تسعى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بقيادة برناردينو ليون إلى عقد جولة جديدة من الحوار الشامل بين الأطراف الليبية المتنازعة بغية التوصل إلى سبل إنهاء الأزمة السياسية والأمنية في البلاد وإعادة الاستقرار إليها، لكن الظاهر أن الأزمة لن تحل بمجرّد الجلوس إلى مائدة التفاوض لأن الفرقاء استبقوا حوار "غدامس 2" بمجموعة من الشروط يصعب تحقيقها في الوقت الراهن.

من المنتظر أن تعقد غدا الثلاثاء بمدينة غدامس الليبية الجولة الثانية من الحوار الوطني الليبي بين الأطراف المتنازعة، والذي دعت إليه بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا برعاية مبعوثها الأممي برناردينو ليون.

وأكد العديد من المراقبين أن هذا الحوار الذي عرف إعلاميا باسم “غدامس 2” يعدّ الفرصة الأخيرة أمام الفرقاء لإيجاد حلول عملية للأزمة السياسية المتصاعدة.

وكثّفت الدول المعنية بالشأن الليبي دعواتها للمتناحرين للقبول بجولة الحوار الثانية التي اعتبرتها “النداء الأخير” للصراع الدموي الدائر منذ الإطاحة بالعقيد معمر القذافي.

وكانت الجولة الأولى عقدت في 25 سبتمبر الماضي بمدينة غدامس بين أعضاء من مجلس النواب الليبي وبرلمانيين يمتنعون عن حضور الجلسات، وتم خلالها الدعوة إلى وقف إطلاق النار والذي لم يتم تفعيله إلى حدّ الآن.

وأصدر مجلس النواب المنتخب قبيل انعقاد جولة الحوار بيانا جدد فيه دعمه وتأكيده على الحوار الهادف الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية الراهنة، والتي لم يكن طرفا فيها.

وكشف المجلس عن شروطه أو “ثوابته” التي تسبق مشاركته في أي حوار ومع أي طرف كان، وأهم هذه الشروط إعلامه مسبقا بالجهات والأشخاص الذين سيشاركون في جولة الحوار مع الاحتفاظ بحقه في رفض أي شخصية كانت سببا في نشوب الأزمة وعرقلة المسار الديمقراطي والعملية السياسية في ليبيا.

وأكد المجلس تمسكه بقراره القاضي بحل جميع التشكيلات المسلحة غير الخاضعة للشرعية، وأنه لا يمكنه اعتبارها طرفا في الحوار، مشدّدا على أن الجيش الوطني الليبي هو المؤسسة العسكرية الشرعية والوحيدة التي تعمل تحت مظلة رئاسة الأركان والبرلمان المنتخب.

في المقابل، عدّد المكتب الإعلامي لميليشيا “فجر ليبيا” التي تعدّ الذراع اليمنى لإخوان ليبيا، في بيان له، شروطه للمشاركة في حوار “غدامس 2”، أوّلها احترام حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، وعدم “الانقلاب” على حكومة الحاسي والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وعدم تعديل أو إلغاء قانون العزل السياسي، والاعتراف بأفراد “فجر ليبيا” نواة للجيش الليبي، حسب البيان.

وأضاف البيان أن “فجر ليبيا قادة وأفرادا وثوارا ليسوا ضد الحوار كما يتهمنا البعض ممن يصطاد في الماء العكر، ويرسل رسائل خاطئة عنا من شأنها تضليل الرأي العام العالمي والمحلي والإقليمي، مدعيًّا أننا دعاة حرب ودمار ولسنا دعاة سلم وسلام”.

والمعلوم أن ميليشيا “فجر ليبيا” منحازة إلى التنظيمات الجهادية المتشددة، وتسعى إلى فرض سيطرتها على مؤسسات الدولة وعلى عدد من المنشآت الحيوية، وتشارك في معارك دامية ضدّ الجيش الوطني المناهض للإرهاب والتطرف.

ورجح مراقبون فشل حوار “غدامس 2” نظرا إلى تعنت الأطراف المعنية وإطلاقها شروطا تعجيزية، حيث اعتبر الشق الموالي للقوى الديمقراطية أن تمسك ميليشيا “فجر ليبيا” بشرعية المؤتمر العام سيساهم بشكل كبير في عرقلة المشاورات من أجل بلورة حلول عاجلة للأزمة، فيما اعتبر الشقّ الموالي للإخوان أن مجلس النواب قد انتهت شرعيته بحكم المحكمة الدستورية وهو ما فنده محللون سياسيون بالقول إن حكم المحكمة كان نتيجة لضغوط المتشددين.

وفي سياق متصل، أكد جلال الشويهدي عضو مجلس النواب، في تصريح صحفي أن رئيس المجلس عقيلة صالح قويدر أبلغ رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بعدم موافقة البرلمان حضور أي شخص بصفة ممثل للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته.

وأمام تصاعد الأزمة وتغوّل المجموعات الإرهابية أكدت بعثة الأمم المتحدة، في وقت سابق، أن “استمرار التوتر والتصعيد لا يساعد على إيجاد البيئة المواتية لعقد الحوار السياسي، داعيا جميع الأطراف المؤثرة لبذل ما في وسعها لضمان وقف هذا التصعيد بشكل فوري وإتاحة المجال أمام الحوار الذي سيشارك فيه جميع الفرقاء”.

وقالت البعثة “إننا نذّكر كل الجهات والأفراد الذين يهددون السلم أو الأمن أو الاستقرار في ليبيا بأنهم سيواجهون عقوبات محددة الأهداف”.

شروط الفرقاء في ليبيا
مجلس النواب

◄ الاعتراف بشرعية المجلس وبأنه السلطة الوحيدة في البلاد

◄ التمسك بقرار حل التشكيلات المسلحة غير الخاضعة للشرعية

◄ التأكيد على أن الجيش الوطني هو المؤسسة العسكرية الشرعية

◄ معرفة أطراف الحوار مسبقا

"فجر ليبيا"

◄ عدم الانقلاب على حكومة المؤتمر الوطني العام

◄ عدم تعديل أو إلغاء قانون العزل السياسي

◄ الاعتراف بأفراد {فجر ليبيا» نواة أساسية للجيش الليبي

◄ احترام حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا

*نقلا عن العرب اللندنية