تمر اليوم الذكرى السادسة والاربعين لتأميم ممتلكات واموال شركة برتش بتروليوم البريطانية النفطية  في ليبيا والاعلان عن تاسيس شركة الخليج العربي للنفط  ففي مثل هذا اليوم من العام 1971  قرر مجلس قيادة الثورة ان ذاك  اصدار قانون لتأميم الشركة البريطانية للنفط   ليتم بموجبه وفي السابع عشر من ديسمر من ذات العام اي بعد عشرة ايام  تشكيل لجنة لاستلام حقوق وموجودات واموال الشركة المؤممة  وقد تكونت تلك اللجنة من سراج ابو قعيقيص رئيسا وعضوية رمضان صويدق ، وابراهيم رستم ومحمد السكر لتباشر اللجنة عملها في موقع مقر الشركة ببنغازي.

 

تشكلت اول لجنة ادارة لشركة الخليج العربي للنفط من سراج بوقعيقيص  وعبد اللطيف الزروق و سليمان السلاك  وعبد الرحيم النعاس واحمد الفرجاني  وحسين الزواوي  وامين سر اللجنة ابراهيم حفظي وتحملت هذه اللجنة تحدي قيادة وتسيير اول شركة نفطية ليبية وكان يعول عليهم في انجاح عمل الشركة. 

نموذج النجاح

بدأت الخليج العربي للنفط  بإدارة حقل نفطي واحد هو حقل السرير النفطي، وميناء الحريقة  لتصدير النفط الخام  ويقع في مدينة طبرق ويمكننا ان نجزم بجدارة القدرات الليبية عندما نشاهد اليوم الشركة  وهي  تدير بالإضافة إلى ميناء الحريقة وحقل السرير عدة حقول منها : حقل مسله، حقل النافورة، حقل البيضاء، حقل الحمادة، حقل ماجد، حقل الصحابي وحقل أم الفرود، ومصفاتين لتكرير النفط هما مصفاة طبرق ومصفاة السرير قدرتهما التكريرية على التوالي عشرين ألف وعشرة ألاف برميل من النفط الخام يومياً وتنتجان عدة مشتقات نفطية منها: وقود الطيران، والبنزين، وزيت الوقود الخفيف، والغاز المسال وغيرها حيث يذهب معظم هذه المنتجات لتغطية جزء من استهلاك السوق المحلي، كما تتولى الشركة تغذية بعض المصافي المحلية بحاجتها من النفط الخام، حيث تتولى تغذية مصفاة رأس لانوف بحوالي مئتان ألف برميل يومي هي كامل طاقتها التكريرية وتزود مصفاة الزاوية بحوالي 10% من احتياجاتها. وتتولى الشركة عمليات التشغيل بميناء الحريقة لتصدير النفط الخام المنتج من بعض حقولها، وتضخ جزء آخر من إنتاجها للتصدير من موانئ تديرها شركات أخرى منها ميناء الزويتينة وميناء رأس لانوف واللذان يقعان في وسط الساحل الليبي.

وكل هذه المهام تديرها عناصر ليبية ويمكن القول ان الخليج العربي لم تكن فقط اول شركة نفطية ليبية بل كانت نموذجا ناجحا لصناعة النفط الليبية.

وتمتد الخليج جغرافياً اليوم  على رقعة شاسعة من ليبيا فتتوزع مواقعها والامتيازات التابعة لها على أغلب المناطق في ليبيا يقع مقرها الرئيسي في مدينة بنغازي ومنها  تسير دفة العمل لجنة إدارة مكونة من رئيس وأربعة أعضاء، وذلك من خلال ثمان إدارات عامة تنفيذية ويتفرع منها عدة إدارات تخصصية  وللشركة قدرة إنتاجية قد تصل إلى أكثر من 400 ألف برميل نفط خام يومياً، وأكثر من 110 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، ويعمل بها أكثر من ستة آلاف موظف تصل نسبة الوطنيين منهم حوالي 99% من كافة التخصصات النفطية والتخصصات المساعدة .

تأميم صناعة النفط

اتخذت الدولة الليبية اتجاها في مطلع السبعينات لتأميم صناعة النفط  واطلقت بداية مطالبا برفع اسعار البترول وحصة أكبر في العائدات وسيطرة أكثر على تنمية هذه الصناعة والتى كانت تسيرها شركات اجنبية وتطور الامر سريعا إلى إجبار شركات النفط الأجنبية على الموافقة على زيادة الأسعار ومضاعفتها لأكثر من ثلاثة أضعاف السعر السابق ــ من تسعين سنتاً للبرميل إلى ثلاثة دولارات وخمسة وأربعين سنتاً للبرميل ــ  وفي مارس من عام 1970 حلت الشركة الليبية للنفط والتي كانت وظيفتها إلى ذلك الوقت تشمل المفاوضة ومراقبة تعاقدات منح الإمتيازات لتحل محلها المؤسسة الوطنية للنفط  ثم إعلان  تأميم شبكات توزيع المنتجات النفطية المملوكة للشركات الأجنبية ومنذ ذلك الوقت أصبحت المؤسسة الوطنية للنفط هي المؤسسة الوحيدة التي لها الحق في توزيع مثل هذه المنتجات.

وكان القرار الاكبر والاهم هو اعلان تأميم شركة برتش بتروليوم وتأسيس شركة نفطية تشغيلية ضخمة هي شركة الخليج العربي  والتى ربما حققت اكثر من المأمول منها فقد ساهمت في استقلال وتوطين صناعة النفط الليبية ودربت كوادر وطنية  وحققت تنمية من خلال اعتمادها على الليبيين في تسيير القطاع.

الخليج العربي في ذكرى التأميم

تصادف ذكرى تأميم شركة الخليج العربي للنفط وهي تمر بظروف  صعبة فرضها اولا تدهور انتاج ليبيا من النفط خلال السنوات الاخيرة خاصة  فترة سيطرة مليشيات الجظران على الموانئ النفطية و تعرض قطاع النفط بشكل عام الى اضرار جسيمة  بسبب هجوم مليشيات داعش على عدد من الحقول وكذلك لغياب كثير من الشركات النفطية الاجنبية المتخصصة في الصيانة بل وصل الامر الى اعتبار الاوبك ان ليبيا بحاجة الى نظرة استثنائية بمقتضاها تستثنى من قرار خفض الانتاج  وبرغم ذلك استطاعت الشركة ان تحافظ على توازنها واستمرار اعمالها بل وأن تقنع عددا من الشركات الاجنبية بالعودة للعمل في ليبيا كما قدمت نموذجا في تسيير اعمال دقيقة خلال الازمات اذ تمكنت ومن خلال المهندسين الذين كونوا خبرتهم داخل شركة الخليج من التصدي لاصعب ظروف العمل وتحقيق نجاحات كبيرة وتتمتع الخليج العربي اليوم بسمعة كبيرة محليا ودوليا.