مر أزيد من عام على إعلان تنظيم "داعش" الارهابي، رسميا، إنشاء فرعه في ليبيا: ولاية درنة، من دون وجود تحركات دولية قوية لوقف تمدد المتشددين في هذا البلد المضطرب أمنيا.

وتبقى مصر، على امتداد سنة كاملة، الدولة الوحيدة التي أعلنت رسميا قصف مواقع التنظيم في ليبيا، عقب إعدام 21 قبطيا مصريا في شباط/ فبراير من العام الماضي.

وأعلن داعش قيام ولاية درنة في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، قبل أن يسيطر على مدينة سرت في أيار/ مايو 2015.

ونشرت مجموعة "سوفان غروب"، الأميركية المتخصصة في الدراسات الاستراتيجية، مؤخرا، تقريرا أمنيا حذر من تحول ليبيا إلى قاعدة جديدة للجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش.

وقال التقرير إن "غياب سلطة مركزية، سمح للجماعات الإجرامية والمتشددة العنيفة بالازدهار، بما في ذلك تنظيم القاعدة وداعش.. ويمثل توسع هذه الشبكات تهديدا خطيرا لأمن المنطقة وللمجتمع الدولي".

وعيد غربي

دفع تعاظم نفوذ داعش في ليبيا الدول الغربية إلى التلويح، أكثر من أي وقت مضى، بإمكانية توجيه ضربات عسكرية إلى مواقع التنظيم في ليبيا.

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما أصدر، الخميس، توجيهات لمستشاريه في مجال الأمن القومي للتصدي لمحاولات تنظيم داعش التوسع في ليبيا.

وتابع البيت الأبيض في بيانه "أصدر الرئيس توجيهات لفريق الأمن القومي لمواصلة الجهود لتعزيز الحكومة ودعم الجهود الراهنة لمكافحة الإرهاب في ليبيا والدول الأخرى، التي يسعى داعش لتأسيس وجود له فيها".

وقبل يومين، صرح المتحدث باسم وزارة الدفاع بيتر كوك، قائلا "نبحث خيارات عسكرية"، في ليبيا.

وكشف كوك أن بلاده أرسلت بالفعل "عددا صغيرا من العسكريين" إلى ليبيا لمحاولة "إجراء محادثات مع قوات محلية للحصول على صورة أوضح لما يحدث هناك على وجه التحديد".

يأتي هذا في وقت أعلنت إيطاليا استعدادها لتوجيه ضربات عسكرية لداعش في ليبيا.

في انتظار حكومة جديد

لكن الدول الغربية تتخوف من أن يؤدي شن غارات جوية على داعش، من دون موافقة ليبية رسمية، إلى إذكاء "الدعاية الجهادية" بحدوث "غزو غربي" جديد، بحسب تصريحات وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي.

وصرحت بينوتي، في اجتماع وزراء دفاع الدول الغربية المشاركة في التحالف ضد داعش، في باريس، الأسبوع الماضي، أن "هناك اتفاقا كاملا على أن أي حكومة موحدة تتشكل في ليبيا ستطلب المساعدة في قتال المتشددين لتفادي إذكاء الدعاية الجهادية بحدوث غزو غربي". ولحد الساعة لم ينجح الفرقاء الليبيون في تشكيل حكومة موحدة.

ورفض البرلمان الليبي، المعترف به دوليا، اقتراح الأمم المتحدة لتشكيل حكومة موحدة في ليبيا في وقت سابق هذا الأسبوع. لكن "الوضع الطارئ"، على حد قول الوزيرة الإيطالية، وفشل جهود تشكيل حكومة موحدة، قد يدفع الدول الغربية إلى تغيير استراتيجيتها.

وقالت روبرتا بينوتي، في تصريح جديد، الخميس، "إن الدول الغربية مستعدة لقتال تنظيم داعش في ليبيا حتى إذا أخفق الليبيون في تشكيل حكومة موحدة قريبا".

نفوذ متزايد

وكشفت صحيفة "ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﺗﺎﻳﻤﺰ" الأميركية، ، أن ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻛﺜفت من عمليات ﺟﻤﻊ المعلومات الاﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ.

ورجحت الصحيفة أن تكون ﺇﺩﺍﺭﺓ الرئيس ﺃﻭﺑﺎﻣﺎ ﺗﺨﻄﻂ ﻟﻔﺘﺢ جبهة ثالثة ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺩﺍﻋﺶ. واستغل تنظيم داعش المتشدد حالة الفوضى التي أعقبت إطاحة القذافي، قبل خمس سنوات، لترسيخ وجوده في مدينة سرت.

ونفذ مقاتلوه هجمات عدة على منشآت نفطية هذا الشهر. وتعاظم نفوذ التنظيم المتشدد لدرجة جعلت وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر يتخوف من تكرار سيناريو ما حدث في سورية والعراق.

وقال كارتر، في مؤتمر صحافي، إن تنظيم داعش يقيم مواقع تدريب في ليبيا ويستقبل مقاتلين أجانب في أسلوب مماثل لما فعله في العراق وسورية، خلال الأعوام المنصرمة.

وتابع: "لا نريد أن نكون على طريق يقودنا لوضع مثل سورية والعراق. وهذا ما يجعلنا نراقب الأمر عن كثب. هذا ما يجعلنا نطور خيارات لما قد نفعله في المستقبل."

لكن الوزير الأميركي أوضح، في المقابل، أن الولايات المتحدة لم تتخذ بعد قرارا بشأن القيام بعمل عسكري في ليبيا. ونشرت تقارير صحافية أنباء عن شروع التنظيم في نقل عدد من مقاتليه وإدارته إلى مدينة سرت الليبية، بعد كثافة الضربات الجوية ضده في العراق وسورية. وكثف تنظيم داعش، خلال هذه السنة، هجماته على مناطق "الهلال النفطي" على امتداد الساحل الشمالي لليبيا، وسيطر على منشآت نفطية.