أخيرا وبعد حوالى الشهر أفرجت بوكو حرام عن ١٠٤ من الفتيات اللاتي تم اختطافهن، حيث بات اختطاف الفتيات أسلوب وسلاح جماعة بوكو حرام من أجل البقاء، فعلى الرغم من تعرض الجماعة في الآونة الأخيرة لسلسلة من الانتكاسات والانقسامات، إلا أن التنظيم لا يزال حتى الآن الأكثر خطورة ودموية في الغرب الأفريقي ولنيجيريا خاصة، حيث يمثل كارثة قومية، وضعف قدرته على التمدد لدول الجوار، جعلته يتجه نحو مزيد من الراديكالية والتطرف وإساءة استغلال النساء وممارسة القهر والإجرام في حقهن، بعد أن أصبحت عمليات الاختطاف تجارة رابحة ومصدر رئيسي للتمويل، إذ يتم استخدام المخطوفين في المقايضة مع الحكومة لإطلاق سراحهن مقابل مبالغ مالية ضخمة، أو لتبادلهن مع المقبوض عليهم من الجماعة.

تشكل "بوكو حرام" تهديدا مستمرا للمجتمعات في شمال شرقي نيجيريا، وتطال هجماتها المدارس والمساجد والأسواق التجارية، معتمدة في ذلك على استخدام قنابل بشرية من الأطفال والنساء، وتشير الإحصاءات إلى أن جماعة بوكو حرام قامت حتى الآن بحوالي 38 عملية اختطاف جماعي على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وآخرها كان الأسبوع الأخير من شهر فبراير الماضي، حيث اختطفت جماعة "بوكو حرام" الإرهابية 111 فتاة، خلال هجوم إرهابي على مدرسة في ولاية يوبي شمال نيجيريا، وحينها تضاربت المعلومات بشأن إنقاذهن، وسادت الولاية حالة من الغضب والاستياء الشديدين لنجاح جماعة بوكو حرام الإرهابية في اختطاف عشرات من هؤلاء الطالبات.

الموقف أعاد للأذهان مأساة حوالي 300 طالبة بإحدى مدارس مدينة تشيبوك النيجيرية اللاتي واجهن محنة اختطاف مماثلة في عام 2014 ولا يزال بعضهن في عداد المفقودات حتى الآن.

الاستياء والغضب الشعبي تجاه حادث الاختطاف الأخير، عززه وعد الرئيس النيجيري "محمد بخاري"، أثناء الاستحقاق الرئاسي النيجيري في عام 2015، حيث تعهد بأنه سيقضى على تنظيم بوكو حرام الذي حصد أرواح 20 ألف وتسبب في تشريد مليوني مواطن منذ عام 2009، ولم تفلح تأكيداته بأن الدولة ستكثف جهود قوات الجيش والشرطة وتستخدم الطائرات للبحث عن المختطفات في بث الطمأنينة في نفوس أولياء أمور الطلبة الذين تشككوا في قدرة الرئيس على تأمين المناطق الريفية والبعيدة في أقاليم شمال شرق نيجيربيا التي تتخذها بوكو حرام معاقل لها.

وبوكو حرام جماعة مسلحة متطرفة تتبني الفكر السلفي الجهادي وتعنى كلمة بوكو حرام (التعليم الغربي حرام)، وهي كلمة مؤلفة من شقين الأول منهما (بوكو) وتعني باللغة الهوسية "دجل" أو "ضلال"، وتشير إلى "التعليم الغربي"، والثاني (حرام) وهي كلمة عربية وتعني التحريم، والمصطلح إجمالا يؤشر إلى "منع التعليم الغربي".

وتنشط جماعة "بوكو حرام" شمال شرق نيجيريا، وهي تعارض النموذج الغربي في التعليم، وتقوم النيجر والكاميرون وتشاد بمساعدة نيجيريا في مقاومة هذه الجماعة وتنفيذ عمليات عسكرية ضدها، وبدورها ترد الجماعة بهجمات إرهابية تسفر عن وقوع العديد من الضحايا.

وقد تأسست جماعة بوكو حرام في يناير 2002، على يد محمد يوسف، المؤسس لقاعدة الجماعة المسماة ' أفغانستان"، في كناما، ولاية يوبه، ويدعو يوسف إلى الشريعة الإسلامية وإلى تغيير نظام التعليم، وعلى حسب قوله: "هذه الحرب التي بدأت الآن سوف تستمر لوقت طويل"، وعرف عن الجماعة في باوتشي رفضها الاندماج مع الأهالي المحليين، ورفضها للتعليم الغربي والثقافة الغربية، والعلوم، وتحتضن القادمين من تشاد يتحدثون اللغة العربية فقط، وفي عام 2009 بدأت الشرطة النيجيرية في التحري عن الجماعة، بعد تقارير أفادت بقيام الجماعة بتسليح نفسها، وتم القبض على عدد، من قادتها في باوتشي، مما أدى إلى اشتعال اشتباكات مميتة بين قوات الأمن النيجيري وبين جماعة بوكو حرام من وقت لآخر، ويقدر عدد الضحايا بحوالي 150 قتيلا.

وفي عام 2014 أعلنت بوكو حرام الخلافة في مدينة غووزا شمال نيجيريا، وفي عام 2015 قبلت داعش بيعة بوكو حرام التي كانت قد أعلنت بيعتها عبر بثها شريط صوتي على الشبكة العنكبوتية.

والقائد الحالي لجماعة بوكوحرام هو أبو مصعب البرناوي الذي عينه تنظيم (داعش) واليا على ولاية غرب أفريقيا في عام 2016، خلفا للوالي السابق أبي بكر شيكاو، ويتم وصف هذه الجماعة ب "طالبان نيجيريا "، وهي مجموعة مؤلفة من طلبة تخلوا عن الدراسة، وأقاموا لهم قاعدة لهم في قرية كاناما بولاية يوبه شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر.