في تونس، التقيت بحفنة من نشطاء حقوق الإنسان على استعداد للقتال لمعرفة مدى الانتهاكات. هؤلاء الناشطون - حوالي عشرين شخصا في المجموع - كانت لديهم الشجاعة ليشكلوا، في تونس وليبيا، شبكة تهدف إلى جمع الأدلة عن الاعتداء الجنسي: من شهادات وملفات طبية وصور ... هم لا يسعون إلى لتجريم هذا المعسكر أو ذاك، ولكن لتوثيق الجرائم.

عندما تعرفت على شبكة المحققين في خريف عام 2016، لم يكن أعضاؤها سوى في بداية تحقيقاتهم. لكن الخطوط العريضة لسيناريو رهيب بدأت ترتسم، وهو عبارة عن دورة جهنمية، بدأت في عام 2011، في بداية الثورة. وبعد بضعة أشهر، عندما سقط القذافي أخيرا، تم عكس الأدوار: مصراتة تنتقم بمطاردة القذافيين وحلفائهم التاورغا. ضحايا الأمس تحولوا إلى جناة.

هذه الدورة المعقدة هي ما تسعى شبكة المحققين جاهدة لفك شفرتها وتوثيقها. ومن بين هؤلاء المسؤولين رمضان، وهو مدع عام سابق في بنغازي (شرق ليبيا)، وصديقه عماد، التاورغي ، يبلغ من العمر 34 عاما. في يناير عام 2017، عندما وصلت أبحاثهما إلى طريق مسدود، استنجدا بمحققة جنائية دولية، سيلين بارديه، فرنسية تبلغ 46، مؤسِّسَة منظمة "نحن ليسنا أسلحة حرب" (WWOW)، وهي منظمة غير حكومية تحارب العنف الجنسي. وستساعدهما على جمع الأدلة لتكوين عريضة اتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية. ومنذ فصل الربيع، دخل تحقيقهما بالتالي مرحلة حاسمة.

أبريل 2017 

عماد أحد المحققين، يستعد للمغادرة إلى ليبيا لجمع عناصر جديدة. يدرك المخاطر التي سيواجهها في السفر إلى بلده الأصلي. يقول ، "إذا اعتقلتني الميليشيات ، فإن أول شيء سوف أعاني منه الاغتصاب كي أصمت إلى الأبد وأتخلى عن القضية". وفي الوقت نفسه، يتساءل كيف تمكنت ليبيا من الانحدار في مثل هذه الفوضى.

في تونس، يطرح أحد مواطنيه السؤال نفسه. اسمه ربيع داهان، ويعرف باسم "ريو"، وهو من "قدامى المحاربين" في الثورة على للقذافي. بحلول يناير 2011، انضم مع أشقائه الأربعة إلى صفوف المتمردين. لكن اشمئزازه من العنف، جعله يستقر في تونس، حيث أصبح منتج أفلام للرسوم المتحركة على الشبكات الاجتماعية.

إنتاجه المقبل سيخصص لموضوع الاغتصاب كسلاح من أسلحة الحرب. ويقول : "نحن جميعا نميل إلى القول إن ذلك في أفضل الأحوال أسطورة، وفي أسوئها من الأضرار الجانبية للصراع. الحديث عن الاغتصاب عندنا هو قبول وصمة عار. ومع ذلك، يجب علينا أن نبدأ بالخروج من الظلال".

ووفقا له، فإن العنف الليبي متأصل في "ثقافة الاغتصاب" التي أسسها النظام القديم. "الاغتصاب يستدعي الانتقام، ويخلق دورة من الردود".

"لقد ارتُكِب في كل مكان، ومن قبل جميع الأطراف في جميع أنحاء البلاد، حتى من قبل الثوار!.. إن اغتصاب النساء في الصراع أمر فظيع، ولكنه متوقع. ولكن عندما يَستهدف الاغتصاب الرجال، منهجيا، فإن هذا لا علاقة له بالدافع الجنسي. الرجل المغتصب لم يعد رجلا، فهو خاضع. ويهدف هذا النظام إلى تغيير الموازين السياسية، وعملية ممارسة السلطة، فإنه إنه يدمر البلاد. كيف نعيد بناءه، إذا واصلنا تجاهل هذا الواقع؟ "

وكما للرد على نداء الاستغاثة هذا، قررت فتو بنسودة، النائبة العامة للمحكمة الجنائية الدولية، والمعروفة بالتزامها ببحث العنف الجنسي في الصراعات، اتخاذ إجراءات. في 24 أبريل ، رفعت السرية عن ملف التهامي خالد، المدير السابق للأمن الداخلي للقذافي. خلال الثورة، هذا الرجل، الذي يعتبر "الشرطي الأول" في البلاد، أمر بغارات في المدن الرئيسية - بنغازي، مصراتة، سرت، طرابلس، تاجوراء وتاورغا. ولدى نشرها هذه القضية الساخنة، كشفت فاتو بنسودة عن صك الاتهام ضد خالد: إلى جانب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، اتهم خالد بارتكاب جرائم اغتصاب منهجية.

تدرك شبكة تونس أن المحكمة الجنائية الدولية أمام عمليات اغتصاب جماعي واسع. ولا تزال هناك حاجة إلى جمع أدلة، وإثبات انتشار الاغتصاب كسلاح حرب في جميع أنحاء ليبيا واستخدامه من قبل الميليشيات من مختلف الانتماءات القبلية أو السياسية أو الدينية. الوقت يمر. وللمضي قدما، ليس هناك خيار: عماد يجب أن يذهب على الفور، في محاولة لاستكمال ملفاته.

مايو2017

وافق عماد أن أتبعه في بحثه. ولأسباب تتعلق بالسلامة، ركبنا طائراتين مختلفتين. في طرابلس، التقيته في مخرج المطار. كان يرافقه أحد أعضاء الشبكة الداخلية: محمد، وهو طبيب سابق في جراحة العظام، تحول لناشط في مجال حقوق الإنسان. جلسنا في سيارته وذهب بأقصى سرعة على طريق الشط. صفوف من أشجار النخيل وملاعب للأطفال ومطاعم ... المدينة تعالج وضعها الطبيعي ظاهريا، لكنها لا تزال خطرة. بالأمس في حرب، واليوم مغمورة بهدوء خادع، تؤطره عشرات الميليشيات. في الممرات الجانبية تصطف عربات همفيز وبطاريات مضادة للطائرات، على استعداد للتدخل لإقامة حواجز.

يتسلل محمد ، وعيناه لا تغادران المرايا الجانبية، باتجاه الجنوب، من خلال طرق ثانوية لتجنب الحواجز. توقفنا في مكتب لأحد أصدقائه، حيث تنتظر منى، وهي ناشطة من منطقة زوارة. هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها عماد، الرجل الذي جاء من تونس. وباعتبار دوره كقائد للتحقيق، فإنه يذهب مباشرة إلى الموضوع: "هل فكرت في حماية المستندات الخاصة بك؟ "

"نعم، أرسلت كل شيء إلى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في شمال أفريقيا"، لكنها تشكو من أنها لم تتلق أي رد حتى الآن. عماد يواسيها، ويسعى لمعرفة عدد الحالات التي تمكنت من توثيقها، ترد: "العشرات، وربما حتى مائة". وتحكي له منى قصة جندي سابق من أنصار القذافي، اختطف، وألقي في السجن، واغتصب مرارا وتكرارا. يقاطعها عماد : "بعصا مكنسة مثبتة في الجدار؟". وهو ما تؤكده منى. في فبراير، تحدث شاهد آخر في تونس عن هذا الأسلوب في التعذيب.

ووفقا لما ذكرته منى، فإن أقارب الجندي السابق الموالي للقذافي ناشدوها التوقف عن الاهتمام بقضيته لأنهم تلقوا تهديدات بالقتل. وتختتم الشابة بالحديث عن الممارسة المنهجية والمتمثلة في اغتصاب الرجال في سجون الميليشيات السرية. "إن اغتصاب النساء أقل"، كما تقول،" لكنه مستمر، بشكل عشوائي. وفي الآونة الأخيرة، وافقت على متابعة حالة مراهقة يبلغ من العمر 15 عاما اختطفتها ميليشيا في طريقها إلى المدرسة. وبما أن الأب لم يدفع الفدية، فقد خُطف أيضا شقيقاها الصغيران".

"ومنذ ذلك الحين، لم نسمع عنهم". عماد يسجل الأسماء والتواريخ. "لدي أيضا عدة حالات لاختطاف أمهات واغتصابهن في وضح النهار، قبل إطلاق سراحهن. والأسوأ هو أننا كثيرا ما نعرف المغتصب وأن الضحية مجبر على التقاطع معه كل يوم". في آخر مرة حاولت منى مغادرة البلاد لإخراج هذه الأدلة، اعترضها ثلاثة رجال في زقاق، ووضعوا سكينا تحت حلقها. وقال أحدهم لها: "أيتها الكلبة، تشوهين بلدك بألاعيبك!" ثم مزقوا جواز سفرها. يطمئنها عماد: "سوف يستغرق الأمر وقتا طويلا، ولكننا سوف نساعدك. سوف نخرج المستندات الخاصة بك، وسوف نستمر في العمل."

انطلقنا بالسيارة إلى جنوب طرابلس، بالقرب من أبو سليم، السجن المعروف بالإجراءات الأمنية المشددة حيث أخفى القذافي معارضيه. يدفع عماد بابا حديديا، ويتجه نحو أحد المباني الجاهزة. تستقبله ثلاث نساء ورجلان. على مدى ست سنوات، تكافح هذه المجموعة الصغيرة لتأسيس جرد بعمليات الخطف والسجن والاختفاء. زعيمهم، محجوب، يفتح خزانة. بداخلها: 650 ملفا مرتبة حسب الترتيب الأبجدي. ليس هناك وقت لتضييعه. يجلس عماد، ويبدأ في تصفح قائمة الأشخاص المفقودين، المصنفة حسب الفئة: المختطفون، وأولئك الذين لم تصل لأقاربهم أي أخبار منذ سجنهم ...

وتتعلق وثائق أخرى بسجناء سابقين. "عمل عظيم "، يفرح عماد. ولكن انظر إلى هذا الملف، وهو لسجين سابق في سجن تومينا السري. هناك، بالتأكيد، تعرض للاغتصاب. هل يوجد شيء بشأن ذلك؟ يدافع محجوب عن نفسه: "بالنسبة للسجناء السابقين، الحاجة الملحة هي تسجيلهم. بالنسبة للبقية يحتاج الأمر وقتا طويلا. ضمنيا: الوقت لقول ما لايقال".

مع وجود 650 ملفا يجب إدارتها، المهمة هائلة. "من المستحيل أن نتذكر كل شيء". يقترح عماد على المجموعة طريقة بسيطة: إذا شعر محجوب أن محاوره تعرض لاغتصاب وأنه لا يجرؤ على البوح بذلك ، فليضف رمزا في أسفل الصفحة. وهكذا عندما نأتي لرؤية هذا الشخص مرة أخرى، سوف نعرف أن علينا أن نحفر هذا الجانب. يتنهد محجوب. اجتماعه مع المعتقل السابق في تومينا جعله مضطربا بشدة. "ما فعله فيه سجانوه"، كما يعترف، " لا ترغب في أن يتعرض له حتى ألد أعدائك. "

في نهاية هذا اليوم الأول، جمع عماد كتلة كبيرة من العناصر التي سيتم تقطيعها. التواريخ والأماكن والأسماء الدقيقة. وغالبية القضايا الجديدة تهم تاورغا، القبيلة الليبية التي ينحدر منها هو نفسه. محتقرون لأن بشرتهم سوداء، كانوا دائما مواطنين من الدرجة الثانية. متهمين بدعم القذافي والتورط في العديد من عمليات الاغتصاب في مصراتة، أصبحوا كبش الفداء الرئيسي لدائرة العنف. دُمرت مدينتهم (تاورغاء)، وتشرد 35 ألف منهم في عدة مخيمات في بنغازي وطرابلس.

وصلنا إلى أحد هذه المخيمات، فلاح، جنوب العاصمة. حوالي 2500 تاورغي يعيشون هنا. يجلس عماد ، وفي يده دفتر، على مكتب متواضع. أول شخص يريد أن يجتمع به علي، الرجل الذي رآه محجوب بعد الإفراج عنه من سجن تومينا.

مَن دَخَل الغرفة كتلة من الألم: في سن الـ 39، يبدو وكأنه بعمر 65 ويتحرك معتمدا على قصبة. مقابلا لعماد، يسرد أسماء رفاقه الذين قتلوا أمامه، وجلسات التعذيب بالكلاب، والصدمات الكهربائية على الأعضاء التناسلية ... يحاول عماد أن يمنحه الثقة: "يمكنك أن تقول لي كل شيء". يواصل علي: "قالوا لنا، موتوا يا كلاب تاورغا!" بعضنا كانوا محبوسين عراة داخل غرفة ، ليلة كاملة، مع مجموعات من المهاجرين. ولم يكن الحراس يطلقون سراحهم إلا بعد تبادلهم الاغتصاب. لحسن الحظ، لم أتعرض لذلك، أنا كان نصيبي التعذيب بالعصا والإطار".

يرفع عماد رأسه. ويؤكد علي ، "لعشرات المرات". الآن يعاني من مشاكل صحية. يلاحظ عماد هنا نوعا آخر من التعذيب فصّله علي: إطار معلق إلى السقف، حيث يجب أن ينزلق السجين عاريا، مطويا على نصفين، لتسهيل عمل السجانين. وتؤكد شهادة علي من جميع النواحي ما قاله شاهدا آخر تم الاستماع إليه في تونس: أساليب متطابقة، واستخدام قسري للمهاجرين لارتكاب الاغتصاب ... ينضاف إلى ذلك، استهداف تاورغا.

في اليوم التالي، يركز عماد أبحاثه على هذه القبيلة. وهكذا يعثر على سيدة عرفها لفترة طويلة، تعيش في مخيم آخر للنازحين في جنوب المدينة. اسمها فتحية، تبلغ من العمر 43 عاما. حتى الآن، لم تكن تريد أن تتكلم. بصوت متردد، خرجت من صمتها: "في البداية، اعتدوا على زوجي، الذي يعاني من الشلل. ثم قبضوا ابنتي التي كانت تبلغ من العمر 11 عاما في ذلك الوقت، وحاول أحد الرجال اغتصابها.

كان هذا الشخص أحد جيراننا في طرابلس، وكان لديه طفل من نفس العمر، وكنت قد رأيته يكبر. حاصروني في غرفة في المنزل واغتصبوني مرتين. صرخت: "ولكن أنا جارتك.. منذ عشرين عاما ونحن نعيش جنبا إلى جنب!" "توقف عماد عند اسم المغتصب، فضلا عن اسم الحي. تواصل فتحية: "جروني إلى  الشارع، أمام الجميع، وهم يقولون:" أنتم اغتصبتم بناتنا. سنفعل الشيء نفسه لكم". "ومع ذلك، لم يكن هناك فقط مصراتيون!" تأخذ فتحية نفسا عميقا ، وتواصل في همس. "أسوأ شيء قاموا به لي ، هو اغتصابهم لي أمام ابني البكر ... ومنذ ذلك الحين، لم يعد يتحدث معي".

فتحية لم تعد تحتفظ بدموعها. يسلمها عماد منديلا ، ويرجوها التوقف. لا. إنها تريد أن تتكلم، لتحرير نفسها: "في اليوم الثاني، جاء رجل قوي البنية. لم أكن أعرف من أين جاء، ولا إن كان مصراتيا، أوليبيا، أو سوريا ... جاء للاغتصاب". يشخص بصر عماد لفترة ويسألها إن كان هناك أي سجينات أخريات معها ، تهز فتحية رأسها ، "لم أكن أسمع سوى أصوات الرجال". وتضيف: "ما لم أكن أعرفه، هو أنه في هذه الأثناء كانوا قد اختطفوا ابني الثالث، البالغ من العمر 14 عاما. "

تعَوَّد عماد على سماع الأهوال. لكن هذه المرة، بدا متأثرا. تواصل فتحية قصتها، لا شيء يمكن أن يمنعها. احتجز ابنها لمدة ثلاث سنوات في سجن بالقرب من تومينا. وبعد ذلك، في صباح أحد الأيام، بأعجوبة، اتصل بها: "أمي، سأخرج في خمسة أيام". رتبت فتحية أشياءه، وأعدت سريره، وطبقه المفضل.

أخذت سيارتها، وعبرت المنطقة تحت السيطرة المصراتية، ووقفت على أبواب السجن. "عندما وصلت، ألقوا حقيبة سوداء على قدمي وقالوا:" خذي هذا  ابنك، أيها الكلبة!" . فتحية تنفجر بكاء:  "فتحت الحقيبة، كان هناك صغيري، هزيلا جدا، بخدين محفورين، وجسمه مرصعا بالندوب ...". تسلم صورة. ينفلت القلم من يد عماد وينهار.

يونيو 2017 

في تونس، يلتقي عماد سيلين بارديت، المحامية الدولية التي تستشيرها الشبكة. يضعها في صورة نتائج تحقيقه الليبي: الملفات  الـ650، الاجتماعات الجديدة التي تؤكد ممارسة الاغتصاب في جميع السجون في غرب البلاد، ولا سيما استهداف تاورغا، قبيلته. وقال لها "لقد وصل  الأمرالى مرحلة مبالغ فيها ، أي مواطن عادي له الحق في صيد تاورغي، أو اغتصابه، أو تعذيبه، بات هذا أمرا طبيعيا. بل إن البعض يعتقد أن ذلك واجب وطني". تطلب منه سيلين بارديت منها تقدير عدد الضحايا. يرد : "ما بين 3000 و 5000"، قبل أن يضيف بغضب: "كيف يمكن تنبيه المجتمع الدولي؟ لماذا لا تفعل المحكمة الجنائية الدولية أي شيء؟ "

وقت العدالة يبدو دائما وقتا طويلا بالنسبة للمحققين الميدانيين.

ولكن، في الواقع، قامت المحكمة الجنائية الدولية بإعادة إطلاق القضية الليبية، أولا سرا ومن ثم علنا. وفي خريف عام 2016، طالبت المدعية العامة فاتو بنسودة بمزيد من الأموال من مجلس الأمن الدولي لتعزيز وتوسيع نطاق تحقيقاتها. وتعرف رئيس المحكمة الجنائية الدولية أن هذا الملف قنبلة سياسية. فتح تحقيق حول ليبيا هو إعادة بناء التسلسل الزمني الدقيق للحقائق، لتحديد سلسلة من المسؤوليات. مهمة جسيمة. ولاية المحكمة تتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ومع ذلك، لم يكن هذا البلد رسميا في حالة حرب منذ عام 2011، إلا في معارك محددة (بنغازي في عام 2014، سرت في الآونة الأخيرة). ومن أجل التمكن من التعامل مع القضايا الليبية، يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تشرع في عمل واسع لترتيب القضايا المعروضة عليها من قبل المحققين الليبيين. ولكن أي الحالات يجب البدء بها؟ العنف الذي تعرض له المصراتيون في عام 2011 أو ذلك الذي نسب إلى ميليشيات مدينتهم في السنوات التالية؟ أم اغتصاب التاورغيين أو اغتصاب البنغازيين؟

وفي هذه الحرب الأهلية التي لا ترحم، ارتكبت جميع الأطراف المعنية انتهاكات. ومن ثم فإن مسؤولية المحكمة الجنائية الدولية هي مسألة ساحقة: فمن حيث المبدأ، ينبغي عليها أن تشكل ملفات تجرم جميع الفصائل لتجنب تعريض نفسها لاتهامات التحيز. ولكن الأمر سيستغرق سنوات لفرق التحقيق في لاهاي (هولندا) لتحليل كتلة الوثائق المنبثقة عن ست سنوات من الفوضى في ليبيا.

في الواقع، تحتاج المحكمة الجنائية الدولية إلى مساعدة. و سيلين بارديت، التي بدأت أولى معاركها في لاهاي، تعرف ذلك. عمل عماد بشأن الانتهاكات التي يعاني منها تاورغا يقدم مسارا ممكنا للتحقيق. إذا كان الملف مكتوبا وموثقا بشكل جيد، فإنه سيكون وسيلة لتسريع عمل العدالة. تقاطع سيلين: "في البوسنة، خلال النزاع بين 1992 و 1995، كانت هناك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ولكن في سريبرينيتسا، التي كانت تعد حوالي 000 8 نسمة، سميت هذه الجريمة إبادة جماعية، لأن الهدف كان هو إبادة السكان عن آخرهم. هنا، علينا أن نجد عناصر النوايا، لأننا قد تكون قريبة من الإبادة الجماعية على سكان تاورغا. "

أغسطس2017 

في حين تواصل الشبكة بناء قضيتها في تونس ، تضرب المحكمة الجنائية الدولية ضربة جديدة. في 15 أغسطس ، أطلقت مذكرة توقيف دولية ضد الرائد محمود الورفلي المتهم بارتكاب جرائم حرب. الورفلي الذي يقود لواء الصاعقة، حليف للجنرال خليفة حفتر، الرجل الذي يسيطر على الشرق الليبي لسنوات. وللمرة الأولى، تقبل المحكمة الجنائية الدولية كدليل أشرطة فيديو منشورة على شبكة الإنترنت وتظهر عمليات إعدام جماعي يرتكبها الورفلي. ضمنيا، يحيط الشك بمسؤولية المشير حفتر. يعرف المحققون الآن أن مقاطع الفيديو التي تم جمعها صالحة من الناحية القانونية. وهذه الضربة من قبل المحكمة الجنائية الدولية تسمح لهم بالنظر في ضحايا جدد - العديد من الشهود المحتملين - هذه المرة، من سجون سرية في شرق ليبيا.

جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، وربما إبادة الجماعية على جزء من السكان السود ... التحقيقات لم تنته بعد. وتحذر سيلين بارديت مؤسسة منظمة WWOW الحقوقية : "يبقى قياس مدى هذه الانتهاكات. لقد بدأنا نحصل على عناصر، ولكن الأمر سيستغرق بعض الوقت ". وبمساعدة شبكة المحققين الليبيين، فإنها تستعد لإصدار تقرير من شأنه أن يروي الرعب الذي شهده هذا البلد منذ عام 2011.

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة