بعد ست سنوات من بدء الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي، لا يرى الليبيون في طرابلس داعيا للاحتفال مع انقطاعات الكهرباء المتكررة وموجة الغلاء وانعدام الأمن الذي يسكن حياتهم اليومية.

في أي لحظة، يمكن أن يغلق أصحاب المحال التجارية في العاصمة الليبية أبوابهم ، وأن تلف السيارات بشكل مفاجىء لتعود أدراجها على أزيز طلقات نارية في الشارع الفارغ.

ويقول عبد العليم الحاج علي، وهو يختبىء مع ابنته من الاشتباكات داخل مخبز: "نحن نعيش تحت رحمة رجال مهووسين بالسلاح والعنف والربح".

ويتابع المعلم البالغ من العمر 48 عاما، في الوقت الذي يستعر فيه القتال في الخارج ، على أحد شوارع التسوق في العاصمة : "إن الوضع في بلدنا مأساوي".

عشية ذكرى الثورة التي أنهت حُكما لعقود طويلة لمعمر القذافي، يقول ليبيون إن ظروف المعيشة تدهورت منذ أن بدأت حكومة الوحدة الوطنية المدعومة من الأمم المتحدة العمل في العاصمة.

وقد فشلت حكومة الوفاق الوطني أيضا في تأكيد سلطتها على باقي أنحاء البلاد الغنية بالنفط.

يقول علي: "إنه أمر ممل أن نرى الليبيين يعيشون في الظلام والفقر والخوف المستمر ، عندما تنطوي بلادهم على بحر من النفط ".
متحصنَيْن داخل المخبز، يستطيع علي وابنته سماع إطلاق نار وأصوات إطارات المقاتلين الذين يستقلون عربات تحمل مدافع مضادة للطائرات.

سيطرت عشرات الجماعات المسلحة على طرابلس منذ سقوط القذافي، وغالبا ما يكون من الصعب بالنسبة للسكان متابعة الولاءات المتقلبة، والجهات التي يحارب من أجلها المسلحون.

 'عصابة إجرامية مسلحة"

تعرض الجماعات المسلحة ملصقات على سياراتها وفقا لمصالحها الحالية، عادة بذكر أنها هيئة رسمية - مثل "الجيش" أو "وزارة الداخلية" – وذلك لإعطاء نفسها بعض الشرعية.

أصبحت الاشتباكات منتظمة في العاصمة الليبية منذ عام 2011، وخصوصا في الليل، بينما انتشرت نقاط التفتيش في أنحاء المدينة.
وإذا كانت الاختناقات المرورية تخلق شعورا لدى الليبيين بأن الحياة طبيعية في العاصمة، فإن القيادة في جميع أنحاء طرابلس يمكن أن تكون خطرة، خصوصا في الليل.

لمساعدة بعضهما البعض، يتبادل الليبيون المعلومات حول الطرق الآمنة على وسائل التواصل الاجتماعية.

"طريق غوط الأشعل ليست آمنة. تقوم عصابة إجرامية مسلحة بسرقة السيارات هناك،" كما يقول مستخدم على موقع فيسبوك ضمن مجموعة تطلق على نفسها اسم "المسار الآمن" تضم أكثر من 20 ألأف من الأتباع.

"تبادل لإطلاق النار على طريق المدار" يحذر مستخدم آخر. "هدنة قصيرة ولكن يجب توقع شوط ثان."

وكما لو كان الأمن لا يكفي للقلق، يعاني الليبيون في العاصمة من انقطاعات الماء والكهرباء يوميا فضلا عن الارتفاع الصاروخي للأسعار وأزمة السيولة.

في طوابير طويلة أمام البنوك، يقف الناس بأعصاب منفلتة والتوترات تندلع لأصغر من الذرائع.

تقول مريم عبد الله، البالغة من العمر 50 عاما، إنها كانت تأمل أن تتحسن الحياة في العاصمة بعدما بدأت حكومة الوفاق الوطني العمل في مارس من العام الماضي.

وتقول هذه الموظفة في وكالة سفر: "اعتقدنا أن الأمور لا يمكن أن تزداد سوءا ، ولكن ذلك ماحصل للأسف".

وتمضي في حديثها وهي تسرد "الانقطاعات الطويلة في الكهرباء، ونقص المياه والغاز، وطوابير الوقود، والتضخم وأزمة الرواتب المستمرة، والتي أعاقت حرفيا المدينة".

"الخدمات تنهار"  

"الناس تعبوا واكتأبوا"، يقول طارق مجيريسي وهو محلل سياسي ليبي ، " لذلك الذكرى السنوية للثورة تقترب والناس ليس لديهم سبب للاحتفال."

"وعلى الرغم من أن إنتاج النفط في ليبيا يتعافى، لا يزال الوضع الاقتصادي مترديا مع ندرة السلع الأساسية وغلائها الفاحش، إلى جانب أزمة السيولة".

"الخدمات تنهار، ولا يبدو الجسم السياسي قادرا على حكم البلاد ، وبدلا من ذلك السياسيون منشغلون بالصراع على السلطة المطلقة."

وحاولت حكومة سابقة لكنها فشلت في الاستيلاء على ثلاث وزارات في العاصمة في يناير كانون الثاني، في حين أن البرلمان في أقصى شرق البلاد رفض التنازل عن السلطة لحكومة الوحدة الوطنية.

لكن مبعوث الامم المتحدة مارتن كوبلر ، قال الأسبوع الماضي إنه جرى تحقيق تقدم بشأن "تعديلات ممكنة" للاتفاق الذي رأت حكومة الوفاق النور بموجبه، ولا سيما في ما يتعلق بالدور المستقبلي لقائد الجيش المنافس الذي يدعم البرلمان في شرق البلاد.
فخليفة حفتر، الذي يسيطر على معظم شرق ليبيا، ليس يكن مدرجا في حكومة الوفاق.

في طابور أمام بنك في طرابلس، تقف سلمى فتحي، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 53 عاما، ومع ذلك تقول إنها متفائلة. : "لدي أمل كبير في رؤية ليبيا ترتفع مرة أخرى بفضل شبابها".

 

* بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والمقالات والتقارير المترجمة