بعدما كانت سابقا بمثابة "إلدورادو" (مدينة ذهب) للساعين إلى العمل والتقدم، تحولت ليبيا إلى جحيم للمهاجرين الذين تتراوح تجاربهم بين الاستغلال في الرق والخطف والتعذيب.

على عهد معمر القذافي ، اشتهرت ليبيا ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا بأنها الوجهة الأولى للباحثين عن وظائف وأموال.

ولكن مع انهيار نظام القذافي في عام 2011، تغير كل شيء.

حاليا، يقول أولئك الذين كانوا هناك ، إن ليبيا باتت في قبضة فوضى تتحكم فيها شبكة من الجماعات المسلحة والميليشيات، وهي مكان يتعرض فيه المهاجرون الأفارقة لكل أشكال الإساءة.

يقول إبراهيم علي، وهو من مواطني غينيا بيساو عاد لتوه إلى أغاديز، المدينة الرئيسية في وسط النيجر، إن ليبيا تحولت إلى باب دوار للمهاجرين الاقتصاديين من افريقيا جنوب الصحراء، ويختصر الوضع: "الآن ليبيا سيئة.. وسيئة للغاية".

هذا الشاب الذي أرهقته رحلة العودة عبر الصحراء ، يبدو في صدمة جراء العامين اللذين قضاهما في ليبيا.

وقال إريك مانو، وهو عامل بناء عمره 36 عاما من غانا، وقضى في ليبيا عدة سنوات: "البنادق في كل مكان ، لم تعد ليبيا جيدة أبدا".

"مشاكل كثيرة."

وأوضح أنه غادر بسبب الاضطرابات، ولكن أيضا لأن الأجور انخفضت بنسبة الثلثين وأنه كانت هناك مشاكل في الدفع.

"يمكنك العمل ولكن لا يدفعون لك".

يقول مانو: "الكثير من اللصوص - في بعض الأحيان يبحثون عن الهواتف، مقابل المال، وإذا لم تعطهم ، يمكنهم أن يقتلوك ويطلقوا النار عليك".

هذا المهاجر المنحدر من أبيدجان في ساحل العاج، تمكن من إرسال ماله إلى عائلته لإدراكه جيدا أنه سيكون هناك قطاع طرق في الانتظار على الطريق إلى أغاديز، التي وصل إليها في نهاية المطاف دون فلس .

أما كانتي سيكو، وهو خريج جامعي يبلغ من العمر 27 عاما فغادر غينيا في عام 2013 على أمل الوصول إلى أوروبا ، لكنه تخلى عن الفكرة بعد أن كان مقامه في ليبيا كابوسا طويلا.

بعد وصوله إلى ليبيا قضى وقتا صعبا وهو يتهرب من الشرطة، التي تعتقل الناس، والميليشيات التي تقاتل بعضها البعض.

وقد أُجبر أخيرا على العمل في موقع بناء مع مجموعة من المهاجرين الآخرين.

"كانوا يدفعون لنا 15 دينارا (ما يعادل 11 دولار أو 10 يورو) في اليوم، وكان علينا تسليم خمسة منها مقابل المواد الغذائية. لكننا لم نشاهد أي أموال، ونقضي أحيانا ثلاثة أو أربعة أسابيع دون أن نتقاضى أجرا".

ويتذكر سيكو، الذي يحمل درجة في دراسات الاتصالات: "نفد الطعام ولم نكن نعرف ماذا نفعل".

"في إحدى القرى، كان علينا أن نذهب إلى مجزرة (للعثور على الغذاء)، أخذنا الفضلات - أقدام الإبل وأشياء أخرى من قبيل تلك التي يريد أحد أن يراها".

"لم يكن طعمها جيدا ولكن كان علينا أن نفعل ذلك".

- خطف من أجل فدية -

في يوم من الأيام، أُخبر العمال بأن المال قد وصل، ولكن سيكو لم يتقاض ما كان مستحقا له فغضب وغادر، وانتقل إلى مصراتة في الغرب حيث كان يعمل كفني ديكور.

لكنه وقع في قبضة قطاع طرق، يقومون بشكل روتيني باختطاف المهاجرين وإحتجازهم في "سجون" مؤقتة من أجل ابتزاز عشوائي.

بالنسبة لكثيرين، الكابوس الذي يواجهونه في ليبيا يجبرهم على العودة وغالبا ما يعودون إلى أغاديز، وهي مدينة صحراوية في النيجر.

"مرة واحدة، اضطررت للقفز من سيارة أثناء مسيرها حتى أفلت من رجال مسلحين كانوا يريدون أن يأخذونني بعيدا"، كما يذكر.

لم يكن آخرون محظوظين جدا، مثل إبراهيم كاندي البالغ من العمر 26 عاما من السنغال الذي يقول إن أي شخص يكسب مالا - والذي عادة ما يرسل إلى الوطن لدعم الأسرة - يستهدفه قطاع الطرق.

"إذا كسبت المال، فإن المسلحين يمسكونك ويضربونك ويضعونك في السجن - ليس سجنا عاديا، إنه سجن خاص" كما يقول :

"يحتجزونك وعليك أن تدفع ما يعادل مبلغا يترواح بين 300 و750  يورو.. يتصلون بوالديك وعليك أن تقول لهم" أرسلوا لي المال أو أنهم سوف يقتلونني".

يتم تسليم المال في الوطن إلى وسيط يعطي الضوء الأخضر لتحرير الأسير، وفقا لطريقة عمل أكدها العديد من المهاجرين.

ومن ثمة، يتم  تحويل الأموال إلى ليبيا عبر قنوات مختلفة غامضة .

- "لا يمكني النوم، دائما خائف" -

يقول كاندي: "ضربوني مرات عديدة، ركلوني، طعوني"، وهو يبدي ندوبا على جبهته وعلى ساقه.

"سرقوني ثلاث مرات، لا يمكنك النوم، أنت دائما خائف، لقد عانيت كثيرا".

بالدي أبوباكار سيكيكي من كينديا، وهي مدينة في غينيا، تعرض هو الآخر للاختطاف واحتجز في سجن خاص.

وأفاد العديد من المهاجرين من غرب أفريقيا بأنهم تعرضوا للاعتداء والسرقة في ليبيا.

يقول هذا الشاب بالغ من العمر 35 عاما: "إنها تشبه المنازل العادية من الخارج، ولكن هناك غرف يقفلون عليك فيها، وفيها العديد من الناس".

كما يقول إنه تعرض للتعذيب قبل دفع الفدية للخروج.

يقول: "إنهم يأخذونك من الزنزانة ويضربونك على قدميك بالهراوات أو الكابلات".

وتنتشر هذه القصص بين أولئك الذين عادوا من ليبيا.

ومع ذلك، هناك العديد من الناس في أغاديز الذين لم يتأثروا بعد مثل هذه القصص المرعبة.

إذ يقول أحدهم باستهجان: "سوف يجعل ذلك الرحلة أكثر تكلفة لأنها خطرة، ولكن في النهاية، المهاجرون هم من يدفع دائما الثمن في النهاية".

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة