وتعيش ليبيا حالة من الفوضى والصراع على السلطة بين العديد من الأطراف السياسية وإنتشار المليشيات المسلحة في مختلف أنحاء البلد الواقع في الشمال الأفريقي،وقد استغلت التنظيمات الارهابية تلك الفوضى لتؤسس لنفسها موطئ قدم في البلاد،ما شكل تهديدًا لدول الجوار،فضلا عن تهديدها للقارة الأوروبية؛ إذ تعتبر ليبيا معبرا للاجئين والمهاجرين عبر البحر المتوسط إلى شواطئ القارة العجوز.

ورغم أن الجيش الوطني الليبي قد حقق نجاحات كبيرة ضد الإسلاميين والكتائب الجهادية في بنغازي، لكن عدة تنظيمات ارهابية مازالت تنشط في العديد من المناطق في ليبيا وخاصة مناطق الجنوب. ويرى مراقبون أن هذه التنظيمات تمثل قوة عسكرية خطيرة داخل المشهد الليبي وخارجه.

الجيش الليبي

في ظل إنتصاراته المتتالية ودحره للجماعات المسلحة في عدة مناطق أصبح الجيش الليبي يحظي بترحيب وثقة كبيرين على الصعيد الداخلي.وفي هذا السياق،كشفت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية ،عن ترحيب أعيان ومشايخ قبائل سوكنة وودان وهون، بدخول القوات المسلحة العربية الليبية إلى مناطق الجفرة.وأوضح مكتب الإعلام التابع للجيش الليبى، ا الخميس 01 يونيو 2017، أن الترحيب بدخول الجيش جاء خلال اجتماع قبائل المنطقة بآمر غرفة عمليات تحرير الجفرة، العميد علي عمر وعدد من ضباط وضباط صف الغرفة ، مبينةً أن المجتمعين أكدوا على ضرورة تطهير المنطقة من الجماعات الإرهابية وعدم اتخاذها منطلقا لتلك العمليات.

هذا وكان وفد من أعيان  ومشائخ الجفره  وقبائل  سوكنة وودان  كانوا  قد  توجهوا  إلى  طبرق  للقاء  القائد الأعلى  للقوات المسحلة  ورئيس مجلس النواب  المستشار  عقيلة  صالح في مقر  المجلس  بهدف مناقشة  الوضع الراهن  في الجفرة مؤكدين  على  دعمهم   لشرعية  مجلس النواب و القيادة العامة للقوات المسلحة.

يشار الى أن منطقة الجفرة، قد شهدت الأيام الماضية غارات عنيفة وغير مسبوقة استهدفت مواقع تمركز سرايا الدفاع عن بنغازى، والقوات التي شاركت في الهجوم على قاعدة براك الشاطئ الجوية، الذى راح ضحيته 141 شخص من جنود القوات المسلحة الليبية والمدنيين.وتمثل قاعدة الجفرة الجوية نقطة انطلاق قوات "السرايا" لمهاجمة القوات المسلحة العربية الليبية في منطقة الهلال النفطي.

يذكر أن الجيش الليبي قد أطلق في مارس الماضي عملية عسكرية باسم "الرمال المتحركة" للسيطرة على مناطق ليبيا الجنوبية بالكامل حيث يسعى الجيش لتحرير مناطق الجنوب الذي يعتبر الحلقة الأضعف أمنيا،كونه يمثل بيئة جاذبة لعمل الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة والقاعدة والأنشطة غير القانونية، مما يهدد الأمن القومي الليبي، ودول الجوار أيضا.

تنسيق ليبي-مصري

ردا على هجوم أوقع عشرات القتلى من المسيحيين في مصر،سارعت الأخيرة إلى شن ضربات جوية على متشددين في ليبيا.وتواصل استهداف مواقع تمركز الإرهابيين بشن غارات جوية في منطقة درنة، المطلة على الساحل الشرقي لليبيا، وامتد القصف ليشمل أهدافًا في منطقة الجفرة في وسط ليبيا، فضلًا عن قصف جوي استهدف "ممر السلفادور" في الجنوب.

الى ذلك،أكد وزير الدفاع المصري، الفريق أول صدقي صبحي، الأربعاء 31 مايو، أن الضربات الجوية التي نفذتها بلاده ضد أهداف في ليبيا حققت أهدافها، وردعت "التنظيمات الإرهابية والقوى الداعمة لها".وقال صبحي، تعليقا على عمليات القصف التي نفذها سلاح الجو المصري بالتعاون مع سلاح الجو الليبي: "إن قيام القوات المسلحة بهذه الضربات، حق أصيل للدولة المصرية ضد كل من تُسول له نفسه المساس بقدسية الوطن وسلامة أراضيه".وأشار وزير الدفاع المصري، خلال لقاء بعدد من ضباط وضباط الصف والجنود من صنوف الجيش المختلفة، إلى أن "القوات المسلحة تعمل بأعلى درجات الاستعداد والجاهزية، لتنفيذ أي مهمة تسند إليها للدفاع عن الوطن وتأمين حدوده وحماية ركائز الأمن القومي".

يشار أن الجيش الوطني الليبي ،أعلن عن عمليات مشتركة مع سلاح الجو المصري لاستهداف مواقع تنظيم القاعدة في ليبيا.وفي هذا السياق،كشف العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الليبية، تفاصيل الغارت الجوية المشتركة بين الجيشين المصري والليبي علي مواقع الإرهابيين في درنة.وأكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الليبية إن الغارات الجوية المصرية على مدينة درنة الليبية تمت في إطار العمل المشترك للبلدين.

وأضاف المسماري، في مؤتمر صحفي، الأحد، أذاعته قناة "إكسترا نيوز"، أن العمل العسكري المشترك بين الجيشين المصري والليبي مستمر خلال الفترة المقبلة لدحر الإرهاب.وأشار المسماري إلى أن مدينة درنة أصبحت بؤرة إرهاب وقاعدة انطلاق نحو مصر ودول الجوار، ورأت القيادتان الحد من تلك البؤرة الإرهابية، من خلال متابعة دقيقة من المشير خليفة حفتر والرئيس عبدالفتاح السيسي.وصرح المسماري بأن الضربات قوية وستتواصل العمليات المشتركة لدحر الإرهاب"، لافتًا إلى أن القيادة العامة الآن تعمل على تحرير مدينة الجفرة الليبية معقل الجماعات الإرهابية.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري أكد من جهته، الإثنين الماضي، إن معسكرات الإرهابيين في ليبيا تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري. وقال شكري، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، إن "وجود تنظيمات إرهابية في ليبيا واتخاذها قواعدَ للتدريب والانطلاق إلى الأراضي المصرية يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري".وتابع قوله إن بلاده "استهدفت قواعد هذه التنظيمات للقضاء عليها والحدّ من قدرتها على تهديد الأمن القومي المصري، وهذا الأمر بالتنسيق الكامل مع الجيش الوطني الليبي والأطراف السياسية التي تعمل من أجل استعادة استقرار ليبيا".

وهاجم مسلحون حافلة كانت تنقل عشرات الأقباط إلى دير في محافظة المنيا بصعيد مصر، الجمعة الماضية، وأسفر الهجوم عن مقتل 29 وإصابة نحو 24 آخرين.وكان تنظيم الدولة الإسلامية أعلن مسؤوليته عن الهجوم وهو الأحدث الذي يستهدف مسيحيين بعد تفجيرين في كنيستين الشهر الماضي أسفرا عن مقتل أكثر من 45 شخصا وأعلن التنظيم أيضا مسؤوليته عنهما.

قادة الارهاب

وجراء عمليات القصف هذه، سقط عدد من قيادات الجماعات الإرهابية،حيث أعلنت حسابات تابعة لتنظيم القاعدة،في 27 مايو 2017 مقتل القيادي البارز في تنظيم القاعدة الإرهابي عبد المنعم سالم، الملقب بــ"أبو طلحة"، وذلك في الغارات المصرية على معاقل التنظيم في ليبيا.وأضافت أن الغارات استهدفت معاقل المتطرفين في منطقة الفتايح بدرنة شرقي ليبيا، وتأكد مقتل أبو طلحة مع 4 من أتباعه، وذلك وفقا لوكالة الأنباء الليبية "وال".فيما ذكرت مصادر مصرية وليبية أنه تم نقل جثة "أبو طلحة" إلى مستشفى الهريش، وسط حراسة من عناصر كتيبة أبو سليم التابعة للقاعدة.

وأبو طلحة هو أحد السجناء السابقين في سجن أبو سليم، وأحد العناصر التي نفذت تفجير القبة الذي راح ضحيته 127 شخصاً عام 2014.وتقول تقارير إعلامية إن أبو طلحة كان يشرف طيلة الفترة الماضية على خط إمداد خلفي لـ "مجلس شورى ثوار بنغازي" ويتنقل عبر مدن الجفرة وسبها وأوباري ومصراته لشراء السيارات والأسلحة من السوق السوداء، فضلا عن ارتباطه بعلاقة متينة بزعيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الإرهابي الجزائري مختار بلمختار.

ولم تمر أيام بعد اعلان مقتل الحسناوي،حتى أعلنت صفحات رسمية تابعة للتنظيمات الإرهابية في درنة،في 30 مايو 2017، مقتل القيادي في "مجلس شورى درنة"، التابع لتنظيم القاعدة الإرهابي، أبي مصعب الشاعري، المُلقب باسم "أمير مجلس شورى درنة"، وذلك في إحدى الغارات الجوية لمقاتلات سلاح الجو الليبي والمصري.وأعلنت وكالة الأنباء الليبية من جهتها مقتل القيادى الإرهابى المدعو "أبو مصعب الشاعرى"،مؤكدة ان جثته موجودة داخل مستشفى الحريش بمدينة درنة

وبالتوازي مع ذلك،أعلن عن إصابة الإرهابى الليبى "محمد سعيد الدرسى"، أحد عناصر الجماعة الليبية المقاتلة إثر الغارات المصرية على معسكرات الإرهابيين فى مدينة "درنة".وتقول مصادر إعلامية ليبية،إن الإرهابى محمد الدرسى سافر إلى تركيا عام 2005 للالتحاق بالتنظيمات الجهادية ضد الاحتلال الأمريكى للعراق، مؤكدة انتقاله من تركيا إلى سوريا لكنه فشل فى عبور الحدود السورية إلى بغداد، مشيرة إلى تمكنه من دخول الأردن ليُقْبَض عليه عام 2006 بجبل الحسين هو وثلاثة عراقيين بتهمة التدبير لأعمال إرهابية لتفجير فندقى البحر الميت والعقبة لوجود نزلاء أمريكان ويهود بهذه الفنادق، ومطار الملكة علياء.يشار إلى أن الأردن سلّم الدرسي إلى ليبيا بموجب اتفاقية الرياض لتسليم المطلوبين مقابل الإفراج عن السفير الأردني فواز العيطان الذي اختطفه مسلحون بمدينة طرابلس الليبية.

وفي واقع يميزه الانفلات الأمني وتتضح فيه معالم الفوضى منذ العام 2011،يسعى الجيش الليبي جاهدا لتحقيق انتصارات متتالية ،في اطار سعيه لدحر التنظيمات الارهابية،والتي قد تكون لها انعكاسات كبيرة على المشهد الليبي خاصة في ظل اعتراف دولي وإقليمي بدوره المحوري في أي حل مستقبلي.