زار طرابلس الأسبوع الأخير، المسؤول السابق البارز في الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان الذي استبدل الآن منصبه السابق في الإدارة الأميركية بآخر داخل الأمم المتحدة باعتباره مساعدا للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية.

وجاءت زيارته مع استمرار جهود الأمم المتحدة لتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي والخروج من الجمود السياسي وسط مخاوف مبررة للأمم المتحدة من انهيار مساعيها في هذا البلد.

وبالنظر إلى عقود قضاها فلتمان في وزارة الخارجية الأميركية، فإنه سوف ينظر إليه بلا شك من قبل الليبيين كمن يتحدث باسم للولايات المتحدة وكذلك الأمم المتحدة.

ولابد  من القول أولا إن ليبيا تشكل مثالا صارخا على فشل السياسة الخارجية الأمريكية والغربية القائمة على التدخل. ولعل عدم حشر كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لأنوفهم في الشؤون الليبية سيعود على الجميع بالنفع.

فقد زار وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان ليبيا قبل أعياد الميلاد في محاولة لا جدوى منها لفرض زواج قسري بين فايز سراج المدعوم من الأمم المتحدة وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.

استحالة مطلقة

إن الوضع الحالي في ليبيا يظهر أن مسطرة الاتفاق السياسي الليبي الذي تسعى الأمم المتحدة، وفرنسا إلى الدفع به خلال سنتين لا يمكن القبول به.

والآن يأتي فيلتمان في محاولة لتكرار الأمر ذاته.

والحقيقة هي أن الجيش الوطني الليبي وحفتر يسيطران تقريبا على جميع النفط في ليبيا وغالبية أراضي البلاد. فيما يجد السراج نفسه غير قادر على التحرك خارج قاعدته البحرية الصغيرة في طرابلس، والتي تحميها بقوة مليشيات مدفوعة الأجر.

وعقب اجتماع لو دريان في طرابلس مع السراج قبل عيد الميلاد، توجه إلى بنغازي لعقد اجتماع مع حفتر.

 لودريان أو الأمم المتحدة أو القوى الغربية مازالوا لم يفهموا أن الشعب الليبي قد رفض هذا الاتفاق السياسي.

ويبدو أن حفتر هو أفضل رجل للعمل، لتحقيق الاستقرار في ليبيا، بدعم من الليبيين

ولا يزال الليبيون في شرق البلاد يؤمنون بأن المجموعة الدولية تؤيد الإخوان المسلمين وأعضاءهم، وهو ما يعارضه حفتر بشدة وسيظل دائما.

ولنكن أكثر وضوحا.

أعلن حفتر في أواخر كانون الأول / ديسمبر أن الاتفاق السياسي الليبي "انتهى" بعد عامين من توقيع الأحزاب السياسية الليبية عليه.

وقال حفتر في خطاب متلفز للأمة: "اعتبارا من 17 ديسمبر 2017، انتهى ما يسمى الاتفاق السياسي. ولذلك، فقدت كل الكيانات المنبثقة عنه تلقائيا شرعيتها، وهي موضع تساؤل منذ اليوم الأول ".

لماذا تصر الأمم المتحدة على اعتبار الاتفاق "خيالا أبعد من المنطق".

يبدو أن حفتر مهيء بشكل أفضل للعمل لتحقيق الاستقرار في ليبيا، بدعم من الليبيين وليس الأجانب باستثناء وساطة مساعِدة حميدة من روسيا، على النحو الذي أوضحه رئيس البرلمان في طبرق.

 وقال عقيلة صالح عيسى: "نرى أن دور روسيا يساعد في المصالحة بين الليبيين".

ومع أن حفتر يبدو خيارا محتملا للرئاسة، فقد ارتكب أخطاء في التقدير؛ ومن الأمثلة على ذلك ترقية أبنائه إلى رتب عسكرية رفيعة المستوى رغم أنه ليس لأي منهم تاريخ في التدريب العسكري.

وهذا خطأ ، ومثل هذه المحسوبية يمكن أن تكلفه الرئاسة.

وهناك خطأ آخر محتمل قد يهدد طموحاته السياسية..  

مراسل فرنسي لصحيفة لوفيغارو ، أراد إظهار الدور البارز الذي تقوم به المرأة الليبية في المجتمع المدني الليبي والسياسة ، زار بنغازي مؤخرا لكنه كتب أنه كان مرفوقا دائما بضباط من الجيش الوطني الليبي.

ووصف المراسل المدينة بأنها "مدينة الرجال" وادعى أن النساء "غير مرئيات تقريبا" هناك . وقال المراسل إن مرافقيه من الجيش الوطني الليبي كانوا من السلفيين ومنعوه من التقاط أي صور للنساء.

السؤال المطروح هو: من هو الرجل الذي يستطيع تأمين ليبيا داخليا ووقف ملايين المهاجرين ؟

هل هو حفتر أم السراج المدعوم من الأمم المتحدة؟

كيفما كانت الإجابة ، يجب على الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما ذكرنا في البداية أن يتوقفوا عن التدخل في ليبيا.

 

*ريتشارد غالوسيان مستشار سياسي وأمني قضى حوالي أربعين عاما في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

**بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة