طرحت الصحفية أليكس كراوفورد، التي عملت مراسلة خاصة لشبكة "سكاي نيوز" في الشرق الأوسط، مؤخرًا، كتابها الجديد "قبعة القذافي.. سقوط طاغية وقيام أمة".

وحسب موقع مبتدأ المصري فإن الكتاب جاء في 252 صفحة، وقدمت كراوفورد فيه شهادتها على عام كامل عرِفت خلاله معنى الدمار والموت، واستهلت كتابها: "في الثلاثاء الأول من مارس 2011، قبل أربعة أيام فقط من انطلاقي إلى ليبيا، كنت نائمة في منزلي بدبي، وفجأة استيقظت على صوت الهاتف. إنها الرسالة التي كنت أنتظرها منذ فترة طويلة، فجأة شعرت برجفة وأنا أقرأ.. جون هل يمكنك المجيء إلى ليبيا؟

بعدها تطرقت الكاتبة إلى يوم مهم في تاريخ ما جرى مؤخرًا في ليبيا، وهو 16 أغسطس 2011؛ حيث قالت عنه: "بعد منتصف الليل بُثّ تسجيل صوتي جديد للقذافي على التليفزيون الرسمي، ومن خلال استماعي إليه أدركت جيدًا أنني أمام رجل عنيد فعلاً، لكن التاريخ يؤكد أن الذين يبقون في الحكم لفترات طويلة، غالباً ما يعجزون عن قراءة ما كُتب أمامهم، وبالتالي لا يرون ما هو واضح أمام عيونهم، وخلُصت في النهاية إلى أن هذا الرجل لن يجد المزيد من الوقت حتى يصادف النهاية".

وأضافت: "في أحد الأيام كنا قد خرجنا منذ وقت قصير فقط، عندما لاحظنا أول جثتين، كنا بالضبط خارج البوابة الجنوبية لساحة مجمع باب العزيزية التي دخلناها للتو، كانت الجثتان معزولتين بعض الشيء، ومكبلتي الأيدي برابطة بلاستيكية إلى الخلف، ووجهيهما إلى الأرض، بدا واضحاً على الفور أنهما قد أُعدما، كان رأسا الجثتين وما أستطيع رؤيته من وجهيهما في حالة مروعة نتيجة الضرر الذى ألحقته بهما الطلقات النارية، وما زالت الحرارة التي تزيد على الأربعين درجة مئوية والجثتان منتفختان وأسراب الحشرات تحوم على جراحيهما، لا شيء من جراحيهما كان يثير الصدمة كمشهد أيديهما المثنية إلى خلف ظهريهما، مما يجعل المرء يخمن أن الرجلين كانا بلا حيلة وغير قادرين على القيام بأي شيء غير انتظار الموت".

وتتوقف الكاتبة أمام تفاصيل أخرى قالت عنها: "في إحدى المرات سارعت إلى طرابلس، تخطيت كل الصعاب، المتابعة والتنقل والمواصلات والبوابات ومعرفة اللغة وكثير من التفاصيل التي اعتدت عليها من وقت إقامتي في ليبيا؛ حيث الرصاص يتطاير من كل الاتجاهات، والموتى والجرحى في كل مكان، إصرار الثوار على المقاومة وإصرار الأطباء ومساعديهم على إنقاذ ما يمكن إنقاذه في تلك الظروف كان شيء يستحق الاعتزاز والفخر وما زلت أذكره حتى اللحظة وكأنه يجرى الآن".

تتابع: "بعد فترة سافرت إلى مصراتة؛ حيث كانت الأحداث تُصنع هناك إلى حد كبير، اختلطتُ مع الثوار في مواقع قتالهم وأكلت أكلهم ونمت في ضيافتهم، زرت المقاومة وعايشت كيف انهارت الكتائب وكيف تم القضاء على القناصة، سجلت معاناة المدنيين مع دعمهم للثوار واحتفالاتهم حين أخذ الخطر يبتعد عن المدينة رويدًا رويدًا وبدت علامات النصر تلوح في الأفق".
ولأنها عانت كثيرًا في الزاوية أفردت أليكس كراوفورد، مساحات واسعة في كتابها للحديث عنها؛ حيث قالت: "حينما عدت إليها في المرة الثالثة كان الوضع مختلفا؛ حيث جاءت عودتي هذه المرة لأسجل النصر النهائي والزحف إلى طرابلس حتى سقوط باب العزيزية وظهور هذا الشاب الليبي وهو يعتمر قبعة القذافي الذي لم يُعثر على أثر له هناك".

تفاصيل الثورة والثوار، لم تكن وحدها التي توقفت أمامها الكاتبة؛ حيث خصصت أجزاء من الكتاب للحديث عن متسلقي الثورة، وعنهم قالت: "لاحظت في فترة ما أن هناك بعض الأشخاص لا يمكن أن يُطلق عليهم لقب ثوار، شاهدت ذلك عند اقتحام معسكر 32 في طريق الزاوية؛ حيث أشخاص همهم الأول والأخير البحث عن المغانم، كما فهمت، كان ما جرى بالنسبة لليبيين البداية والنهاية، بعدها اختفى الثوار الحقيقيون وحل محلهم المستفيدون دائما من الثورات، الحلم بقيام الدولة قد انهار وانهارت معه ما كان يمكن أن يوصف بالدولة، سقط القذافي فتناثرت حبات المسبحة واحدة بعد الأخرى وكأنه كان القابض عليها، تحمس الليبيون عن بكرة أبيهم للثورة ونجاحها شهورًا ثم بدأ الملل يدب لدى الأغلبية بينما ركز أصحاب المخططات على البدء في تنفيذها".

وختامًا، عادت كراوفورد لتتحدث عن ملاحظتها بعد أن أنجزت مهمتها الصحفية، بقولها: "لعل الكلمات الأخيرة حول مستقبل ليبيا تعود إلى السيد الوندي، أتذكرونه؟ إنه الشاب الذي دخل غرفة نوم القذافي وأخذ قبّعته، وما زال الوندي يحتفظ بقبّعة القذافي، رغم أن كثيرين عرضوا عليه أموالاً طائلة لشرائها، فهو يعتقد أن هذه القبّعة لا تقدّر بثمن، لأنها وكما قال تعنى الكثير له ولأولئك الذين قدّموا حياتهم من أجل حرية ليبيا".

كتاب كراوفورد لم يكن الوحيد الذي يتطرق لكواليس الثورة الليبية، فهناك كتاب "إسقاط القذافي: على الأرض مع الثوار الليبيين" للكاتب الصحفي البرازيلي أندرى نيتو، الذي تحدث عن لحظات القبض على ملك الملوك؛ حيث أكد أن الشاب سراج، الذي كان أول من يعثر على العقيد الليبي معمر القذافي، تلقى الأوامر بأن يأتي بالقذافي حيًا لمحاكمته أمام الشعب الليبي، غير أن الثوار كان لهم رأى آخر، حيث قاموا بقتله.

وقال نيتو: "كان ينزف بغزارة، خائر القوى بعد طعنه مرات متكررة في وقت سابق، وبطريقة سادية. وعندما وضع الثوار القذافي في مؤخرة شاحنة خفيفة، لم يبدِ أي مقاومة، بل مسح وجهه المضرج بالدم ومسح عينيه كأنه يحاول أن يرى بشكل أوضح".

وأضاف: "استقل سراج سيارة الإسعاف مع القذافي، ورأى عن قرب أثر رصاصة في صدغه الأيسر وأخرى في بطنه. كان العقيد ينزف ببطء حتى الموت، وكان الدم يتدفق من مناطق مختلفة من جسمه المهشم، من الرأس والبطن وبين الساقين وظل سراج يسأل الطبيب إن كان نبض العقيد ما زال يدق وفى النهاية، أجاب الطبيب: كلا، توقف نبضه".

وبحسب مؤلف الكتاب، حاول الطبيب إنعاش القذافي بلا جدوى، وانطلقت سيارة الإسعاف في طريقها واصطدمت بسيارة أخرى، دافعة كل من فيها إلى المقدمة من دون إصابات. وصلت سيارة إسعاف ثانية لأخذ القذافي الذي فارق الحياة إلى مصراتة، ثم انفجر أحد الإطارات، فتولت سيارة أخرى من نوع "لاند كروز" قطع المرحلة الأخيرة من الطريق إلى هناك، وساعد سراج في حمل الجثة إلى مخزن مبرد، حيث أُلقيت على الأرض".