أثارت المبادرة الدبلوماسية الفرنسية الهادفة إلى حل الأزمة الليبية المزمنة حفيظة المسؤولين الإيطاليين الذين رأوا فيها مثالا آخر للتجاهل الذي يمارسه الرئيس المنتخب حديثا ايمانويل ماكرون بحق روما.

وكانت فرنسا أكدت في وقت سابق أنها ستستضيف محادثات يوم الثلاثاء بين فايز السراج رئيس الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس وخليفة حفتر القائد العسكري القوي في شرق البلاد.

وتمسك إيطاليا بزمام المبادرة في الجهود الرامية إلى إحلال السلام في مستعمرتها السابقة في شمال أفريقيا، حيث ألقت بثقلها خلف السراج جاعلة خليفة حفتر محل شكوك كبيرة.

وقال دبلوماسي في وزارة الخارجية الإيطالية رفض الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع : "إن ماكرون يريد أن يكون أكثر انخراطا في ليبيا، وهذا أمر جيد، لكنه شطبنا. و لم تتم استشارتنا".
وأضاف هذا الدبلوماسي أن "هناك غضبا كبيرا إزاء ذلك".

واتهمت المعارضة الإيطالية حكومة رئيس الوزراء باولو جنتيلوني بالسماح للفرنسيين بدفع إيطاليا خارج مقعد القيادة في ما يتعلق بالدبلوماسية الليبية.

وقالت  جورجيا ميلوني، زعيمة حزب "الإخوة الإيطاليون" اليميني، على تويتر بهذا الصدد: "إن اللقاء الليبي الذي تنظمته فرنسا ... يظهر الفشل التام للسياسة الخارجية لإيطاليا". وتابع قائلا : "لقد استبعد ذلك الدور التقليدي لبلادنا كوسيط أساسي مع ليبيا".

بل إن برونو فيسبا، وهو مذيع شهير لأحد البرامج الحوارية الرائدة في إيطاليا، ذهب إلى حد التغريد على تويتر قائلا : إن فرنسا "استباحت واغتصبت وضربت إيطاليا"، مطالبا رئيس الوزرء جنتيلوني ووزير الخارجية أنجيلينو ألفانو بـ "التمرد" على ذلك.

وقال مكتب ماكرون إنه لم يقصد عدم احترام إيطاليا ، وشدد الإليزيه "هذه ليست مبادرة تستثني الآخرين".

وردا على سؤال حول الطريقة التي ينظر بها إلى الخطوة الفرنسية ، قال جنتيلوني ساخرا: "سنرى.. نتمنى أن يكون ذلك إيجابيا".

تحذيرات إيطالية

وكانت حكومة جنتيلوني رحبت ترحيبا حارا بانتخاب ماكرون في مايو، معتبرة أن الوسطي المؤيد لأوروبا يمكن أن يساعد روما على مجموعة من القضايا الشائكة - بما في ذلك كيفية التعامل مع تدفقات المهاجرين الوافدين عبر البحر الأبيض المتوسط.

وفي قمة تريستي هذا الشهر، أقر ماكرون بأن باريس لم تكن دائما مفيدة بقدر الإمكان، لكنه فشل منذ ذلك الحين في أن يقرن القول بالعمل ، وترك الحدود الفرنسية الجنوبية مغلقة تماما أمام المهاجرين الذين يسعون لمغادرة إيطاليا.

وقال رومانو برودى، وهو رئيس سابق للمفوضية الأوربية، إن ماكرون يضع المصالح الفرنسية أولا على حساب إيطاليا، وحذر من أنه بذلك لا يمكن لباريس أن تعول دائما على دعم روما في قلب اوروبا.

وقال برودي لصحيفة "إيل ميساججيرو" الأحد إن "التضامن ربما يكون متناظرا.. لتحصل عليه ،يتعين عليك أن تعطيه" متهما ماكرون بأنه "همّش روما بشكل خاص".

وأعادت إيطاليا في وقت سابق من هذا العام فتح سفارتها في طرابلس ، وكانت أول بعثة دبلوماسية غربية تعود إلى ليبيا بعد الفوضى التي اجتاحت البلاد في أعقاب سقوط الزعيم السابق معمر القذافي.

كما أقامت مستشفى عسكريا بالقرب من مدينة مصراتة غرب ليبيا ، وتقود بعثة الاتحاد الأوروبي حول الهجرة عبر المتوسط والتي بدأت تدريب خفر السواحل الليبي في أكتوبر الماضي.

بيد أن مسؤولا فرنسيا كبيرا أعرب بعد أن تولى ماكرون السلطة، عن خيبة أمله في الدبلوماسية الإيطالية قائلا إن روما كانت مخطئة فى دعم ميليشيات تتخذ من مصراتة مقرا لها. وأضاف أن حفتر يجب أن يعطى دورا بارزا لضمان السلام ، واعترف بأن فرنسا لن تشرك روما في مرحلة أولى.

وقال : "لا يمكننا أن نقول شيئا للإيطاليين لأنهم يعتقدون أن هذا هو موضوعهم". وأضاف "الإيطاليون لن يكونوا سعداء، لكننا سنحتاج ليكونوا طرفا في الحلقة في النهاية".

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة