الاحداث التي شهدتها ليبيا منذ العام 2011،أدت الي تحويل ليبيا إلى بلد ممزق تتقاذفه الانقسامات والصراعات وتنتشر فيه التشكيلات المسلحة والتي سعت الى تمزيق النسيج الاجتماعي الليبي وضرب الرابط الاجتماعي القبلي لأنه وقف مانعا قويا ضد كثير من الجرائم والانتهاكات حيث كان للقبائل دور بارز في احيان كثيرة في احتواء تبعات الكوارث والتقليل من تعاظم خطرها بدرجة كبيرة جدا.

ويؤكد مراقبون على دور القبلية على المساعدة في المصالحة في المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد بما في ذلك قبيلة الورفله، والتي تعد من أكبر القبائل الليبية، إذ يتجاوز عدد أبنائها مليون نسمة. وتنتشر في معظم أنحاء ليبيا شرقاً وغرباً وجنوباً وحتى خارج ليبيا. وتحظى بأحترام كل القبائل الليبية. وكانت ورفلة إختارت الولاء لنظام الزعيم الراحل معمر القذافي ورفض التدخل الخارجي في الصراعات الداخلية مما جعلها عرضة لقصف التحالف الدولي بشكل غير مسبوق، كما تعرضت للهجوم من قبل الميلشيات في أكثر من مناسبة.

وتساهم القبيلة في حل بعض المشاكل الأمنية ومؤخرا توصل وفد من قبيلة ورفلة إلى اتفاق مع الميليشيات المسلحة يقضي بإخراج الأسرى المعتقلين لديها. حيث استقبل أعضاء المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة، وعدد من أهالي مدينة بني وليد،الجمعة 24 مارس 2017، الأسرى المحررين من منطقة قنفودة، الذين وصلوا من مدينة بنغازي على متن طائرة خاصة اقلتهم من مطار بنينا إلى مطار بني وليد.

وأكد مصدر محلي من مدينة بني وليد أن الأسرى المحررين جاء برفقتهم وفد من المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة، من بين اللجنة التي كان المجلس قام بتكليفها بالتفاوض والتدخل للإفراج عن الأسرى والمعتقلين، قبل انتهاء العمليات العسكرية في قنفودة. يذكر أن الأسرى المحررين كانوا قد اعتقلوا في سجون المليشيات منذ سنة 2011، وقامت الجماعات الإرهابية باستغلالهم بعد بدء العمليات العسكرية بينها وبين القوات المسلحة منذ عام 2014.

وفي اتصال مع "بوابة افريقيا الاخبارية" قال المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة،إن ملف المعتقلين عموما وعلى مر ست سنوات كان من الملفات التي تؤرقهم وتشغلهم في المجلس الاجتماعي، وعندما اشتدت المعارك حول قنفودة، استجاب المجلس لطلب الوساطة ونداءات الاستغاثة، برغم الصعاب خاصةً الأمنية منها. مؤكدا أن تعاون الأطراف المعنية وأهالي وأعيان المنطقة الشرقية، مكن لجنة المجلس الاجتماعي من إنقاذ ما لا يقل عن 89 معتقلاً و 35 أسرة وعدد من العمالة الوافدة.

وكغيرها من القبائل الليبية، سعت قبيلة الورفلة الى التواجد في المشهد السياسي الليبي، وفي اجتماع عُقد الاثنين 09 فبراير 2015، بمنطقة الطرشة في مدينة طبرق، ضم قبيلتي المنفة وورفلة وأعيان قبائل البطنان، اقترحت قبيلة ورفلة تشكيل مجلس قبائل ليبيا. وأوضح أحد أعيان القبيلة إن هذا المجلس من شأنه أن يلم الشمل ويوحد قبائل ليبيا لإنجاح عملية المصالحة الوطنية في كافة ربوع ليبيا ويحافظ على أرواح الليبيين ويسعى لوقف نزيف الدم بين أبناء الشعب.

وشاركت قبائل ورفلة كغيرها من قبائل ليبيا في معارك الجهاد ضد الغزاة والمستعمرين الإيطاليين كما تشكل هذه القبيلة إحدى أبرز دعائم مواجهة الإسلاميين والجماعات المتطرفة. ففي مطلع مايو 2016 نشر الإعلام الموالي لـتنظيم "داعش" في ليبيا صورا قال إنها مبايعة من مشايخ ورفلة له في مناطق زمزم وبونجيم مطلع شهر مايو 2016، إلا أن الغرفة الأمنية المشتركة بني وليد،نفت ذلك بشدة.واعتبرت الغرفة، في بيان لها، أن أي تصريحات لأفراد من القبيلة في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم تعد تصريحات "تحت التهديد". وأكدت الغرفة الأمنية أن قبائل ورفلة في كل ليبيا تقف مع الليبيين صفا واحدا في مقاومة التنظيم ومكافحته، حسب البيان.

وفي ظل دورها الكبير في الساحة الليبية،كشف المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة، في بيان له الثلاثاء الماضي، عن اعتذره عن لقاء السفير البريطاني لدى ليبيا بناء على طلب تلقاه المجلس من السفارة البريطانية. وأوضح المجلس أن الرفض يأتي انطلاقاً من مبادئه التي تأسس عليها وإنه لا يؤمن بالتواصل مع الدول الأجنبية في شأن القضايا الوطنية. وطالب المجلس بريطانيا التقدم بمشروع اعتذار للشعب الليبي من مجلس الأمن، عن قراراته ( 1970 و1973) ويمكن للمملكة أن "تقوم بدور فعال في شأن تسوية القضية الليبية من خلال توقفها وغيرها من الدول عن دعم المجموعات المسلحة في ليبيا".

ولا تعتبر هذه المرة الأولي التي يرفض فيها  المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة اللقاء مع الدبلوماسيين الغربيين حيث سبق وأن رفض في 2014 مقابلة السفيرة الأمريكية لدى ليبيا ديبورا جونز. وقد أكد حينها مدير المكتب السياسي والإعلامي للمجلس الاجتماعـي لقبائل ورفلة ببني وليد، عبدالحميد الشندولي، في تصريح اعلامي، أن المجلس رفض زيارة السفيرة الأميركية لدى ليبيا ديبورا جونز، إلى بني وليد لتورط بلادها فيما تمر به ليبيا حاليًّا من مشكلات.

وفي ظل الانقسام المؤسسي والسياسي والمجتمعي، وتردي الأوضاع الأمنية في البلاد، يبقى الأمل معلقا على عاتق القبائل الليبية لإيجاد التوازن السياسي وجلب الاستقرار حيث يمكن للقبائل أن تساهم في المصالحة من خلال دورها الفريد في الحفاظ على الأمن في البلاد. وهو ما أشار اليه وزير الخارجية التونسى، خميس الجهيناوى،خلال اللقاء الذى جمعه،الاثنين 06 مارس 2017، بوفد ممثل عن مجلس القبائل والمشايخ الليبية بتونس، فى تصريح نقلته وكالة الأنباء التونسية "وات"، بأن الاجتماع "فرصة مهمة نظرا للدور الريادى لهذه القبائل فى دعم الحوار الليبى - الليبى فى ظل ما يكتسبه ''الدور القبلى من قيمة كبيرة بليبيا'، مضيفا، ''استشارة هؤلاء الحكماء تعد ضرورية للوقوف على مدى متابعتهم للمبادرة التونسية والأخذ برأيهم للوصول إلى حل للأزمة"، وفق تعبيره.