يشهد الشارع الليبي خلال هذه الأيام، موجة من الجدل، وتساؤلات حول عددا من القضايا والموضوعات الهامة، التي لا تزال عالقة حتى الآن في انتظار الحسم، ومن أبرز تلك القضايا، ملف تعديل الاتفاق السياسي الذي وقع في مدينة الصخيرات المغربية منذ أكثر من عامين، والذي لا يزال قيد التعديل من قبل مجلسي النواب، والأعلى للدولة، حتى الآن، كما ينشغل الرأي العام أيضا بملف الاستفتاء على الدستور والذي يشهد سجال واسعا في ليبيا ويتساءل الجميع الدستور أولا.. أم الانتخابات؟، وغيرها من الملفات السياسية والأمنية الأخرى.

ولتسليط الضوء على تلك القضايا أجرت "بوابة أفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع عضو مجلس النواب أبوبكر أحمد سعيد، للرد على الكثير من علامات الاستفهام التي ينتظر المواطن الليبي، إجابة واضحة عليها.

وحول سبل إيجاد حل أو مخرج لتعديل الاتفاق السياسي، قال سعيد "في البداية، نؤكد أن الأزمة الليبية هي أزمة سياسية بامتياز، وبسببها زادت الأوضاع سوءاً، و
أثرت في كافي مناحي الحياة، وهذا ما كنّا ومازلنا نكرره منذ سنة 2014 م ، ما زاد المشهد تعقيدا، هو تعنت ورفض بعض الأطراف لأي مساعي لحل الأزمة بالطرق السلمية والحوار والتصالح".

وفيما يتعلق بأسباب تأخر تعديل الاتفاق السياسي والحل للوصول لتوافق حوله، قال النائب ابوبكر سعيد "لا أرغب في العودة للخلف ولكن للتذكير فقط، عندما بدأ الحوار في غدامس زادت حدة المعارضة من كلا الجانبين، وأصبح الحوار مع الخصم في ذلك الوقت "خيانة" ورفضوا أي تقارب يُنهي الاقتتال ويوحد المؤسسات، مما أثر سلباً على مجريات الحوار والتأخير في إنجازه، بإصرار وعزيمة الأغلبية الداعمة للاتفاق السياسي من مجلس النواب والمؤتمر الوطني السابق نجحنا في التوقيع على الاتفاق بمدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015م ، الذي توّج فيما بعد بالمصادقة عليه في مجلس النواب في 25 يناير 2016 م وحصوله فيما بعد على دعم واعتراف دولي، ما حدث لاحقاً من تعثر وعرقلة أعتبره صراع على السلطة ومنافسة على المناصب العليا في الوزارات والسفارات والهيئات والمؤسسات وغيرها".

وأضاف النائب، "إن الأسباب وراء تأخر تعديل الاتفاق السياسي كثيرة، لكن في اعتقادي أن أهمها هو فقدان الثقة بين الأطراف السياسية المتحكّمة في المشهد السياسي، ورفض البعض الاعتراف بشرعية الاتفاق السياسي ورفضهم الامتثال لنصوصه أو العمل به، فأصبح البعض يسعى بكل الوسائل لإفشاله، ولعل ما يردده البعض من عدم شرعية الاتفاق السياسي بسبب عدم تضمينه للإعلان الدستوري دون ذكر الأسباب ومن وراء عدم عرضه للتصويت في جلسة رسمية، يعتبر مغالطة وتشويه للحقيقة، لأنهم تناسوا مصادقة المجلس على الاتفاق في جلسة علنية بأغلبية أعضائه أو تفاصيل مناقشة مسألة منح الثقة لحكومة الوفاق في مناسبتين الأولى في يناير 2016 والثانية في إبريل من نفس العام وما جرى خلالهما، لن ندخل في تفاصيل ما حدث في تلك الأوقات والضغوط التي حصلت، وسنترك للتاريخ ولمن كان شاهدًا تدوين التفاصيل".

وعن إمكانية الوصول إلى حل يؤدي إلى توافق ينهي الأزمة ككل، ويخرج البلاد من النفق المظلم الذي تمر به، أكد النائب بوبكر سعيد أن "هناك اعتقادين في هذا الأمر، الأول هو إن بداية الحل تبتدئ بقناعة واعتراف الجميع بعد السنوات العجاف الماضية، وما حدث خلالها من حروب وانفلات أمني، وانهيار مؤسسات الدولة، وانقسام البعض منها، قائلا "لا حل أمامنا إلا الحوار والمصالحة ورأب الصدع، مع الاعتراف أن الخلاف عميق وعميق جداً ويحتاج لجهد ووقت طويل لترميمه ومعالجته بصورة كاملة".

مضيفا: "الاعتقاد الثاني، هو أنه لا حل عملي وواقعي إلا بتضمين الاتفاق السياسي بالإعلان الدستوري، والبدء في تنفيذ بنوده، وأهمها الاتفاق على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية بمشاركة الجميع وتوحيد مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية وتسمية باقي المناصب العليا بالدولة، وفقاً لنص المادة 15 من الاتفاق السياسي".

مشيرا إلى أن ما يشجع على تبني هذا الحل ونجاحه هو دعم وموافقة أغلب أعضاء مجلس النواب عليه، إلا أن ما يقف عائقًا أمام تنفيذ ذلك هو الاتفاق على الآلية الواجب إتباعها  لتشكيل المجلس الرئاسي القادم .

قائلا "إن هذا الموضوع يطول شرحه ولدينا ما نقوله وبتفاصيل دقيقة ولكنّنا نفضل تجاوزها حاليًا، ونركز على النقاط الإيجابية للبناء عليها لإنهاء حالة الانسداد السياسي للدفع باستئناف الحوار من جديد وعقد جلسة ثالثة ونهائية بين مجلسي النواب، والدولة تحت رعاية هيئة الأمم المتحدة بشرط أن تكون حاسمة، على أن يعلن مبعوثها في نهاية المباحثات من هو الطرف المعرقل للحوار وبشكل علني".

وبخصوص الاستفتاء على مشروع الدستور، أكد النائب بوبكر سعيد، أنه" بالتوازي يجب أن يتم الاستمرار في إنجاز باقي الاستحقاقات الدستورية، وأهمها إصدار قانون الاستفتاء على الدستور وعدم السماح بتأخيره خاصة بعد صدور أحكام قضائية، بعدم اختصاص القضاء الإداري بالنظر في الدعاوي المتعلقة بقرارات مشروع الدستور، الأمر الذي يُلزم مجلس النواب كسلطة تشريعية إصدار القانون للمضي في تنفيذ باقي الاستحقاقات القادمة وأهمها الانتخابات الرئاسية والتشريعية".

واختتم أبوبكر سعيد، حديثه، منوها بأن الإعلان الدستوري، وتعديلاته، وكذلك الاتفاق السياسي، جميعها أكدت على أن مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، وهو الجهة المعنية بإصدار القوانين، قائلا "من يقول عكس ذلك لا حجة قانونية لديه، وليس من الصواب معالجة الأخطاء بأخطاء مثلها، وأفضل الحلول برأيي هو الضغط  للإيفاء بالاستحقاقات الدستورية في أسرع وقت، وهذا لن يتأتى إلا بتحرك الجميع والدفع في هذا الاتجاه".