قليلة هي المواقع التي تجسد الفوضى التي اكتنفت ليبيا أفضل من ميناءي السدرة وراس لانوف النفطيين، واللذين تغيرت تبعيتهما مرتين خلال شهر مارس. أولا سيطر عليهما سرايا الدفاع عن بنغازي ، وهي ميليشيا إسلامية، بعد أن استعادتهما من قوات خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي .

بعد ذلك، وبعد أن سلمت سرايا الدفاع عن بنغازي الميناءين إلى قوات متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس، أمسك بهما مجددا السيد حفتر ، الذي يحظى بدعم سلطة منافسة في الشرق.

منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ، دخلت ليبيا في حرب أهلية جيّشت في البداية شرق البلاد ضد غربه. والآن من الصعب رسم خطوط المعركة لدى الكثير من الجماعات المتقاتلة. في محاولة من جانب الأمم المتحدة لرص البلاد ، تم خلق حكومة الوفاق في عام 2015، التي فشلت فشلا ذريعا في غياب الدعم.

حتى طرابلس غرقت في العنف. إنتاج النفط، وهو شريان الحياة الاقتصادية في ليبيا، مهدد بسبب استمرار القتال، والذي قد يتحفز بشكل أعمق مع تورط روسيا التي تقول إنها تريد الاستقرار، ولكنها تدعم السيد حفتر. وعلى الرغم من أنه ، على الأقل حتى الآن، خرج فائزا، فإن معركة الموانئ النفطية كشفت السيد حفتر، الذي يعتقد أنه الوحيد الذي يستطيع أن يوحد البلاد ويدحر الإرهابيين داخلها.

يقول المحلل ماتيا توالدو من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ، وهو مؤسسة فكرية ، "إن حفتر يتصرف وكأنه رجل قوي، لكنه ليست لديه قدرات رجل قوي"، ويتابع توالدو، "جيشه الوطني هو أقرب إلى ائتلاف من الميليشيات المتشرذمة من الشرق.

في الواقع، كانت الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق ، وليس جيش السيد حفتر، من طرد مسلحي داعش من معقلهم في مدينة سرت العام الماضي".

لكن يبدو أن روسيا، ترى في حفتر قوة استقرار جديرة بالدعم. ويقال إنها نشرت قوات خاصة في قاعدة جوية في غرب مصر بالقرب من الحدود مع ليبيا. كل من مصر وروسيا ينفي ذلك.

"التدخل المفرط ...يكاد يكون مستحيلا ويكاد يكون مستحسنا،" يقول ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين.

لكن المسؤولين الأميركيين يرون نقاط التقاء للسلوك الروسي في ليبيا مع تصرفات موسكو في سوريا التي مزقتها الحرب، حيث تدعم بشار الأسد، المتعطش للدماء .

وقد استضافت روسيا السيد حفتر ثلاث مرات منذ بداية السنة ، مناسبةٌ منها ، كانت على متن حاملة طائرات، في يناير الماضي، عندما استقبلته استقبالا رسميا.

وقد استضاف الروس أيضا رئيس وزراء حكومة الوفاق فايز السراج، في موسكو. ولكن العديد يلومون تعنت السيد حفتر لعدم إحرازه تقدما نحو السلام.

وكانت مصر، التي تدعم الجيش الوطني الليبي، غاضبة على رفضه إجراء محادثات مباشرة مع السيد السراج في قمة في القاهرة الشهر الماضي. الآن السيد حفتر يحاول حشد التأييد في الداخل والخارج بالقول إن سرايا الدفاع عن بنغازي تابعة لتنظيم القاعدة. والجماعة ترفض هذا الاتهام ، على الرغم من أن بعض مقاتليها تربطهم علاقات مع المتطرفين.

أحد أهداف هذه الدعاية هو الإدارة الأميركية الجديدة، التي لم تتخذ موقفا بعد بشأن ليبيا. من جانبها، حكومة الوفاق ضعيفة ومنقسمة. السيد السراج ربما لم يكن يعرف شيئا عن خطة هجوم سرايا الدفاع عن بنغازي على الموانئ النفطية، وهو الهجوم الذي أدانته حكومته.

لكن وزير دفاعها، المهدي البرغثي، ربما دعم هذا الجهد. في طرابلس ، الميليشيات المتنافسة تطلق النار في الشوارع، في الوقت الذي تحاول حكومة إسلامية سابقة استعادة السلطة.

نجا السيد السراج نفسه من محاولة اغتيال على موكبه في فبراير. وهو يخسر الدعم حتى بين ميليشيات مصراتة، التي خاضت معارك لحساب حكومة الوفاق. ومن المفارقات، قد تكون نقطة ضعفه أيضا هي "مكسب" ، فبعض الميليشيات تؤيده على وجه التحديد لأنه لا يمكن تحدي سلطتها.

الليبيون - الذين عانوا و يعانون - لا يريدون سوى أن يتوقف القتال. حكومة الوفاق فشلت في توفير الخدمات. السيولة تسجل نقصا مريعا. إنتاج النفط ، الذي تضاعف تقريبا ليصل إلى 700 ألف برميل يوميا، كان النقطة المضيئة بعد سيطرة السيد حفتر أولا على الموانئ في سبتمبر.

وانخفض الإنتاج منذ ذلك الحين إلى حوالي 600 ألف برميل يوميا. ليبيا التي تملك أكبر احتياطيات النفط في أفريقيا، تحتاج إلى الإيرادات، التي تذهب إلى البنك المركزي لتمويل كل شطر من البلاد.

ويقول توالدو : "ما لم تتمكن ليبيا من الوصول إلى 900 ألف أو مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام، لن يكون لديها أي أمل في تفادي الانهيار المالي". هذا ليس مستحيلا. قبل الثورة التي أطاحت بنظام معمر القذافي في عام 2011، أنتجت ليبيا مليون و600 ألف برميل يوميا.

روسيا تعرب عن الأمل بتحقيق ذلك. شركتها النفطية العملاقة المملوكة للدولة، روسنفت، وقعت اتفاقية تعاون مع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الشهر الماضي. ولكن الكثير يعتمد على كيفية تعامل السيد حفتر وحلفائه مع ثرواتهم المستردة.

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة