ألقت سيطرة قوات الجيش الليبي على الموانئ النفطية بظلالها على المواقف الدولية من المشير خليفة حفتر وقربته بصفة خاصة من روسيا التي كان موقفها مترددا إزاء أطراف الصراع في ليبيا.

وبدأ هذا التقارب يتضح للعيان خاصة بعد الزيارة التي أداها  عبدالباسط البدري سفير ليبيا لدى السعودية والمبعوث الخاص للمشير خليفة حفتر السبت إلى موسكو حيث التقى ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وحمل البدري رسالة خطية من حفتر لبوتين ووزير دفاعه سيرجي شويجو. وعقب هذا الاجتماع دانت موسكو، إرسال دول لقوات خاصة لتدريب جماعات مسلحة في ليبيا، داعية إلى إتباع نهج واضح ومتسق للأمن في هذا البلد.

ورغم إعلان عدد من الدول عن وجود قوات عسكرية لها في ليبيا تقاتل إلى جانب مقاتلي عملية البنيان المرصوص الموالية لحكومة الوفاق إلا أن روسيا فضلت التزام الصمت، وعدم الإفصاح عن موقفها إزاء هذه التحركات لتخرج بعد أن رجحت الكفة لصالح الجيش لتعلن عن رفضها لهذا التدخل.

وأكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف وجود مشاكل في مجال الأمن بليبيا بسبب الضربات الجوية التي نفذتها بعض الدول في مناطق معينة بليبيا، في إشارة للضربات التي تنفذها الولايات المتحدة في سرت، مضيفا أن "دولا أخرى أرسلت فرقا من القوات الخاصة لتدريب مجموعات مسلحة، وهذا النهج يفاقم العداء والفرقة بين الليبيين".

وبقيت روسيا طيلة السنتين الماضيتين من أبرز الداعمين للجيش الليبي والسلطات شرق البلاد، لكن موافقتها على قرار توسيع مهمة عملية صوفيا لتشمل تفتيش السفن في عرض البحر والتي اعتبرها كثيرون تستهدف قطع الإمداد عن تسليح الجيش، عكس وجود تردد في موقفها إزاء أطراف الصراع خاصة مع تقدم قوات عملية البنيان المرصوص في حربها على تنظيم داعش في سرت.

ويرى مراقبون أن روسيا تتعامل بحذر إزاء تطور الأوضاع في ليبيا حيث تعبر عن دعمها لحكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاقية الصخيرات لكنها تدعم في نفس الوقت السلطات المنعقدة شرق البلاد، وبحسب هؤلاء فإن روسيا كانت تحتاج لعملية مثل البرق الخاطف لجعلها تتأكد من أن رهانها لن يكون خاسرا.

وازداد الدور الروسي الداعم لحكومة عبدالله الثني وضوحا بعد قيام موسكو بطباعة وتوريد شحنات من العملة الليبية بمطابعها وتوريدها لصالح الحكومة المؤقتة لإنهاء أزمة شح السيولة النقدية، حيث يفرض المجتمع الدولي منذ مارس الماضي حصارا على السلطات في المنطقة الشرقية بعد أن منع عليها تصدير النفط ورفع عنها الاعتراف الدولي، بغية إضعافها اقتصاديا في خطوة للضغط عليها حتى تسلم السلطة لحكومة الوفاق قبل تصويت مجلس النواب عليها.

وظلت روسيا على مدى حوالي سنتين من الحوار الليبي تراقب الأزمة عن بعد ولم تتدخل فعليا فيها بأي شكل من الأشكال رغم تصريحاتها المساندة لمجلس النواب والجيش الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر.

وعقب اندلاع العمليات العسكرية الروسية ضد معاقل تنظيم داعش وعدة فصائل مسلحة في الأراضي السورية منذ نهاية العام الماضي، اختلفت آراء المحللين والخبراء بشأن ما إذا كانت العمليات الروسية في سوريا هي محطة ضمن محطات متعددة لدور عسكري روسي جديد في الشرق الأوسط، واتسعت دائرة التحليلات لتطرح سيناريوهات محتملة لتدخل عسكري روسي في ليبيا. ولئن ارتفعت في الأشهر الماضية  الدعوات الشعبية داخل ليبيا وخاصة في المنطقة الشرقية المطالبة بتدخل عسكري روسي لإنقاذ البلاد على غرار التدخل الروسي في سوريا، إلا أن السلطات الروسية لم تبد أي استعداد لذلك وتؤكد في كل مرة على ضرورة التوصل إلى حل سياسي.

وسبق للقائد العام للجيش المشير خليفة  حفتر أن أعلن أن قواته مستعدة للتعامل مع روسيا في مسألة محاربة الإرهاب في ليبيا إذا تقدمت موسكو بطرح حول هذه المسألة.

وقال حفتر حينها “الذي نراه بالنسبة إلى الروس هو أنهم يقومون بعمل جيد جدا ضد الإرهاب ونحن مشكلتنا الأولى هي الإرهاب”.

لكن مراقبين يستبعدون إمكانية التدخل العسكري الروسي في ليبيا لجملة من الاعتبارات، أبرزها انشغال روسيا بالحرب في سوريا، وكذلك عدم وجود جيش قوي وموحد في ليبيا يمكنه أن يقدم الإسناد لقواتها الجوية على غرار ما هو موجود في سوريا.