراك. وحتى لو عثرت عليهم فسيبحثون عن عمل في مكان آخر ويتركونني. العمال السوريين لدي أكثر استقرارا. لم تحدث لي أي مشكلة معهم.”

وبإضافة رسوم التأمين، سيتكلف أسطى عن كل عامل تركي، أكثر من 1200 ليرة شهريا، وهو مبلغ سيرتفع بعد زيادة الحد الأدنى للأجور في 2016.

ويتكلف العمال السوريون 850 ليرة، لكنهم إذا حصلوا على عمل بشكل قانوني، فسيكون على صاحب العمل أن يدفع له على الأقل الحد الأدنى للأجور ورسوم التأمين. لكن مع هذه الفروق في تكاليف الاستعانة بهم، يخشى بعض السوريين أن يتسبب الوضع القانوني والحماية التي سيكفلها القانون الجديد في خروجهم من سوق العمل.

وقال عامل سوري عمره 23 عاما، يعمل لدى أسطى، “لن نحصل على وظائف في تركيا، إذا تم منحنا تراخيص عمل. عدم صدور تراخيص عمل هي نقطة القوة لدينا.”