انتقد رئيس مجلس النواب (البرلمان) الليبي، عقيلة صالح، الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك أوباما في تعاملها مع الأزمة في بلاده، معربا عن تفاؤله بإدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، مشيدا في الوقت نفسه بدور مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والأردن في مساعيها لاستقرار بلاده.

جاء ذلك في مقابلة مطولة أجرتها بوابة العين الإخبارية مع صالح، تطرق خلالها أيضا إلى الدور الروسي في حل الأزمة في بلاده، علاوة على خطط السلطات الليبية في محاربة تنظيم "داعش".

كما استبعد صالح نشوب حرب أهلية في البلاد، معتبرا أن هذا الاعتقاد في غير محله لأن الليبيين تربطهم علاقات اجتماعية وثيقة ورابطة الدم والمصاهرة.

وفي ظل محاولات عديدة من دول المنطقة العربية بدأت ومازالت مستمرة لفرض الاستقرار على أرض ليبيا، وتعاون تام تبديه السلطات الشرعية في البلاد، كان لـ"العين" هذا لحوار مع رئيس مجلس النواب للوقوف على أحدث مستجدات المشهد الليبي و خطتهم للأيام القادمة.

وفيما يلي نص الحوار:

* متى يتم تفعيل بيان القاهرة الصادر في 13 ديسمبر الماضي على أرض الواقع، وما الأوضاع المتوقعة؟

- هناك مساعٍ من القوى الليبية لتنفيذ بيان القاهرة بدعم من دول الجوار (مصر وتونس والجزائر)، وهناك شبه إجماع على قبول هذا البيان، وتفعيله يقتضي تكوين المجلس الرئاسي من ثلاثة أعضاء، ويُكلف رئيس وزراء من غير أعضاء الرئاسي، يتولى تشكيل الحكومة وعرضها على مجلس النواب لنيل الثقة، ثم يتكون مجلس استشاري من أعضاء المؤتمر الوطني المنتهي ولايته والذي انتخب في يوليو 2012.

وأيضا تستمر مهمة القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية خاضعة لمجلس النواب، ثم تُبنى مؤسسات الدولة على أساس دستوري بعد اعتماد مجلس النواب تعديل الاتفاق السياسي وتضمينه في الدستور، عندئذ يكتسب المجلس الرئاسي والحكومة المكلفة الشرعية الدستورية، ومن ثمّ يمارسان أعمالهما بما يحقق أمن واستقرار ليبيا.

* ما الدور الذي تنتظرونه من دول الجوار الليبي لفرض الاستقرار في البلاد والقضاء على الإرهاب؟

- نتوقع دورًا فاعلًا من جانب دول الجوار لمعرفتهم بحقيقة الشأن الليبي، ومصالحهم المباشرة في استتباب الاستقرار والأمن في ليبيا، وكذلك روابط الدم والجوار كلها تدعوهم للحرص على حل الأزمة الليبية، خاصة بعد أن اتضح لهم أن التدخل الأجنبي غيّب التسوية، فالخروقات لحقت بالاتفاق السياسي (اتفاق الصخيرات التي تم توقيعه بين الأطراف الليبية في 2015) كونه لم يحقق مصالح وتطلعات كل الليبيين، مما أقنعهم جميعا إلى ضرورة تعديل الاتفاق السياسي ضمن إطاره المعتمد والموقع عليه في الصخيرات، وهو الأمر الذي يجد قبولا عند غالبية الشعب الليبي.

* كيف ترى الدور الإماراتي حيال أزمة ليبيا؟

- دور دولة الإمارات العربية المتحدة كان واضحا منذ بداية الأزمة وداعما للشرعية في ليبيا، وتجلى في تقديم المساعدات اللازمة من الغذاء والدواء للشعب وتدريب القوة الأمنية، فضلا عن الدعم السياسي لقضيتنا في المجتمع الدولي، من أجل تحقيق احترام إرادة الشعب الليبي، كذلك دعمنا في حل الأزمة بمعرفة الليبيين أنفسهم ومساعدتهم في الوصول إلى الوفاق السياسي الحقيقي بين كل مكونات المجتمع الليبي.

* هل يجري مجلس النواب تنسيقا مع حكومة الوفاق بشأن إرساء قواعد الاستقرار في ليبيا؟

- لا، كونها لم تنل ثقة مجلس النواب ولم تؤدِ اليمين القانونية أمامه لعدم تضمين الاتفاق السياسي بالإعلان الدستوري، وبالتالي هي حكومة غير شرعية وهو ما أكدته المحاكم الليبية التي قضت ببطلان ما اتخذته "الوفاق"، وبالتالي لا يعتد بشرعيتها إلا بعد التعديل الدستوري، وهذا لم يتم حتى الآن.

* كل المبادرات التي تطرح لحل الأزمة في ليبيا تؤكد ضرورة التكاتف الوطني ووحدة الدم وتوحيد الجيش.. كيف خططتم لتحقيق هذه الأهداف على الأرض؟

- دعونا إلى اجتماعات لمكونات الشعب الليبي ومع كل القوى الليبية في الداخل والخارج وقمنا بزيارات لعدة دول من أجل شرح وجهة نظرنا حول الاتفاق السياسي، وهناك شبه إجماع على تعديل الاتفاق السياسي ليحقق تطلعات الشعب الليبي ويحل قضيته بنفسه، وهذا ما أكدناه للسيد مارتن كوبلر، المبعوث الأممي لليبيا ومبعوث الخارجية الأمريكية السيد واينر، وكل من التقيناه من رؤساء دول ووزراء خارجية ومبعوثين واتحاد إفريقي وجامعة الدول العربية.

وبعد انتصار الجيش الوطني على الجماعات الإرهابية وتحرير الحقول والموانئ النفطية، باتت الفرصة سانحة للاتفاق على حل يرضي جميع الليبيين بإشراف دول الجوار وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي.

* التدخلات العسكرية الدولية على أرض ليبيا، ما الذي يحكمها؟

- لا بد أن توافق عليها السلطات الشرعية في ليبيا، ودون ذلك يعتبر اعتداءَ على السيادة مع أننا نرى أن محاربة الإرهاب هو واجب على الجميع في كل أنحاء العالم ولكن ذلك لا بد وأن يكون بالتنسيق مع السلطات الشرعية في البلاد التي بها جماعات إرهابية متطرفة.

* ما أهم الأطراف الدولية التي تؤدي دورًا في رسم مستقبل ليبيا وتعمل على إرساء الاستقرار بها؟

- كل دول الجوار وأيضا بعض الدول العربية والصديقة تحاول مساعدتنا في تحقيق الاستقرار، وقد بذلت جهودا مشكورة في هذا الاتجاه ومن هذه الدول على سبيل المثال جمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية ودول الجوار عربية وإفريقية.

* كيف تصف الدور الأمريكي والروسي في الأزمة الليبية؟.. وهل أنتم راضون عن الدعم المقدم من الجانبين؟

- حسب زيارتي لروسيا وجدت تفهما عميقا من جانب وزير خارجيتها ورئيس الدوما الروسي، وأكدا دعم بلادهم للشعب الليبي في محاربته للإرهاب، وضرورة التواصل يكون مع السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا وهو مجلس النواب وتقديم الخبرة المطلوبة من الليبيين لكي يتمكنوا من اجتياز هذه المرحلة التي تمر بها البلاد.

أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فدور الإدارة السابقة كان سلبيا ومنحازا لأطرف بعينها، إلا أننا نرى في الإدارة الجديدة برئاسة المنتخب دونالد ترامب فهما لحقيقة ما يجري في ليبيا من محاولة لتمكين الإرهابيين المتطرفين من السيطرة على البلاد.

أما بالنسبة لدعم الشعب الليبي فلم يُقدم لنا الجانب الأمريكي شيئا في هذا الاتجاه، ونتمنى أن تسير الإدارة الجديدة بطريقة تمكنها من دعمنا لفرض الاستقرار، والأمر لا يتطلب إلا دعم المؤسسات الشرعية المنتخبة من الشعب الليبي يتقدمها مجلس النواب، وكذلك الدفع في اتجاه توافق سياسي حقيقي بين كل الليبيين.

* كيف تعلق على توقعات الخبراء بأن حربا وشيكة في ليبيا بين أطراف المشهد؟

أعتقد أن هذا التوقع في غير محله لأن الليبيين تربطهم علاقات اجتماعية وثيقة ورابطة الدم والمصاهرة وقلة عدد هذا الشعب وترابطهم في كل مصالحهم المختلفة، فهم قد يكونون أسرة واحدة غير مسموح بتفككها والحرب بين أفرادها.

* ما خطتكم المستقبلية لنزع السلاح من الشارع الليبي وما الذي ينقصكم للقضاء على تنظيم داعش؟

- ينقصنا رفع الحظر على تسليح جيشنا وتقديم الخبرة اللازمة لقواتنا من أجل القضاء على تنظيم داعش، تلي ذلك مرحلة نزع السلاح، فبعد طرد الجماعات الإرهابية من ليبيا سيتم تفعيل قانون حمل السلاح بدون تراخيص وسيطلب من الجميع تسليم سلاحهم في فترة معينة ومن يتخلف عن ذلك سيطبق عليه القانون.

* ما الأضرار التي لحقت بليبيا جراء القرار الدولي بحظر السلاح وما الجهد المبذول للتغلب عليه؟

- العديد من الجرائم التي ارتكبت من جانب الإرهابيين لحقت بنا، وبدوره أخّر ذلك عملية طردهم من البلاد، حيث إن السلاح الذي يحاربهم به الجيش هو ما يغتنمه منهم في ساحات القتال وكل ما لحقنا من أضرار في الأرواح والممتلكات وتدمير المنشآت الحيوية كل ذلك بسبب عدم حصولنا على السلاح ووصوله إلى الجماعات الإرهابية بطريقة غير شرعية بمرأى ومسمع العالم، ولكن بإرادة الليبيين وشجاعة الجيش الوطني، ماضون في القضاء على عناصر الإرهاب.

* هل هناك مستشارون لقائد الجيش المشير خليفة حفتر، وكيف يتم اتخاذ القرارات السياسية في ليبيا؟.

- نعم السيد المشير خليفة بالقاسم حفتر لديه مستشارون خاصة في المجال العسكري، والقرارات السياسية تُتخذ من السلطات الشرعية ممثلة في الحكومة ومجلس النواب الذي يعد صانع القرار الأول وصاحب السلطة العليا في البلاد حسب الدستور المعمول به الآن في ليبيا.

* بشكل عام، ما الأولويات التي تشغل مجلس النواب الليبي خلال الفترة الحالية وماذا يصنع لتحقيقها؟

توفير متطلبات المواطن الليبي ودعم الجيش الوطني في محاربة الإرهاب ودراسة رؤية جديدة لمستقبل وحل الأزمة الليبية والأسس الرئيسية لبناء دولة القانون والمؤسسات.