قد يكون أصغر مترشح للانتخابات الرئاسية التي ستجرى بالجزائر إن قبل المجلس الدستوري ملفه الذي يكون قد استوفاه وفق الشروط المطلوبة. هو "عبد العزيز بلعيد" رئيس حزب "جبهة المستقبل" الواعدة وأحد المرشحين من الجهة الشرقية للبلاد وبإحدى أكبر المناطق التي أنجبت خيرة الساسة والنضال بالجزائر. هو أيضا شاب طموح وإن تعدت مرحلته العمرية شريحة الشباب التي فارقها الرجل بجدال كبير حول علاقاته وتصرفاته فيها أيام كان زعيما لإحدى أقوى التجمعات الطلابية وما صاحب ذلك من علاقات بالجنس الآخر وتأخر في إتمام المرحلة الدراسية.

"عبد العزيز بلعيد" عزيز القوم

ينحدر الدكتور "عبد العزيز بلعيد" من منطقة الأوراس الأشم المشهور بنضاله إبان الحقبة الاستعمارية الفرنسية وبمجاهديه الكثر الذي ضحوا في سبيل استقلال الجزائر، و ينتمي تحديدا إلى عائلة عريقة بقرية "حيدوسة" المجاهدة هي الأخرى. ولد في عام 1963 ببلدية مروانة في محافظة "باتنة" الشرقية جده عبد الله بن شريف شيخ و مؤسس زاوية "أولموثن" (أسست في عام 1978) التابعة للطريقة الرحمانية.

 و هو حفيد "أدريس بن عبد الله" شيخ (عمدة) منطقته مولده و المعروف بعمله في الوسط التربوي على مستوى الزاوية الرحمانية و بنضاله و كفاحه ضد المستعمر الفرنسي حيث كان أحد صانعي إحداث 1916 بمنطقة الاوراس، فلا غرابة إذن أن يكون الرجل الآن صاحب فكر قيادي. كان أبوه أيضا مجاهدا واصل تعليمه بمسقط رأسه، و انضم من صغره إلى صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية بمنطقة "باتنة" و أصبح بعدها إطارا وطنيا مسيرا و إطارا دوليا في الكشافة و مثل الجزائر في عدة دول أثناء التجمعات الكشفية . شهد له عمله النقابي البارز في الطور الثانوي و الجامعي بباتنة و سير عدة إضرابات و احتجاجات طلابية، قبل أن يكمل تعليمه الجامعي بالعاصمة التي درس فيها الحقوق ونال فيها شهادة الكفاءة في المحاماة ثم درس الطب وأكمله أيضا بسنواته السبع التي أعد منها سنوات عدة ما جعله يلبث حياة جامعية طويلة في العموم وفيها بالضبط شغل مناصب ريادية نقابية طلابية على مدار سنوات كثيرة ،  ما أهله أن يلج عالم السياسة فقد ناضل في صفوف الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين  وأصبح الأمين الوطني لهذا التنظيم الطلابي لعدة سنوات. كما

ناضل في صفوف الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية وهو تنظيم شبابي معروف منذ سنوات الاستقلال بالبلاد إلى أن ثم أصبح أطارا دوليا في الاتحاد العالمي للشبيبة و مثل الجزائر في أنحاء العالم في المهرجانات الدولية للشباب و بعدها قام بالتخطيط و تسيير المؤتمر العالمي للشباب الدولي بالجزائر سنة 2001.

انخرط في صفوف حزب جبهة التحرير الجزائري المعروف وكان عضوا بلجنته المركزية و عمره 23 سنة فقط ضمن قدماء الحزب العتيد. و انتخب نائبا بالبرلمان الجزائري لعهدتين متتاليتين من سنة 1997 إلى غاية سنة 2007 وترأس خلالها عدة لجان برلمانية.

تأسيس جبهة المستقبل.

بعد اشتداد العراك السياسي داخل حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان "عبد العزيز بلعيد" عضوا بارزا فيه خاصة بعد تصدع جناح "علي بن فليس" المحسوب عليه بعد  ترشحه ضد الرئيس بوتفليقة سنة 2004 تأثر عديد الإطارات داخل الحزب وعانى كثير منه التهميش مع بروز جناح الأمين العام السابق للحزب "عبد العزيز بلخادم". وفيما خرج عدة مناضلين من الباب الضيق فقرر "بلعيد" وعدد من الإطارات تأسيس جبهة جديدة موحدة عنوانها الشباب تسمى"جبهة المستقبل و ذلك سنة 2012 بعدما طلقوا الحزب القديم سنة من قبل. وقد حاول الحزب الجديد إثبات وجوده في انتخابات ماي الماضي البرلمانية لكنه لم يسجل الكثير فيها رغم أنه ضم أسماء مشهورة على غرار لاعب كرة القدم السابق "لخضر بلومي".

وهو الأن يعول على حنكة رئيسه من جهة وعلى رجال الاعمال وأصحاب النفوذ من نفس المنطقة الشرقية لبعث حزب سياسي قوي أخر ينافس في اتخاذ قرارات البلاد.

"بلعيد" الشاب الطموح أم صاحب الفساد

يحتفظ كثير ممن عايش "عبد العزيز بلعيد" أيام الجامعة الجزائرية وحتى أيام عضويته بحزب جبهة التحرير الوطني بتلك الصورة القاتمة التي بدا فيها الرجل مستهترا بالمال العام التي كانت تنفقه الدولة على الجمعيات الطلابية والدي صرف جزء كبيرا منه في حفلات ما يسمها منتقدوه ب"المجون" وسهرات السكر. وإن كان الأمر يعنى حياة شخصية محضة فإن أيضا يعني الآن شخصية عمومية تحاول البروز بمظهر النزاهة والقيادة. ويتخوف كثيرون أيضا في أن يكون ظهور الرجل بمنطق الجهوية المحسوبة على الشرق الجزائري الذي عاش تهميشا من جانب غرب البلاد وقت حكم الرئيس الحالي من منطلق الثأر وترجيح الكفة للجهة دون الآخذ بعين الاعتبار جملة البلاد الموحدة. و لكن ورغم ذلك تبقى حياة الرجل السياسية مميزة جدا على اعتبار مرحلته العمرية وجرأته في المجابهة والنقاش التي يحاول أن يغلب فيها تفكير الشباب في مستقبل تحت عنوان "جبهة المستقبل"